الاستحقاق الرئاسي بين التقاطع والتقطيع
} عمر عبد القادر غندور*
مخطئ من يظن أنّ الاهتمام الإقليمي بالاستحقاق الرئاسي اللبناني سيؤّدي الى انتخاب سريع للرئيس العتيد، وقد تابعت الأوساط المراقبة لزيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الى باريس بالكثير من التفاؤل وحرارة الانتظار، وتبيّن انّ اجتماع باريس لم يلبّ ما انتظره مؤيدو المرشحيْن الوزيرين السابقين سليمان فرنجية وجهاد أزعور…
على الأقل فإنّ الفريق الذي يؤيد الوزير فرنجية لا تزال طروحاته لا تتجاوز الدعوة الى التلاقي والتفاهم والحوار، بينما الفريق الآخر يعتبر «المعركة» مسألة حياة أو موت، أو الفرصة الأخيرة للتخلص من كذبة «الدويلة»، ذلك انّ هذا الفريق الآخر المتقاطع بين القوات اللبنانية والكتائب وجماعة NJO والتيار الوطني حتى الآن، انطلق من تجسيد موقف مسيحي في مواجهة الفريق الآخر! وليس صدفة ان يتلازم هذا الموقف مع تصريحات لبعض «صهاينة الداخل» مع التهديدات الإسرائيلية المتمثلة بالاستفزازات الحدودية في كفرشوبا والعديسة…!
وقد فات هؤلاء انّ التدخلات والوساطات الخارجية لا يمكن ان تنتج رئيساً في غياب التوافق بين اللبنانيين أنفسهم، وقد أكدت المملكة السعودية على لسان أكثر من مسؤول أنها تقف على مسافة واحدة من الجميع، ولا نرى ضرورة ولا أهمية للتنديد بتصريحات أصحاب الرؤوس الحامية الذين يتعاطون مع الملف الرئاسي بكثير من المراهقة وقصر النظر كالدراسة القانونية التي تحدّثت عن أحقية المرشح أزعور بالفوز برئاسة الجمهورية لو نال 65 صوتاً في الدورة الأولى! ومثل هذا «التخريف» يمكن ان يؤدّي الى ما لا تحمد عقباه لو صدّقوه !!
وبانتظار وصول الموفد الفرنسي جان إيف لو دريان الذي تأخر وصوله الى منتصف الأسبوع، والذي عيّنه الرئيس ماكرون، يُرجى من اللبنانيين ان يتحلوا بالوعي السياسي والقدرة على استقراء الوقائع، والتأكد بأنّ التفاهم اللبناني هو وحده الذي يؤدّي الى انتخاب رئيس، وغير ذلك يبقى جعدنات ومتاهات وقرقعة وجعجعة لا تنتج طحيناً…
وكان لافتاً في الساعات الماضية ما قاله أحد النواب المحسوبين على التيار الوطني الحر:
«وقفنا وقفات كبيرة مع حزب الله كلفتنا الكثير جماهيرياً» وكأنه يقول انّ الإرادة المسيحية لا يمكن كسرها جماهيرياً، وهذا صحيح إذا توافقت مع الإرادة الإسلامية وهو ما يؤكد انّ الاختلاف في لبنان ليس حول المقاومة، بل حول طروحات الفيدرالية واللامركزية والاتحادية ولا تنتهي هذه السلسلة إلا بالتقسيم وهو الشرّ المستحيل، ومع ذلك يستمرّ التلميح الذي يُفهم بنتيجته انّ مشكلة لبنان ما هي إلا في المنحى الثقافي الذي لم يبلغ بعد سنّ الرشد والذي لا قاعدة ثابتة في التوازنات القائمة.
وأزمات لبنان المتفاقمة والمتوالدة والمتجدّدة منذ زمن بعيد الى اليوم، حيث يأتي الفريق بمرشح مستقطع آخر تقاطع عليه فريق مقابل فريق آخر طرح مرشح حقيقي ودعا الى التحاور حول قدراته وبرامجه…
والى ان نتوصل الى فهم المستقطع والتقاطع والتقطيع ولن نتوصل.
ويستمرّ المسلسل الانهياري والجدل العقيم حول المستقطع والقطيع ما يجيز للبنانيين المتألمين القول: قطيعة…!
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي