فرنجيّة يُفشِل مخطّط تقاطع الأضداد في المُنازلة الانتخابيّة الكبرى ويُثبِّت ترشيحه للرئاسة برّي: لحوار بلا شروط تحت سقف الدستور يُحافظ على الميثاقيّة والشراكة
مُنيَ فريق الأضداد المتقاطعة على ترشيح المسؤول في صندوق النقد الدولي الوزير السابق جهاد أزعور لرئاسة الجمهوريّة، المدعوم أيضاً إقليميّاً ودوليّاً، بهزيمة مدوّية في معركته لإقصاء رئيس «تيّار المردة» سليمان فرنجيّة عن الترشّح للمنصب المذكور في الدورات الانتخابيّة المقبلة، إذ جاءت نتيجة التصويت المتقاربة في عدد الأصوات لكلا المرشّحين، في المُنازلة الانتخابيّة، جلسة الأمس، لتُكرّس فرنجيّة مرشّحاً ثابتاً وقويّاً مدعوماً من قوى وازنة في المجلس النيابي والساحة السياسيّة عموماً وحتى في مناطق نفوذ التحالف المضاد.
كذلك أظهرت النتيجة هشاشة التقاطع المذكور، الذي تجمّع بدافع المكاسب السلطويّة الموعود بها وغيرها من المغريات. وقد عكس تلك الهشاشة، إطلاق اتهامات مبطّنة لبعض المنضوين في التقاطع بعدم الالتزام باتفاق التصويت لأزعور، بعدما بدا الفارق واضحاً وصادماً لعرّابي ترشيحه، بين عدد الأصوات الذي أكّد مراراً أنه مضمون لأزعور وهو يُقارب الـ65 صوتاً مُقابل 45 صوتاً فقط لفرنجيّة، فأتت حصيلة التصويت: 51 صوتاً لرئيس «المردة» و59 صوتاً فقط لموظّف صندوق النقد.
وكانت الجلسة الثانية عشرة لانتخاب رئيس الجمهوريّة انعقدت الساعة الحادية عشرة من قبل ظهر أمس برئاسة رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي وضور 128 نائباً وافتتحها الرئيس برّي بطلب الوقوف دقيقة صمت عن روح النائب الراحل إلياس سابا.
بعدها، تُليت مواد الدستور المتعلّقة بانتخاب رئيس الجمهوريّة، ثمّ طلب النائب ملحم خلف الكلام بالنظام، فقال برّي «ممنوع مناقشة أيّ أمر، إلاّ أنّ خلف تمنّى على برّي إبقاء الجلسات الانتخابيّة مفتوحة، فقاطعه برّي قائلاً «خلص يا ملحم».
ومن ثمّ بدأ توزيع الأوراق الـ128 وبوشر بالاقتراع، بدءاً بمحافظة بيروت ومحافظة جبل لبنان ثم محافظة الشمال، ثم محافظة الجنوب فمحافظة البقاع.
وأسفرت نتيجة عن حصول أزعور على 59 صوتاً ، فرنجيّة (51)، زياد بارود (6)، جوزاف عون (1)، جهاد العرب (1 ملغاة)، لبنان الجديد (8)، ورقة بيضاء (1).
وخلال عملية التأكد من عدد الأوراق الموجودة في صندوق الاقتراع، توجّه نائب رئيس المجلس النيابي إلياس بو صعب إلى رئيس المجلس، بالسؤال عن حقّ النوّاب في مراقبة عملية الفرز حيث تُجرى العمليّة، فأجاب برّي «يجوا شو المشكلة». وقد أشرف على عملية الفرز نوّاب من كلّ الكتل.
ودار سجال قبل أن يرفع الرئيس برّي الجلسة بسبب فقدان النصاب، حول نتيجة ورقة اقتراع، حيث أظهرت عملية الفرز نتيجة لـ127 ورقة من أصل 128، وهنا طالب عدد من النواب بإعادة التصويت وطالب البعض الآخر بإعادة فرز الاصوات، لحسم الجدل، إلاّ أنّ الرئيس برّي، رفض الأمر، وقال «ورقة لا تُقدّم ولا تؤخّر في النتيجة»، خصوصاً أنّ النصاب فقد، وقال إنّ زياد بارود نال 7 أصوات لا 6. وقال النائب نعمة أفرام أنّ الورقة الـ128، كانت من نصيب «لبنان الجديد»، فيما تردّد أيضاً أنّ «الصوت الـ128 الضائع» هو مغلف فارغ من أيّ ورقة والأمين العام لمجلس النواب أبلغ ذلك لنواب من مختلف الكتل في اجتماع في مكتبه.
