ماذا بقي أمام باسيل وجنبلاط؟
ناصر قنديل
– انتهى وقت النقاش في الصح والخطأ في الخيارات، وقد أعلن كل فريق خياره. والواضح أن هناك أغلبية تقف خارج المعسكر المؤيد لترشيح سليمان فرنجية الذي يملك ما يسمح له بتعطيل النصاب، وقد منحته مواقف الذين اجتمعوا في دارة المرشح المنسحب ميشال معوّض طوال شهور قبل إعلان ترشيح جهاد ازعور، ما يكفي من المشروعية لممارسة حق تعطيل النصاب، بعدما قال قادة هذه النواة الصلبة لترشيح أزعور بـ 32 نائباً تلاقوا على استبدال معوض بأزعور، إنهم مستعدون لتعطيل النصاب لألف عام إذا لمسوا أن هناك فرصة لفوز من وصفوه بمرشح الممانعة سليمان فرنجية، وبالتالي كما في حالة السنتين ونصف ناقص شهر في حالة ترشيح العماد ميشال عون، فإن التحالف الذي يمثل حزب الله نواته الصلبة في حالتي ترشيح عون وفرنجية لا يملك الغالبية اللازمة للفوز، لكنه يملك قدرة التعطيل ومستعدّ لاستعمالها حتى النهاية. وهذا هو المشهد الرئيسي الذي ينتظرنا الأربعاء.
– في قلب الغالبية غير المؤيدة لفرنجية، ثلاثة تيارات، تيار النواة الصلبة لترشيح أزعور بقيادة القوات اللبنانية، وتيار السعي لتسمية مرشح ثالث غير ازعور وفرنجية طلباً للحوار والتوافق، وتيار يضم الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر، يدعم أزعور ويدعو للتوافق، والواضح أن جماعة تسمية المرشح الثالث هم العقلاء الذين يملكون منطقاً متماسكاً يقول إن لا مكان لرئيس دون توافق، وإن رفع نسبة التصويت لأزعور طالما انها لا تضمن الفوز بغياب القدرة على تأمين النصاب، فهي مجرد خطوة تصعيدية عدائية بوجه مؤيدي فرنجية تعقد فرص التوافق، ولن تؤدي لإلزامهم بتأمين النصاب، والترشيح الثالث لا يملك ما يقول إنه يمكن أن يصبح رئيساً، أو يمكن ان يتم التوافق عليه، لكنه يكسر حدة المناخات العدائية بالقول إن هناك استعصاء لا غالب ولا مغلوب فيه، ما يتيح البحث بحل لا غالب ولا مغلوب فيه.
– الذين يضغطون على جماعة الترشيح الثالث للمشاركة في تسمية أزعور تحت شعار أن تحقيق رقم مرتفع لأزعور يفتح طريق التوافق لأنه يحشر داعمي فرنجية، يعرفون أنهم يكذبون. فالتفاوض كلما زادت أصوات أزعور صار بيد الخارج وليس بيد الداخل، والأميركي واقف وراء الباب، ليقدّم العروض، ماذا تريدون للتخلي عن فرنجية والقبول بقائد الجيش، أو السير بأزعور، والأهم ماذا ستعطون لقاء تسهيل انتخاب فرنجية وتعامل المعترضين مع عهده بإيجابية، ولا وظيفة للسعي لتجميع رقم مرتفع لأزعور إلا فتح الطريق لهذا التفاوض، بعدما انتهى التفاوض الأميركي الفرنسي السعودي، بتنازل أميركي أمام السعودية في ملف سورية، وفتح طريق الحلحلة لفرنسا مع إيران، مقابل ترك ملف الرئاسة في لبنان للأميركي ليفاوض، وموضوع التفاوض قواعد الاشتباك مع كيان الاحتلال. وهذه وظيفة التصعيد في مزارع شبعا لمن لا ينتبه، مع إصرار جيش الاحتلال على وضع قواعد لجدار العزل داخل الأراضي اللبنانية المحتلة، خلافاً للقرار 1701 الذي دعا لحل قضية مزارع شبعا عبر حل خاص يضعه الأمين العام للأمم المتحدة، وقد وضع الحل الخاص ايام الأمين العام بان كي مون، وقبله لبنان وقبلته سورية وقبلته المقاومة، ويقول بنقل مسؤولية مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من بلدة الغجر إلى الأمم المتحدة ريثما يتم التوصل إلى حل لقضية الجولان، والاحتلال هو الذي رفض الحل ويتسبّب اليوم بالتصعيد، فاتحاً الباب للدخول الأميركي للتفاوض. ووظيفة حجم التصويت لأزعور منح المشروعية لهذا التفاوض.
– نصل إلى موقف كل من رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط، وهما يقولان إنهما يهدفان التوصل إلى توافق على الرئيس، وأن دعمهما لترشيح أزعور لا يقصد بالضرورة إيصاله إلى الرئاسة، لأنهما يرشحانه من ضمن لائحة أسماء للتوصل إلى التوافق، وبالتأكيد لا يهدف الترشيح الى السعي للفوز بالمكاسرة على مؤيدي فرنجية وفي طليعتهم ثنائي حركة أمل وحزب الله. وقد بات معلوماً أن منطقة التصويت المتوقعة لصالح فرنجية تتراوح بين 45 و50 صوتاً، وهي كافية لمنع انتخاب رئيس ولو تمّ جمع كل باقي النواب لمرشح واحد. وبالمقابل بات معلوماً أن رقم الـ 35 نائباً هو ما يحققه أزعور دون تصويت كل من التيار الوطني الحر واللقاء الديمقراطي، اللذين يملكان معاً 25 صوتاً. فما هي طبيعة التصويت التي تفتح طريق التوافق؟ وما هي الطريقة التي تقدم أوراق الاعتماد للأميركي ليبدأ التفاوض؟
– الواضح أن هناك نقاشاً جدياً في التيار الوطني الحر، وأن في اللقاء الديمقراطي مناخ يتيح الحركة أمام رئيسه النائب تيمور جنبلاط، وأن الخيار المثالي إذا كان جنبلاط وباسيل يريدان التمهيد للتوافق هو أن يعلنا أنهما يؤيدان ازعور لكنهما لن يتخذا قرار الإلزام بالتصويت له في الدورة الأولى، بل سيتركان الحرية للنواب في هذه الدورة، وسوف يذهبان للإلزام عندما تنعقد الدورة الثانية لأن هذا وحده يعني فرصة فوز في ظل وجود نصاب يعبر توفره عن شرعية سياسية ودستورية قرّر مؤيدو فرنجية منحها لإمكانية تمرير رئيس من خارج خيارهم. ومثل هذا القرار يتيح إدارة تصويت تضمن توفير بين 10 و15 صوتاً إضافياً للـ 35 لصالح أزعور ما يحقق توازناً مع اصوات فرنجية، ويحفظ التوازن الذي يبقي التفاوض داخلياً، كما يتيح القول بصدق نيات ربط الانتخاب بالتوافق، ويؤكد أن تبني خيار ازعور لم يكن ضمن اصطفاف خارجي ضد المقاومة، ويريح الأوضاع الداخلية لكل من الاشتراكي والتيار الوطني الحر، حيث هناك آراء لا تحبّذ خيار المواجهة مع الثنائي وداعمي فرنجية.
– الكل سوف يراقب طريقة تصرّف جنبلاط وباسيل، ليعرف أشياء كثيرة ويبني عليها أشياء كثيرة. فالرئيس نبيه بري يريد أن يعرف حجم الافتراق مع جنبلاط، وحزب الله يريد أن يعرف حجم الافتراق مع باسيل. وفي الحالتين يريد بري وحزب الله معرفة مع مَن يفاوضان، مع الداخل أم الخارج؟ هذا ما ستقوله الأصوات يوم الأربعاء.