أبي لا يحجبه الغياب
} عبير حمدان
عمياء لغتي وحروفي مهشّمة وما العيد إلا صور يأسرها إطار من وجع مكتوم، وبطاقات باهتة وعبارات تحملها الريح إلى المدى البعيد، أبي كان العيد الذي لا يُقارن بما عداه ولم يزل طيفه حاضراً بين ملح المقل.
أبي لم يمت… هو يغفو بين حنايا الأرض الطيبة التي أحبها وعلمنا الانتماء إليها.. هناك حيث القمر قنديل السهر وابريق الفخار شلال ورغيف الخبز بيادر عطاء… لم يزل يقف عند عتبة البيت فارداً قلبه للجميع وكفّه مشرعة بالترحاب، سبّحته هنا وسجادة الصلاة وصوته مؤذناً يتلو الآيات… وكأنه يمسح عن الجبين ثقل الاشتياق.
أبي لا يحجبه الغياب. هو حاضر في كل ركن ومقيم بين التفاصيل بطهر قلبه ودفء عينيه ونحن منه ونشتاق اليه… أبي وكم صعب أن أصف أبي وكم تصغر اللغة وتذوي المعاني، وأبي يتخطى حدود الكلام والحبر…
أبي لم يمت، هو يتكئ على غيمة في السماء وأنفاسه مطر يزهر عندما يحين اللقاء.