بوتين يعلن نهاية التمرد ويخير فاغنر بين بيلاروسيا وعقود وزارة الدفاع… والأولوية للحرب جنين تدشن صواريخ قسام جديدة… والمقاومة تستولي على مسيّرة للاحتلال في جنوب لبنان ارتباك تقاطع أزعور تجاه الخطوة التالية: قبول بالحوار أم المخاطرة بالتوجّه إلى جلسة انتخابية
} كتب المحرّر السياسيّ
حسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التساؤلات حول الكلام عن تسوية غامضة تمّ بموجبها إنهاء تمرد رئيس شركة فاغنر يفغيني بريغوجين، فأعلن وصفه، دون أن يسمّيه، خائناً للوطن قاد انقلاباً لتخريب المجتمع وتحقيق أهداف النازيين في كييف، وتحدّث بثقة وقوة عن الإمساك بمقاليد الحكم وإدارة الأمن والسياسة، وترأس اجتماعاً لوزراء الدفاع والداخلية والمؤسسات الأمنية والقضائية، ودعا ضباط وعناصر مجموعة فاغنر الذين سجّل لهم تضحياتهم في الحرب وموقفهم برفض سفك الدماء، إلى الاختيار بين الذهاب إلى بيلاروسيا أو القبول بعقود مع وزارة الدفاع، معلناً مجدداً، الأولوية لتحقيق أهداف العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، والأهداف التي وضعتها القيادة الروسية، بينما كان وزير الدفاع سيرغي شويغو يشرف نهاراً على خطط تنفيذية لتفعيل أداء الجبهات القتالية في أوكرانيا إيذاناً باستعادة التماسك العسكريّ في الجبهات، التي حملت الأنباء الواردة منها تدمير المزيد من دبابات ألمانية من طراز ليوبارد ومدرعات أميركية من طراز برادلي.
في المنطقة صعد إلى الواجهة مشهد الصفعات المتلاحقة التي توجهها قوى المقاومة لجيش الاحتلال وتظهر حجم ارتباكه وعجزه عن المبادرة، حيث تزامن الإعلان عن اختبار كتائب المقاومة في جنين لنسخة جديدة من صواريخ قسام استهدفت ما وصف بمستوطنات غلاف جنين، أسوة بمستوطنات غلاف غزة، إيذاناً بمرحلة جديدة في عمل المقاومة في جنين بعد ظهور العبوات الناسفة بوجه حركة الآليات كما ظهر في مواجهات جنين الأخيرة، مع إعلان المقاومة في لبنان عن الاستيلاء على طائرة مسيّرة لجيش الاحتلال كانت تحلّق وتقوم بأعمال تصوير في أجواء الجنوب فوق وادي الحنيه في قضاء صور، واعترف جيش الاحتلال بفقدان السيطرة على الطائرة المسيّرة، وكان لافتاً صمت القوى اللبنانية التي تتحدّث يومياً عن التزاماتها السيادية، عن هذا الانتهاك للسيادة الذي قام به جيش الاحتلال، والردّ الدفاعيّ عن السيادة الذي قامت به المقاومة.
في الملف الرئاسيّ، تركت مغادرة المبعوث الرئاسي الفرنسي وزير الخارجية السابق جان ايف لودريان، تداعيات وتفاعلات مع كلامه الواضح عن طبيعة مهمته المقبلة، عنوانها السعي لحوار جامع وفاعل، كما وصفه، يهدف للتوافق لإنهاء الشغور في المؤسسات الدستورية، في إشارة إلى أن الأمر أبعد من مجرد التوافق على رئيس للجمهورية وحده، وفيما كانت قوى 8 آذار التي باتت حلف ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، تؤكد مواقفها السابقة بالدعوة للحوار والتمسك به طريقاً وحيداً لإنهاء الشغور عن طريق التوافق، ظهر الارتباك في صفوف تقاطع ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور الذي يضمّ قوى 14 آذار والتيار الوطني الحر ونواب التغيير، بين من يدعو لحوار ويريد تبرير تغيير مواقفه بالترويج لوجود تبدّل في موقف حلف فرنجية، والقول إن هذا الحلف قبل مؤخراً بالحوار، ويتصدّر هذا الاتجاه التيار الوطني الحر، ويقابله تمسك بالدعوة لجلسة انتخابية تحت شعار عدم تعطيل النصاب وهو ما تعبّر عنه القوات اللبنانية وحلف ترشيح النائب ميشال معوّض معها، رغم مخاوف من عدم نيل أزعور في جلسة انتخابية مقبلة الأصوات نفسها التي نالها في الجلسة السابقة، وهنا يبرز موقف نواب التغيير الذين استعادوا انقساماتهم بين قابلين بالحوار ودعاة التصويت لغير أزعور ومنضوين مع القوات وحلف معوض.
