وهن اللّكمة القاضية وقوّة الأسود المنفردة
} شوقي عواضة
على مدى أسبوعين باشرت هيئة الأركان في جيش العدوّ الإسرائيليّ مناورات «اللّكمة القاضية» التي تحاكي القتال على جبهاتٍ وساحاتٍ متعدّدة برّاً وبحراً وجوّاً وعلى السايبر في عمليّة اختبار لقدرات جيش العدوّ على الاستعداد لمعركة طويلة الأمد على عدّة جبهاتٍ وفقاً لما أعلنه المتحدّث باسم جيش العدوّ الاسرائيلي. ووفقاً لصحيفة «يديعوت أحرونوت» فقد تمّ حشد عشرات الآلاف من الجنود من النّظام والاحتياط في إطار المناورات التي اطلع عليها قائد القيادة المركزيّة للجيش الأميركي الجنرال مايكل كوريلا وشارك في تقييمات للوضع مع وزير الحرب غالانت ورئيس هيئة الأركان الجنرال هرتسي هاليفي في الكرياه وناقشا التّعاون مع الجيش الأميركيّ وتعميق القدرات العملياتيّة المشتركة وخطط العمل وتنسيق العمليّات بعد زيارتهما المنفصلة للقيادة الشماليّة في الجيش الإسرائيليّ في إطار المناورات التي يشارك فيها لأوّل مرة قسم تكنولوجيا المعلومات والإتصالات، حيث سيتمّ ممارسة تشغيل خلايا التحكّم الطيفي في جميع الأقسام والأوامر في الجيش الإسرائيليّ في عمليّةٍ تهدف إلى تكوين صورةٍ ظرفيّةٍ في مجال الحرب الإلكترونيّة.
وفي حين تمّ الكشف عن تفاصيلَ جديدةٍ لتمرينٍ أجرته الجبهة الداخليّة ضمن مناورة «اللّكمة القاضية» حيث حاكي التمرين قصفاً صاروخيّاً مكثّفاً وشنّ هجمات بواسطة طائرات مُسيّرة من قطاع غزّة ولبنان وسورية واليمن والعراق وإيران، في أعقاب شنّ «إسرائيل» هجمة جويّة استباقيّة ضدّ إيران وحزب الله في لبنان ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية أنّ الأهداف من مناورة «اللّكمة القاضية» هي التعلّم من أخطاء الجيش الرّوسي.
حيث ركّز الجيش الإسرائيلي على تنفيذ هجومٍ مفاجئٍ على حزب الله في لبنان وقواعده ومنشآته والتّركيز على تدميرها سريعاً من قبل وحدات النخبة بدلاً من التوغّل الكبير بدبابات بطيئة الحركة. وكمحاكاة لضربةٍ استباقيّةٍ من جيش العدوّ «الإسرائيلي» الذي أجرى ضمن المناورات عمليّة إخلاء المستوطنات القريبة من الحدود الشّمالية خوفاً من تسلّل قوّات الرضوان التابعة لحزب الله إلى هذه المستوطنات في أيّ حربٍ قادمةٍ وتنفيذ عمليّات خطف وقتل وإطلاق صواريخ ثقيلة قصيرة المدى نحو هذه المستوطنات.
وفي حين علّق المراسل العسكريّ الصّهيوني نوعم امير على المناورات عبر شاشة القناة 14 العبرية قائلاً: لقد قمت بتغطية الكثير من مناورات الجيش على مدار عشر سنوات، وشاهدت الكثير من المناورات، ومناورات مشتركة مع الأميركان ومع 6 دول ومع 8 دول ومع دول امتنعت من الإفصاح عن مشاركتها. لكن بالنّسبة إلى مناورات (اللّكمة القاضية) وسيناريواتها المرعبة التي لا أذكر متى تمّ القيام بمناورةٍ مثلها سابقاً، اذ أنّ أحد سيناريوات المناورة تحاكي سقوط 2000 صاروخ في اليوم على الجبهة الدّاخليّة، ومهاجمة 2000 هدف في عمق لبنان، وطائرات تجري طلعات جويّة من لبنان إلى غزة وتنفذ هجماتٍ جويّةٍ مكثّفةٍ، من خلال عدّة مواقع أخرى هنا في الشرق الأوسط. وبذلك فإنّ الجيش تدرّب على جميع السيناريوات ولم يترك أيّ سيناريو، حيث تمّ تنفيذ هذه المناورة لأوّل مرّة بحجم قوّات غير مسبوق، وممّا أفهمه فإنّ هذه التّدريبات هي البداية فقط في مخطّط تدريبات الجيش «الاسرائيلي».
ويبدو ممّا سبق أنّ الكيان الصّهيوني المؤقّت يترقّب معركة وحدة السّاحات ويقيم لها حساباتها الخاصّة وموازينها ومعادلاتها ضمن الحرب الشّاملة التي قد تكون آخر حروب الكيان المؤقّت. فبالرغم من ضخامة المناورات التي أجراها جيش العدوّ بإمكانيّاتها العسكريّة المفتوحة المتطوّرة جدّاً، ثمّة وقائع تظهر عجز الكيان وضعفه رغم كلّ ما يمتلكه من ترسانةٍ عسكريّةٍ وحلفاء وفقاً لما يلي:
1 ـ تكرّر الإخفاقات العسكريّة لجيش العدوّ من خلال فشله في تحقيق أيّ هدف خلال المعارك السّابقة لا سيّما في سيف القدس ووحدة السّاحات وثأر الأحرار.
2 ـ عجز (الجيش الذي لا يهزم) عن وضع حدّ للعمليّات المتزايدة في الضّفة والدّاخل أو القضاء عليها وعجزه عن السّيطرة على قطاع غزّة.
3 ـ وضوح التخبّط لدى قيادة العدوّ السّياسيّة والعسكريّة لعدم قدرتها على ضبط الحدود الذي تجلّى بعمليتي مجدو على الحدود اللبنانيّة ومعبر العوجة في سيناء المصريّة مؤخّراً.
4 ـ إنّ مناورات (اللّكمة القاضية) هي محاولة لإحياء الرّوح القتاليّة في نفوس الجنود الصّهاينة المنهزمين على أيدي (الأسود المنفردة) في الضّفة.
كلّ تلك الوقائع تؤكّد أنّ جيش العدوّ الذي لا يزال يلملم هزائمه في الضّفة الغربيّة والقطاع والداخل دون تحقيق أيّ إنجاز أو تقدّم سيعجز عن تسجيل أيّ انتصار في أيّة معركةٍ قادمة سواء كانت من جبهةٍ واحدةٍ أو من جبهاتٍ متعدّدةٍ. وتلك حقيقة يقرّ بها بعض القادة والمحلّلين العسكريين الصّهاينة ومنهم محلّل الشّؤون العسكريّة روعي شارون الذي يعترف بتلك الحقيقة مقدما الخلاصة التي تقول: هناك إدراك في المؤسّسة الأمنيّة يقول إنّ النّشاط الهجومي الذي قام الجيش والمؤسّسة الأمنيّة بتنفيذه في هذا العام لم يحقق النّتائج المطلوبة رغم أنّه كان هناك الكثير من عمليّات الاعتقال والاقتحام والاغتيال لكن في نهاية المطاف انّ عدد الإنذارات بارتفاع متواصل وكذلك عمليّات إطلاق النار في شمال الضّفة الغربيّة وهذا يعني أنّ كلّ النّشاطات (الإسرائيليّة لم تفلح في خفض مستوى العنف والإرهاب).