دبوس
ما قبل الانفجار
لقد وصلنا الى منطقة اللارجعة، لقد خرج عليٌّ وهو يلوّح بذي القار لينازل عمرو بن ود الذي طبقت شهرته الآفاق، والذي ترتعدّ فرائص الفرسان لمجرد ذكر اسمه، ولكن، لا فتىً إلّا علي، ولا حسام إلّا ذو الفقار…
فتيان فلسطين، الذين تنبّأ لهم المعتوه المؤسّس بن غوريون، بأنهم سينسون، هم الأكثر تذكّراً، بل إنّ فلسطين والأقصى وجرائم ومجازر المحتلّ أضحت تنولد معهم في جيناتهم، وغدت جزءاً من وجودهم الفيزيائي والمعنوي والروحي. فتيان فلسطين خرجوا الى النزال تماماً كعلي، لقد ولجنا منطقة المقتلة، وتماماً كما تفجرت المنازلة بين علي وعمرو بن ود، وكان جليّاً انّ احدهما سيخرج رافعاً سيفه وهو يقطر من دم الآخر، بينما الآخر ملقياً على أرض المنازلة، وقد تقطعت أوصاله فاقداً للروح، كذلك فإنّ منازلة فتيان فلسطين مع هذا العدو المارق، والتي تدحرجت بشكل فادح نحو المقتلة، ستتفتّق عن منتصر ومهزوم، عن حيّ وميت، ليس هنالك خيارات أخرى…
انها الحتمية التي أصبحت أكثر إلحاحاً من أيّ وقتٍ مضى، نحن في منطقة إلّا خمسة، ستسفر المقتلة التي سنلِجها انْ لم نكن قد ولجناها بالفعل عن منتصر وعن مهزوم، عن حيّ وعن ميّت، عن الفتى علي وسيفه ذو الفقار يقطر من دم المشروع الطارئ الشاذ الذي تأسّس على كمية مذهلة من الأباطيل والترّهات التلمودية. لقد دخلنا الى قلب الحقيقة، وقذف بالأوهام الى ضفاف هذه الحقيقة، أوهام أرض الميعاد، وأوهام من الفرات الى النيل، وأوهام «إسرائيل» الكبرى و»إسرائيل» العظمى، وكذلك أوهام السلام الشجاع، وأوهام حلّ الدولتين، وأوهام الحلّ الابراهيمي، لقد رفع الستار عن المشهد الأخير، وتقاطرت شخوص المشهد إلى وسط المرسح، فتيان من أرض الرباط بقلوب قدّت من فولاذ، وسيوف ذات شعبتين، والوحش يقف مذعوراً بعدما أدرك انّ النهاية قد أزفت، وانّ المسرحية شارفت على نهايتها، وانّ الأسود المنفردة ستعصف بالموقف.
سميح التايه