لم يشهد الملف الرئاسي أي جديد بعد مغادرة المبعوث الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لبنان على أن يعود الشهر المقبل لاستكمال مشاوراته مع القوى السياسية، وحتى ذلك الحين سيدخل المشهد الرئاسي في حالة جمود حتى أيلول المقبل فيما يأخذ «المتحاربون» «استراحة محارب» خلال عطلة عيد الأضحىى التي تستمر إلى مساء الأحد المقبل.
وأشارت مصادر «البناء» إلى أهمية الجولة الأولى للموفد الفرنسي، حيث رمت الكرة في ملعب من يرفض التسوية من دون تقديم بدائل، على أن يعود لودريان الى لبنان لأخذ الأجوبة على الأسئلة التي وجهها للأطراف السياسية، وبعدها سيدعو ممثلين عنهم إلى حوار قد يكون في فرنسا أو في دولة عربية مثل السعودية أو قطر، ومن يرفض الحوار ستحمله فرنسا مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية وتفاقم الأزمة.
كما علمت «البناء» أن لودريان سيغادر الى السعودية للقاء المسؤولين عن الملف اللبناني في المملكة لاستكمال التشاور بين «خلية الأزمة» السعودية – الفرنسية على أن يناقش مع الإدارة الفرنسية حصيلة لقاءاته في لبنان والسعودية لكي يعود إلى بيروت مزوداً بالتوجيهات للمرحلة المقبلة.
وتشير مصادر مواكبة للحراك الفرنسي لـ»البناء» إلى أن جوهر المبادرة الفرنسية هو تسوية بين رئيس الجمهورية لفريق المقاومة ورئيس حكومة للفريق الآخر، والتفاهم رئيس حكومة وحكومة والوزارات الأساسيّة والتعيينات في المواقع العليا كحاكم مصرف لبنان وقائد الجيش ورئيس مجلس القضاء الأعلى وعلى خريطة إنقاذية في المرحلة المقبلة.
وإذ كشفت مصادر في الفريق الداعم للوزير السابق جهاد أزعور لـ»البناء» أن فريق «التقاطعات» سقط ولم يبق منه إلا القوات اللبنانية والكتائب بعد تراجع الحزب التقدمي الاشتراكي وقوى التغيير عن دعم أزعور، ويجري البحث بين نواب التغيير عن مرشح آخر.
وجدّدت مصادر في التيار الوطني الحر لـ»البناء» رفضها السير بفرنجية، مؤكدة الانفتاح على كافة الخيارات الأخرى والحوار مع كافة الأطراف وخصوصاً مع حزب الله، داعية الجميع لحوار على مرشح توافقي يحظى بتغطية مسيحية واسعة وبدعم أغلبية مجلس النواب ويملك رؤية إصلاحية وعلاقات خارجية.
وعلمت «البناء» في هذا الإطار أن الحوار المباشر مقطوع بين التيار والحزب، والحوار يجري عبر وسطاء ورسل ينقلون بعض الرسائل.
في المقابل، أشارت أوساط الثنائي حركة أمل وحزب الله لـ«البناء» الى أنه سيتجاوب مع أي دعوة للحوار من أي جهة أكانت داخلية أم خارجية، لكن يرفض الشروط المسبقة كالتنازل عن دعم ترشيح رئيس المردة سليمان فرنجية، موضحة أن شرطاً كهذا ينهي الحوار قبل أن يبدأ، مؤكدة أن الحوار يناقش كافة الخيارات ومن ضمنها خيار فرنجية الذي أثبتت الجلسة الأخيرة بأنه المرشح الأكثر جدية والأوفر حظاً ويمتلك كتلة نيابية صلبة وثابتة ومواصفات وطنية وعلاقات عربية ودولية لا سيما مع سورية تتطلبها المرحلة الحالية.
