نواب الحاكم والدعسة الناقصة
أبدى إعلان نواب حاكم مصرف لبنان استعدادهم للقيام بما يلزم لفرض تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، حيث قال علناً أحد المشاركين بالبيان إنها الاستقالة الجماعية، ما أدّى إلى فتح النقاش حول خلفيات الخطوة وسياقها القانوني، حيث المصاعب التي تعترض طريق تعيين حاكم جديد لا تفتح الباب إلا لتمديد ولاية الحاكم رياض سلامة، تحت شعار الضرورات تبيح المحظورات، الذي بدأ الترويج له، وصولاً لاستعادة البعض لسابقة التمديد للحاكم ميشال خوري لشهور بانتظار انتخاب رئيس جديد للجمهورية، ما يؤكد الظنون بأن وراء بيان التهديد بالاستقالة تمهيد للتمديد لسلامة، وبالتالي وقوع البيان في موقع التخديم الوظيفيّ لصالح الحاكم.
المشكلة ليست هنا فقط، بل بكون مواقع نواب الحاكم بتوصيفه القانوني مربوطاً بفرضية شغور منصبه وفقاً لقانون النقد والتسليف، والنواب تم تعيينهم في ظروف غير بعيدة عن فرضية شغور منصب الحاكم أصلاً، وهم قبلوا الوظيفة وكان الاحتمال قائماً في أي توقيت، وهم يتقاضون رواتبهم الضخمة للقيام بهذه المهمة، ما يعني أن ليس أمامهم فرضية التذرع بالمفاجأة، بل عليهم الإجابة عن سؤال: ماذا جاؤوا يفعلون إن لم يكونوا مستعدين للقيام بالمهمة؟
يعلم نواب الحاكم أن تلويحهم بالاستقالة لا يعني شغور مراكزهم، لأن الاستقالة تبقى مجرد نية بالاستقالة إذا قاموا بتقديمها، ولا تسري مفاعيلها القانونية إلا بقبول الاستقالة من قبل الحكومة، وبالتالي تبقى الاستقالة مجرد فقاعة إعلامية ترفع عنهم تبعات أي فشل لاحق، إضافة لكونها محاولة أخيرة لفتح الباب للتمديد للحاكم.
من كلام رئيس الحكومة عن صرف النظر عن التعيين والتمديد، وحتميّة تكليف نواب الحاكم بتحمل المسؤولية، يبدو أن المناورة برمّتها قد فشلت، وترتبت عليها إصابة مكانة النواب ومصداقيتهم، ودرجة احترامهم من قبل الرأي العام، إصابة بالغة يصعب ترميمها، فصارت خطوتهم مجرد دعسة ناقصة.
التعليق السياسي