النحات محمد رستم يعود إلى ثرى سورية تاركاً للأجيال إرثاً فنياً وثقافياً يحاكي عراقة التاريخ
* انتمى رستم إلى قضية تساوي وجوده يعبّر عن انتمائه بالقول: « سورية بلدي، ووطني وعشقي»، «وما قامت بتخريبه الجماعات المسلحة سنعيده ليخلق من جديد وبأبهى حلة. فاليوم نحن بحاجة تسليط الضوء على حضارتنا..».
* عاد ليستريح في ثرى سورية لتبقى أعماله في عهدة أجيال لعلها قادرة على نحت الأمل من قلب الألم.
* كان يقول: أنا أنحت على جدران المنازل من منطلق ثقافيّ حضاريّ، لإعادة الروح للحضارة.
* خلال 4 أشهر نحت الموناليزا بدقة متناهية بكل تفاصيلها، وهي من اللوحات الأشهر في العالم التي عجز الكثير من الفنانين عن رسمها، وعمله تحدٍّ يُعتبر الأول من نوعه في لبنان بإظهار صورة الموناليزا بشكل تمثال.
} إعداد ـ عبير حمدان
جعل للجماد روحاً تحاكي الانتماء إلى بلاد تزهر على الدوام وتشعّ بجغرافيتها وحضارتها فناً وثقافة وإبداعاً، وهو الذي اختار الفن ملاذه بعمر مبكر فكانت مخيلته منهلاً للتشكيل والتعبير عن عالم مليء بالمنحوتات التي تحمل كل منها رسالة حب وشغف للوطن، رغم اغترابه.
هو النحات السوري محمد رستم الذي ارتاح أخيراً في ثرى سورية تاركاً للأجيال القادمة إرثاً فنياً أبرزه «مسبحة الوحدة الوطنية» المزيّنة بالصليب والهلال والليرة السورية واللبنانية، ولوحة الموناليزا على هيئة تمثال حجريّ.
بدأ رستم مشواره الفني عام 2009 في لبنان إلا أنه كان قد نفّذ العديد من المنحوتات حين كان في سورية، لكن لم تتم الإضاءة عليها إعلامياً وقد استوحى الراحل أفكار منحوتاته من الواقع الذي نعيشه بما فيه من إشكاليات وتناقضات محاولاً تصويبه وفق منطلقه الفكري الذي يحفز على البناء والمحبة بين الناس بعيداً عن التشرذم الطائفي والفئوي.
وكان رستم يرى أن الذاكرة يجب ألا تُمحى لذلك أعادها الى الأذهان من خلال منحوتة العملة الوطنية، وفق ما قال في أحد اللقاءات الصحافية مشيراً إلى أن عمله هذا اعتزاز بالوطن وبكل ما يرمز إليه.
وقد نجح رستم خلال 4 أشهر بنحت الموناليزا بدقة متناهية بكل تفاصيلها، وهي بطبيعة الحال من اللوحات الأشهر في العالم التي عجز الكثير من الفنانين عن رسمها، وعمله تحدٍّ يُعتبر الأول من نوعه في لبنان لناحية إظهار صورة الموناليزا بشكل تمثال آملاً أن يحظى باهتمام متذوّقي الفن الجميل.
وحرص رستم على نحت واجهات العمارة القديمة بقالب يخلط بين القديم والحديث، محولاً صخوره إلى منحوتات يخال الناظر إليها أنها تخاطبه.
إبداعات إزميل رستم لم تتوقف عند لوحة الموناليزا، بل قام بمزج الحضارات مع عالم العمارة عبر اللوحات والتيجان الإسلامية والقناطر الآشورية والأعمدة البيزنطية، كي تخرج العمارة متآلفة بحقبة زمنية لا تشبه مثيلاتها.
ومن أبرز لوحات رستم الصخرية، تمثال صخري لباعث النهضة السورية القومية الاجتماعية أنطون سعاده.
رحل النحات السوري محمد رستم وفي رصيده العشرات من اللوحات الصخرية متعددة القياسات، والمحفورة على مداخل وحدائق القصور والفلل والمباني، وهو القائل: «أنا أنحت على جدران المنازل من منطلق ثقافيّ حضاريّ، لإعادة الروح للحضارة».
وكانت لديه مجموعة من الأفكار لم يُكتب لها إبصار النور برحيله، حيث كان ينوي نحت قلعة من حجر البازلت الأسود، ونقش الشعر والحروف على الحجر، ونحت أكبر لوحة شطرنج في العالم.. كما كان لديه آمل أن يتمكّن يوماً من ترميم أهرامات مصر.
رستم المنتمي إلى قضية تساوي وجوده يعبر عن انتمائه بالقول: «سورية بلدي، ووطني وعشقي»، «وما قامت بتخريبه الجماعات المسلحة سنعيده ليخلق من جديد وبأبهى حلة. فاليوم نحن بحاجة تسليط الضوء على حضارتنا..».
النحات القومي محمد رستم كان دائم الاعتزاز بسورية شعباً وجيشاً وقيادة، سورية الحيّة القادرة على تشكيل حاضرها على قياس تاريخها العظيم.. وكان يدعو السوريين إلى العودة الى بلداتهم وقراهم، وقد عاد هو ليستريح في ثرى سورية لتبقى أعماله في عهدة أجيال لعلها قادرة على نحت الأمل من قلب الألم.