ونفت الأوساط أن يكون لودريان قد طلب من الثنائي التراجع عن خيار فرنجية والبحث بخيارات المرشح الثالث التوافقي، لافتة الى أن لودريان طلب خلال لقائه مع وفد الحزب تزويده بأفكار واقتراحات لاختراق الجمود في الملف الرئاسي، كما أكد أن مهمة انتخاب رئيس للجمهورية صعبة، لكنها ليست مستحيلة ويمكن حلها بالحوار الداخلي بمساعدة خارجية بالتوازي مع استمرار المساعي الفرنسية مع السعودية والولايات المتحدة الأميركية.
وفي سياق ذلك، غرّد نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم عبر حسابه على «تويتر»: «ثمانية أشهر من التمترس والمواجهة كافية لإثبات عدم جدوى هذا المسار لانتخاب الرئيس. ولم يعد من سبيل إلَّا الحوار للتفاهم والتوافق، والقواسم المشتركة مع تغليب المصلحة الوطنية ليست معدومة وهي أفضل من التقاطع الموقت المسدود الأفق».
بدوره قال عضو المجلس المركزي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق خلال احتفال تأبيني في بلدة كفررمان: «ننصحكم بألا تضيعوا الوقت على اسم جديد ولا تجربوا المجرب لأن الحل والطريق الأقرب والأضمن هو الحوار. حزب الله أكد ولا يزال يؤكد دعوته إلى الحوار غير المشروط وإلى التوافق ليس من موقع الضعيف، إنما من موقع الحرص لأن هذا البلد لا يتحمل تصفية حسابات سياسية أو شخصية ولا يتحمل تعميق الانقسامات الداخلية؟». ختم: «حزب الله أكد للموفد الفرنسي تمسكه بشكل واضح وصريح بدعم ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية وأن الوصفة المثالية لحل الأزمة ليست إلا بالحوار والتوافق».
من جهته، رأى المكتب السياسي لحركة «أمل» أن «عمليات إطلاق النار السياسي الذي يستهدف المبادرات الدولية والمناخات الإقليمية والدعوات الداخلية للحوار الوطني، لإنجاز عملية انتخاب رئيس للجمهورية، يكون قادراً على جبه التحديات التي تهدد لبنان كياناً ووجوداً، لن توظف إلا في مشروع إسقاط الدولة وتفكيكها. وعليه نرى أنه مهما أبدع المعترضون في سياسات التسويف وهدر الوقت، ليس أمام اللبنانيين إلا خيار الحوار والتوافق».
أما الحزب الاشتراكي فلفت عضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور إلى «أننا وصلنا بعد جلسة الأربعاء الرئاسية إلى خلاصة مفادها أن التفاهم على الرئيس هو الحل الوحيد». واستكمل «لبنان يعيش اليوم حالة انعدام وزن في الملف الرئاسي في ظل انعدام المبادرات الداخلية، والمرحلة تتطلب سكينة وطنية للوصول إلى بر الأمان، وهي مرحلة حقوق الأفراد وليس المجموعات». وأردف «لم نساهم بإقرار أو اعتماد الثلث المعطّل، وإنّما فُرض علينا فرضاً، وقانون الانتخاب الحالي دمّر محاولات إحياء الحياة الوطنية».
الى ذلك، ردّ النائب ميشال المرّ على بيان رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع بشأن زيارة وزير المهجرين عصام شرف الدين دمشق، مشيراً الى أنه «لفتني في هذا الموقف أمران: أولاً، اعتراف بضرورة عودة النازحين بعدما كان أكثر من مسؤول في القوات يرفض الأمر على مدى سنوات! وثانياً، عدم الاعتراض على التواصل مع الحكومة السورية بعدما كان يُخوّن من قبلهم كل من يطرح التنسيق لحل المشاكل التي ترهق لبنان لما فيه مصلحة وطننا».
