حفل تكريميّ للأديب الراحل جوزف مهنا برعاية المرتضى
رعى وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال القاضي محمد وسام الحفل التكريمي للأديب الراحل جوزف مهنا الذي أقامته الوزارة على مسرح المكتبة الوطنية – الصنائع، ولفت في كلمة له بالمناسبة الى أنه «من المنصف الاعتراف بأن المستقبل، إذا لم يبن على تراث الماضي، أصبح كحبال الريح المالحة رثاً مهيأ للسقوط، ومن المنصف أيضاً أن نعترف أيضاً بأن هذه القاعدة لا تسري على الأدب وحده، أو الفنون بعامة، بل على السياسة كذلك».
وقال: «فالنظر في ماضي الناس هو الذي ينبغي له أن يؤهلهم لتحمل تبعات المستقبل أو إعفائهم منها، لأنه لا يرى إلا بضوء الماضي. قاعدة لا تورد المواطنين موارد تهلكة قطعاً، بل تقودهم إلى مرفإ السلامة الأمين. فلو قام جميع المسؤولين باعتمادها في أزماتنا الحاضرة، وبخاصة أزمة الشغور في كرسي الرئاسة الأولى، لكان لنا منذ شهور عدة، الرئيس الوطني الجامع الذي إن نطق ماضيه ففخراً متواضعاً، أو يومه فعزماً صادقاً، أو آتيه فرجاء لا يخيب.»
وأضاف: «في ذكرى الأديب جوزف مهنا، اليوم تشرع الثقافة أبواب مكتبتها الوطنية لذكرى أديب من لبنان، كان له حضور ساطع في المجالس والمحافل، بشخصه الوديع وأسلوبه الممتنع، الذي يذكر بعهد البدايات في النثر العربي، حين كان للكلمة الفصيحة وقعها الداوي الذي تنحني له الأعناق وترتعد الأكتاف».
وتابع: «على أرصفة كآبتي كتب شجر الوقت ما أوقعني في الملال»، هكذا قال جوزف مهنا في نص له عنوانه «لقد وسعتني رحمة»، وفيه يبث الورق شوقه إلى لقاء بارئه، صلاة يمتزج فيها التواضع بالأنفة، وتزدحم بالبلاغة كأثمار على أغصان السطور. وقد دفعتني قراءة هذا النص إلى التفكر في مسألة تعبر بنا كل يوم فلا نعيرها اهتماماً، وهي أن أحداً منا لا يقول: المرحوم أبو العلاء المعري، ولا المغفور له جبران خليل جبران، بخلاف ما نستعمل عند استذكار الراحلين من الناس، بسطاء كانوا أم عظماء. وهذا يدلّ بوضوح على أن الثقافة وحدها من بين جميع مظاهر الحضارة الإنسانية، تضع الموت في جيبها الصغير، وأن الوعي الجمعي لأي أمة تحت السماء لا يعترف بموت المثقف، بل يظل يراه على قيد الحياة، قريباً كأن لم يرحل. إنه اعتقاد لا يشمل إلا المثقفين وحدَهم، بحيث تصبح الذكرى التي تُقام لهم، في أي مناسبة كانت، موعد شهادة لحياتهم المستمرة لا منصة للتحسّر على موت أبرم ساعته فيهم وراح».
وأردف: «على أننا لو تتبعنا في أدب جوزف مهنا مدى تعلقه بالحياة، لجئنا بكل كتاباته شواهد. يكفيه أنه، من باب حبّه للحياة، أعاد الاعتبار لنهج في اللغة، كان يظنّ الناس أنه مضى وانقضى، فإذا بجوزف مهنا يعيد بعثه، ويثبت أنه نهج قادر على التجدد ومواكبة العصر، وإن بدا محكم النسج متين الأوصال، بخلاف ما يسود ثقافة اليوم. وإذا كان الصراع الأبديّ بين الأمس والغد على حلبة الحاضر، يحتلّ مساحات النفس البشرية كلها، فإن من المنصف الاعتراف بأن المستقبل، إذا لم يبنَ على تراث الماضي، أصبح كحبال الريح المالحة رثا مهيأ للسقوط»، معتبراً انه «من المنصف أيضاً أن نعترف أيضا بأن هذه القاعدة لا تسري على الأدب وحده، أو الفنون بعامة، بل على السياسة كذلك. فالنظر في ماضي الناس هو الذي ينبغي له أن يؤهلهم لتحمل تبعات المستقبل أو إعفائهم منها، لأنه لا يرى إلا بضوء الماضي. قاعدة لا تورد المواطنين موارد تهلكة قطعا، بل تقودهم إلى مرفأ السلامة الأمين. فلو قام جميع المسؤولين باعتمادها في أزماتنا الحاضرة، وبخاصة أزمة الشغور في كرسي الرئاسة الأولى، لكان لنا منذ شهور عدة، الرئيس الوطني الجامع الذي إن نطق ماضيه ففخرا متواضعا، أو يومه فعزما صادقا، أو آتيه فرجاء لا يخيب».
وختم: «وبالعودة إلى المناسبة، إنها جزية الثقافة تدفعها كل يوم احتفالاً بكبير مضى، على ألسنة كبار باقين. طابت الذكرى ودام عبق جوزف مهنا عاشت الثقافة وعاش لبنان».