جنين أيقونة المقاومة تُحبط أهداف العدوان وتُدفع العدو الثمن
} حسن حردان
مخيم جنين أيقونة المقاومة، والذي تحوّل إلى أمثولة وأنموذجاً ورمزاً للنضال الوطني الفلسطيني التحرري، لم يستطع العدوان الصهيوني الجديد، الذي تعرّض له على مدى اليومين الماضين، ان يطفئ ويخمد شعلة المقاومة فيه، أو القضاء على بنية المقاومة، وها هو مخيم جنين المقاوم، بعد عشرين عاماً على العدوان الصهيوني الذي استهدفه، وادّى الى تدميره، ينهض من جديد ويثبت انه أكثر قوة وبأساً ومقاومة في مواجهة العدوان الجديد، وقد اكتسب المقاومون خبرات كثيرة في خوض حرب التحرير الشعبية ضدّ الاحتلال، وباتوا أكثر قدرة وكفاءة على مواجهة العدوان، الذي
نفذته حكومة المتطرفين والمستعمرين الصهاينة من أجل القضاء على المقاومة وتدمير بنيتها التسليحية والقتالية… كمقدمة لتوجيه ضربة شاملة لكتائب المقاومة في عموم الضفة ومحاولة فرض الاستسلام على الشعب الفلسطيني، بما يمهّد الطريق أمام مشروع استيطان الضفة والقدس المحتلتين، وشطب ايّ حلم فلسطيني بالتحرر من الاحتلال، وتكريس مشروع الإدارة الذاتية (روابط القرى) في أماكن تواجد الفلسطينيين من ضمن السيادة الصهيونية…
ولهذا فإنّ هدف العدوان على جنين ومخيمها كان مزدوجاً، حيث سعت حكومة العدو، إلى جانب القضاء على نحو 350 مقاتل وتدمير بنيتهم، وحشدت لأجل ذلك ألف جندي من قوات النخبة و150 آلية مدرعة، قاموا باجتياح مخيم جنين… سعت أيضاً للقضاء على المشروع الفلسطيني بإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس، وتصفية قضية فلسطين.. غير انّ القضاء على هذا المشروع الفلسطيني، وإتاحة المجال أمام عتاة المستعمرين لاستيطان الضفة، مرهون بالقضاء على قلاع المقاومة في الضفة، وفي طليعتها كتيبة المقاومة في مخيم جنين، لكن كما تشير المعطيات فقد نجح المقاومون في مفاجأة قوات الاحتلال التي دخلت إلى المخيم فجر يوم الاثنين، بالكمائن، وتفجير العبوات الناسفة في مواجهتها، وإعطاب بعض الآليات وإصابة العديد من الجنود، في حين تمكن رجال المقاومة من إسقاط 4 طائرات مُسيّرة…
لهذا فإنّ جيش الاحتلال، بعد أن فشل في مفاجأة المقاومين، لم يتمكن، بعد يومين على عدوانه، من الدخول إلى عمق المخيم، لكونه واجه مقاومة شديدة، اعتمدت تكتيكات استنزفت قوات الاحتلال، وهي كانت مستعدة للمواجهة، ومنع العدو من تحقيق أهدافه، الأمر الذي تجلى في نجاح المقاومين في مشاغلة قوات الاحتلال، واستدراجها إلى كمائن المقاومة…
وما خلا إعلان العدو انه دمّر غرفة عمليات للمقاومة، وقتل عشرة وجرح نحو أكثر من مائة من أبناء المخيم واعتقال 120 شخصاً، وتهجير الآلاف من أبناء المخيم، وتخريب شوارعه وتدمير بعض المنازل، فإنّ جيش الاحتلال لم يتمكّن من تحقيق أهدافه الأساسية التي كانت وراء عدوانه على المخيم، فهو لم يتمكن من الإعلان عن القضاء على قوة المقاومة في المخيم، ولا تدمير بنيتها الأساسية، ما يعني فشلاً مدوياً للعدو…
في هذه الأثناء وفيما كانت الأنباء الإسرائيلية تتحدث عن اقتراب وقف عملية جنين، حصلت عملية إطلاق نار ودهس في قلب مدينة تل أبيب، أدّت إلى إصابة 8 مستوطنين بينهم ثلاثة بحالة خطرة، وسط خشية أجهزة الأمن الصهيونية من أن يؤدّي الهجوم على جنين إلى هجمات فدائية في العمق الصهيوني…
هذه العملية في تل أبيب والتي جاءت رداً على ما يجري من عدوان في جنين، وجهت صفعة قاسية لحكومة العدو التي واجهت الفشل في القضاء على المقاومة في جنين، ما يؤكد أنّ محاولات العدو التخلص من المقاومة، لا تؤدّي سوى إلى تصعيد وتأجيج المقاومة التي باتت تفرض المعادلات وفق منظور حرب المقاومة الشعبية المسلحة… وتلقين كيان العدو الدرس تلو الدرس، وانّ ايّ اعتداء يقدم عليه سيكون له ثمن باهظ…
هذا التطور وضع حكومة العدو أمام خيارين…
الخيار الأول، توسيع دائرة العدوان وما يعنيه من فتح الباب أمام تصعيد في المواجهة مع المقاومة في كلّ الجبهات…
الخيار الثاني، المسارعة الى وقف العدوان في جنين، تجنباً لتصعيد أوسع لا يحبذه نتنياهو، الذي يبدو أنه فضل الخيار وقف العدوان عندما قال، إن «العملية المكثفة في جنين لن تكون لمرة واحدة».. وهو خيار تؤيده الأجهزة الأمنية والعسكرية الاسرائيلية..
لقد استغرق الإعداد للعدوان على جنين عاماً كاملاً، لكن أجهزة أمن العدو وصلت إلى نفس النتيجة وهي الفشل في القضاء على المقاومة أو إضعاف جذوتها، وتبيّن مجدّداً أنّ العدوان والقمع والإرهاب والاستيطان الصهيوني لن يولد سوى المزيد من المقاومة، وإفقاد الصهاينة المحتلين الأمن والاستقرار…