على صعيد آخر، أعلنت وزارة المالية انها ستحول غداً (اليوم) صباحاً معاشات المتقاعدين مدنيين وعسكرين إلى مصرف لبنان الذي أبلغ وزير المالية أنه سيحوّلها بدوره الى المصارف في اليوم نفسه.
كما أعلنت أنها ستحوّل اليوم رواتب القوى العسكرية الى المصرف المركزي التي تمّ تسلمها، وفور تسلم ما تبقى منها من الجهات المختصة فيها.
وأشار الوزير السابق سليم جريصاتي، في بيان الى أن «تقرير Alvarez & Marsal نتيجة التدقيق المحاسبي الجنائي في حسابات مصرف لبنان كان يفترض أن يصدر ويبلغ من وزير المال في 27 أيلول 2022، الا انه صدر أخيراً ووصل الى يد الوزير المعني، على ما أفادنا به، بعد تأخير ناهز التسعة أشهر تقريباً وبعد ان تقاضت مؤسسة التدقيق مبلغاً وقدره د.أ /2,500,000/ (مليونان وخمسمئة الف دولار أميركي)»، كاشفاً أن «هذا التقرير لا يزال حبيس الأدراج في مكتب وزير المال، على الرغم من المراجعات المتكررة والمملة بشأنه، ولا نعرف من اطلع عليه من المسؤولين ومن حجب عنه».
في غضون ذلك، وبعد المواجهات الأخيرة في مزارع شبعا بين الأهالي وقوات الاحتلال الاسرائيلي أسقط حزب الله مسيّرة إسرائيلية اخترقت الأجواء اللبنانية في وادي العزية قرب زبقين الجنوبية.
أما جيش الاحتلال فأقرّ بأن «مسيرة إسرائيلية تابعة لنا في الأراضي اللبنانية أثناء قيامها بنشاط روتيني ولا خوف من تسرّب معلومات».
ولاحقاً أوضح الإعلام الحربي لـ»حزب الله»، أن «المقاومة الإسلامية أسقطت عند الساعة 12 من ظهر اليوم (أمس) الاثنين، بالأسلحة المناسبة، طائرة مسيّرة إسرائيلية في وادي العزية قرب بلدة زبقين جنوب لبنان»، وكشف الإعلام الحربي، أن «الطائرة المسيّرة خرقت الأجواء اللبنانية من جهة مستعمرة زرعيت شمال فلسطين المحتلة، وحلقت على علوّ متوسط بمدى يصل إلى حوالي 7 كلم داخل الأجواء اللبنانية قبل أن يسقطها المجاهدون».
ولفت الى أن «الصور تُظهِر كيف حاول العدو الإسرائيلي استعادة السيطرة على الطائرة المسيّرة بعد إصابتها من دون أن ينجح بذلك. مواصفات الطائرة المسيّرة: النوع: R – Copter 1000 الطول: 170 سم. العرض: 200 سم. مزوّدة بكاميرتين عاليتي الجودة».
وأشار خبراء في الشؤون العسكرية والأمنية لـ»البناء» الى أهمية هذا الإنجاز الأمني لكونه سيضيق الى حد كبير حرية الحركة الجوية الإسرائيلية فوق لبنان لا سيما المسيرات»، لافتة الى أن «جيش الاحتلال يرسل المسيرات الى لبنان كبديل عن إرسال الطائرات الحربية خشية أن تسقطها المقاومة بعد التهديدات التي أطلقها السيد حسن نصرالله منذ أشهر قليلة».
ولفت الخبراء إلى أن «المسيّرة التي سقطت لا يعني أنها كانت تمهّد لعملية عسكرية أو أمنية، بل مهمتها ضمن عمليات التجسس الروتينية ومسح أهداف للمقاومة في الجنوب لا سيما على طول المنطقة الحدودية في ظل حالة الرعب الذي يعيشها جيش الاحتلال والمستوطنون خصوصاً بعد المناورة التي نفذتها المقاومة في جبل الريحان الشهر الماضي».