وبعدما تبيّن فقدان النصاب طلب الرئيس برّي تلاوة محضر الجلسة فتلي ثم صُدّق من دون تحديد موعد جديد لجلسة الانتخاب.
وعقب الجلسة، قال الرئيس برّي في بيان «بعد جلسة اليوم، كفى رمياً بكرة المسؤوليّة على هذا الطرف أو ذاك في إطالة أمد الفراغ، ولنعترف جميعاً بأنّ الإمعان بهذا السلوك والدوران في هذه الحلقة المفرغة وانتهاج سياسة الإنكار لن نصل إلى النتيجة المرجوّة التي يتطلّع إليها اللبنانيون والأشقاء العرب والأصدقاء في كلّ أنحاء العالم، الذين ينتظرون منّا أداءً وسلوكاً يليق بلبنان وبمستوى التحديات والمخاطر التي تهدّده، وأنّ بداية البدايات لذلك هو الإسراع بانتخاب رئيس للجمهوريّة وذلك لن يتحقّق إلاّ بالتوافق وبسلوك طريق الحوار … ثم الحوار … ثم الحوار».
أضاف «نعم حوار بدون شروط لا يُلغي حقّ أحد بالترشّح. حوار تتقاطع فيه إرادات الجميع حول رؤية مشتركة لكيفيّة إنجاز هذا الاستحقاق من دون إقصاء أو عزل أو تحدٍّ أو تخوين. حوار تحت سقف الدستور يُحافظ على الميثاقيّة والشراكة».
وختم الرئيس برّي «آن الأوان لكي يمتلك الجميع الجرأة والشجاعة من أجل لبنان بسلوك هذا الطريق فهل نحن فاعلون؟».
فرنجيّة وأزعور
وتعليقاً على نتيجة الجلسة، قال فرنجيّة عبر تويتر «كلّ الشكر للنواب الذين انتخبوني وللرئيس نبيه برّي وثقتهم أمانة، كما نحترم رأي النوّاب الذين لم ينتخبوني وهذا دافع لحوار بنّاء مع الجميع».
بدوره تقدّم أزعور «بالشكر والتقدير من جميع النواب الذين أولوني ثقتهم من خلال تصويتهم لي في الدورة الأولى من جلسة اليوم»، متمنّياً «أن يكون المشهد الجديد حافزاً على التلاقي على خيار إخراج لبنان من الأزمة، وعلى المضيّ في العمليّة الانتخابيّة من أجل مصلحة الشعب اللبناني».
تقويم الجلسة
وصدرت مواقف تقويميّة للجلسة عن عدد من النوّاب.
وقال نائب رئيس مجلس النوّاب إلياس بو صعب «عندما كان يحصل العدّ، كان هناك كلام لم نسمع. ويمكن في هذا الموضوع صار هناك فرق اسم، لكن ما أؤكده طلبنا أن نعيد العدّ في القاعة لكن هناك مجموعة من النواب «عدوا» ومؤكد ما حصل غير مقصود».
ولمن أعطى صوته،أجاب «التصويت وفق الدستور هو الأنسب، كلّ الخيارات حقّ للنواب».
وقال النائب هاغوب بقردونيان «قبل الدخول إلى الجلسة كنتُ أتذكّر كلمة رئيس الحكومة الشهيد رفيق الحريري بايقاف العدّ»، معتبراً أنّ «هذه الجلسة إشارة بأنه من خلال العدّ لا يمكن انتخاب رئيس الجمهوريّة ولا الإكمال في مسيرة البلد» معتبراً أنّ «المصلحة الوطنيّة أهمّ من منطق العدّ ولم نكن بحاجة لهذه المعمعة لنبدأ الحوار».
ورداً عن سؤال عن سبب انتخاب كتلة نوّاب الأرمن لفرنجية، أجاب بقرادونيان «مَن قال أنّنا صوّتنا لسليمان فرنجية؟». وختم بقرادونيا «أوقفوا منطق التنمّر الصحافي».
ورأى رئيس تكتّل نوّاب بعلبك – الهرمل النائب حسين الحاج حسن أنّ «العملية الانتخابية جرت، والنتائج اصبحت معروفة وكلّ نائب أدلى بصوته، والنتيجة لم تؤدِّ إلى انتخاب بسبب الانقسام الحاصل، وقبل نهاية العهد كنّا ندعو إلى الحوار والتفاهم. ونحن كنّا وما زلنا مع مرشحنا وندعو إلى الحوار والتلاقي ولدينا مرشحنا الذي ندعمه والذي صوّتنا له اليوم».
واعتبر النائب علي حسن خليل أنّ «هذا اليوم هو انتصار للمعركة الديموقراطيّة ولحلف يحمل مشروعاً سياسيّاً واضحا». وقال «الانتصار اليوم هو انتصار المشروع في مقابل تقاطع عناصره قالوا إنّ هذا تقاطع مرحلي ينتهي مع هذه الجلسة». وأكد خليل أنّ «الحلّ لا يحدث إلاّ بالتوافق بين الأفرقاء السياسيين كافّة لإيصال رئيس يُمثّل الجميع»، مطالباً الفريق الآخر بإعادة النظر جديّاً والتحاور للوصول إلى نتيجة.
واعتبر النائب قاسم هاشم «أنّ المفاجأة كانت للفريق الآخر ومنذ البداية لم ندخل في لعبة الأرقام»، مشيراً إلى أنّه «يجب أن يعترف الجميع أنّ هذا البلد قائم على التوازنات». ورأى أنّ «من رفض الحوار الذي دعا إليه الرئيس برّي في وقت سابق «يتحمّل مسؤولية ما وصلت اليه الأمور اليوم».
وقال النائب عبد الرحمن البزري «صوتنا للوزير السابق زياد بارود لأنّه خارج الاصطفافات السياسيّة»، فيما أكّد أمين سر كتلة «اللقاء الديموقراطي» النائب هادي أبو الحسن، أن «اللقاء» كان في غاية الوضوح في موقفه الذي عاد وعبّر عنه بعد اجتماعه الأخير، «وكلّ نواب اللقاء هم على موقف واحد وقرار واحد وصوت واحد، وترجموا ذلك بالتصويت جميعهم للمرشح جهاد ازعور وفق الأسس التي تضمنها بيان اللقاء، ولم يحصل أي توزيع في الاصوات كما حاول البعض إيهام الرأي العام، وليوقف هذا البعض الأدوار الملتبسة والمشبوهة الهادفة إلى خلق إشكاليّات في غنى عنها».
وغرّد النائب طوني فرنجيّة عبر حسابه على «تويتر قائلاً «تقاطعت كلّ التناقضات… فانظروا ما أنجبت! لا بديل من الانفتاح والوحدة في وجه الكراهية والإقصاء والانقسام، هذا ما أكّدته نتيجة اليوم التي أتت انتصاراً لهذا النهج. فلنضع تقاطعاتنا جانباً ولنبنِ على كل ما يوحّدنا».
بدوره، اعتبر وزير الإعلام في حكومة تصريف الأعمال زياد المكاري أنّه «إن أكدت جلسة اليوم شيئاً، فإنما أكّدت تثبيت ترشيح سليمان فرنجيّة بصفته ترشّحاً ثابتا ينطلق من 51 نائباً ملتزماً به، في مقابل ترشّح تقاطعي لا هويّة له ولا لون اتضح مدى هشاشته اقتراعاً ومن خلال التصريحات التي تلت الجلسة»، مضيفاً «نعم للحوار والانفتاح انطلاقاً من الترشيح الثابت والمستمرّ لسليمان فرنجيّة وليس انطلاقاً من إستراتجيّات الاستفزاز والتكتيكات القاصرة».
قال وزير الثقافة في حكومة تصريف الاعمال القاضي محمد وسام المرتضى «جلسة اليوم بيّنت أرقاماً مدلولها أنّه لا بدَ من الحوار»، مضيفاً غامزا من قناة بعض المتقاطعين «إن من يسعى إلى التقاطع مع أصحاب أجندات الشرذمة والتماهي معهم في استيلاد حالات طائفيّة لعزل الحالة الوطنيّة العامّة، و»حرق ترشيح الوزير سليمان فرنجيّة» لم يستطع إلى ذلك سبيلاً، بل ربّما انتهى به الأمر إلى أن يصير هو معزولاً في وطنه وطائفته وحزبه».
ورأى الأمين العام لحزب البعث العربي الاشتراكي في لبنان علي حجازي عبر حسابه على «تويتر» أنّ «الخلاصة: الفريق الذي دعم جهاد أزعور سيبدأ تبادل الاتهامات بالخيانة. الفريق الذي دعم سليمان فرنجيّة أثبت أنه يعمل بصمت بعيداً من التهويل. جنبلاط زادت كتلته نائبين هما مارك ضو وفراس حمدان. التعتيريون تلقّوا ضربة قاسية وأصبحت غالبيتهم جزءاً من المنظومة وسيضطرون للتحوّل إلى محامي دفاع عن أنفسهم. جهاد أزعور بات خارج السباق وسليمان فرنجيّة حقّق مفاجأة بعدما كان الرهان من قبل الفريق الخصم عدم تجاوزه 44 صوتاً».