مجزرة إهدن لن تتكرر… ولو تغيّرت التسميات
بعقل بارد تحدّث الوزير السابق سليمان فرنجية عن الذكريات التي قال إنها لا تبرد وتحفظ حرارتها رغم مرور خمس وأربعين سنة للدماء التي نزفت في 13 حزيران 1978، وهي دماء الشهداء، وفي طليعتهم والده ووالدته وشقيقته الطفلة جيهان.
العقل البارد هو العقل الوطني المتمسك بلغة المصالحة والمسامحة لا النسيان، النسيان يوقعنا في تكرار الخطيئة والجريمة، والمصالحة والمسامحة تعبران بنا الى رحاب الوطن، لأنه وطننا ولا نستطيع الوقوف عند الماضي مهما كان أليماً وقاسياً، ومهما اتصف الذين نسامحهم ونمدّ لهم يد المصالحة بالنكران والجحود والبقاء في الخنادق بانتظار فرصة قتل جديدة.
نجح فرنجيّة برسم لوحة جوهرها، أن القيادات المسيحية التي اجتمعت عام 1978 تحت شعار وحدة القرار المسيحي وشق الرئيس سليمان فرنجية عليها عصا الطاعة، كانت على اختلافاتها متفقة على معادلة واحدة، هي ابتزاز المسيحيين للحفاظ على مواقع القيادة بلغة الخوف، وابتزاز الشريك المسلم بلغة الغبن. والمعادلة هي الهيمنة أو التلويح التقسيم، والمهم شطب أي زعامة مسيحية لا تقبل هذه المعادلة وتقدم الطمأنينة بلغة الشراكة للمسيحيين والمسلمين، وبعدها لا مانع من العودة إلى التقاتل على مَن يكون الرقم الأول في الخوف والغبن والكانتون ومن يكون حاكم الكانتون، حتى لو صار اسمه انتخاب النواب المسيحيين بأصوات المسيحيين ومن بعدها انتخاب رئيس الجمهورية المسيحي بأصوات النواب المسيحيين، أو صار اسمه لامركزية مالية موسعة، لأن المرونة في طروحات الفدرالية والتقسيم والكانتون في الشكل لا في الجوهر. وحروب الإلغاء تؤكد التقاطع الانتهازي المتكرر مراراً، في كل مرة يكون هناك فرصة متاحة أمام زعامة مسيحية جدية تتهيأ لدور وطني كبير. وهذا الذي جرى عام 1978 ويتكرّر اليوم.
طبعاً، ليس مهماً ما يقوله رئيس حزب القوات اللبنانية. وهو على الأرجح لن يقول شيئاً كي لا يعيد صورته تلك الى الذاكرة، لكن ما قاله رئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل المعني بما قاله الوزير فرنجية، كان مهماً لجهة التضامن والتقدير والحديث عن الخطيئة والجريمة وإشارته الى النفوس الكبار، لكن الأهم هو أن يقرأ بتمعّن ما قاله فرنجية ويتساءل عما إذا كان ينخرط فعلاً في لعبة الكانتون والخوف والغبن، من حيث يدري أو لا يدري، ولا تزال فرصة التموضع في الوسط، كما يقول الموقف الأصلي للتيار، متاحة الأربعاء.
التعليق السياسي