مناورات تحت الحزام في المنطقة الحرام

‭}‬ محمد صادق الحسيني

تحظى التدريبات الجوية، التي يجريها سلاح الجو السوري والروسي، في الأجواء السورية، باهتمام كبير من قبل المحللين العسكريين الإسرائيليين والأميركان، لأسباب عديدة أهمّها:
أ ـ انّ تنفيذ هذه التدريبات والمدة التي ستستغرقها، من 5/7 وحتى 12/7/2023، تشير الى انّ هذه التدريبات تكتسي طابعاً استراتيجياً وليست تدريبات تكتيكية فحسب.
ب ـ انّ هذه التدريبات تشكل دليلاً، أو تأكيداً، على تغيير هام في السياسة الروسية، المتعلقة بالعمليات الجوية في سورية، وهو الأمر الذي سيسفر عن تقييد حركة سلاح الجو الإسرائيلي، في الأجواء السورية، وربما وضع حدّ نهائي للنشاط الجوي الإسرائيلي، في هذه الأجواء.
في هذه الأثناء فإنّ المناورات تأتي في وقت يدّعي الأميركيون، انّ الروس بدأوا مؤخراً باستفزاز طائراتهم الاستطلاعية في السماء السورية الى حدّ الاقتراب من مواجهة او صدام مسلح بين الجانبين.
ذي وور زون / ذي درايڤ الأميركي المتخصص بالشؤون العسكرية والأمنية، كتب بتاريخ 6/7/2023 حول اعتراض مقاتلات روسية، من طراز سوخوي 35، لمُسيّرات أميركية ثقيلة، من طراز: ام كيو ريبر ٩ / MQ Reaper 9في منطقة عمليات سلاحي الجو السوري ـ الروسي في الأجواء السورية خلال تنفيذ مهمات تدريب مشترك، يوم 5/7/2023… أهمّ ما جاء فيه هو التالي:
1 ـ انّ المقاتلات الروسية استخدمت قنابل حرارية، من نوع جديد، لإبعاد المُسيّرات الأميركية الثلاث، التي كانت تحلق في منطقة العمليات المذكورة أعلاه، حسب تصريحات وصور رسمية نشرتا الناطق باسم البنتاغون الأميركي.
2ـ انّ هذه القنابل (المشاعل) الحرارية الروسية، من طراز: M 6، والتي يتمّ إسقاطها بالمظلات، تتميّز بأنها اكثر بطءاً في الهبوط ويستمرّ اشتعالها لمدة أطول (بسبب البط).
3 ـ ان إسقاطها أمام المُسيّرات الأميركية، إضافة الى تفعيل نظام: الحارق الخلفي / After burner / وهو عبارة ضغط انبعاثات محركات الطائرة ومزجها مع كمية كبيرة من الأوكسجين، مما يؤدّي الى زيادة قوة دفع المحركات بنسبة 50%، الأمر الذي يفضي الى ارتفاع سرعة الطائرة بشكل كبير.
حيث تستعمل هذه الطريقة في أوضاع قتال جوي محددة، يعرفها الطيارون، بينما ينتج عنها في حالة اعتراض المقاتلات الروسية لها امران هما:
أ ـ خلخلة خطيرة في الهواء المحيط بالمُسيّرات، الأمر الذي يؤدّي الى اختلال توازن تلك المُسيّرات، اضافة الى انّ المشاعل تُحدث خللاً او اختلالات كبيرة في الاتصال الالكتروني بين المُسيّرات وقواعدها الأرضية (السيطرة والتحكم) ما قد يؤدّي الى سقوط المُسيّرات.
ب ـ فقدان سيطرة مشغل الطائرة الأرضي (مركز القيادة والسيطرة) لسيطرتها على المُسيّرات، ما يمكن ان يسبّب سقوطها او تمكن العدو (الروس في هذه الحالة) من إنزالها سالمة والسيطرة عليها.
4 ـ تصريح قائد القياده المركزية الأميركية، الجنرال: إيريك كوريلا / General Eric Kurilla، بأنّ هذا السلوك الروسي قد يؤدي الى تصعيد نتيجة لأخطاء او لسوء تقدير.
المسؤولون العسكريون الروس ينفون هذا الادّعاء ويقولون انّ تصرف المُسيّرات الأميركية، من خلال أوامر التشغيل التي تصدر اليها من مراكز التحكم والسيطرة على الأرض، تؤدي بشكل آلي الى تفعيل أنظمة الدفاع الجوي، التي تحملها المقاتلات الروسية.
يُذكر انّ الحادث الجوي في الأجواء السورية، الذي تحدثت عنه المصادر الأميركية، حصل حسب خبراء غير رسميين، في أجواء بلدة سوسيان، الواقعة في ريف حلب الشمالي الشرقي، وعلى بعد / 35 كم / من مدينة حلب. وهو أمر خطير لا يتحمّل الروس والسوريون تكراره.
ما لا يقوله الساسة الأميركيون، ينطق به جنرالاتهم في مؤتمرات «بحثية علمية»…
يقول الجنرال: أليكس غرينكيڤيتش / Alex Grynkewich، وهو قائد الأسطول الجوي التاسع / Ninth Airforce الأميركي، خلال مؤتمر علمي أميركي، اسمه: Defense one Tech Summit، والذي عقد بتاريخ 14/6/2023.
1 ـ انّ قرار إرسال قاذفات أميركية شبحية، من طراز أف 22 الى الشرق الأوسط يعود الى قيام القوات الجوية الروسية بإطلاق صاروخ أرض جو، من طراز: بانتسير 1، ضدّ مُسيّرة أميركية من طراز MQ 9 في الأجواء السورية، بتاريخ 27/11/2022. وهي موجودة حالياً في قاعدة جوية أردنية.
2 ـ أما السبب الثاني لاتخاذ قرار إرسال هذه الطائرات فهو القناعة الأميركية بأنّ الهدف الإيراني السوري الروسي المشترك قد أصبح متمثلاً في إخراج القوات الأميركية من سورية.
فهل تغيّرت عقيدة الروس في المنطقة، نتيجة تطورات الحرب الأوكرانية، ودخول تل أبيب طرفاً تسليحياً مباشراً فيها!؟
إضافة الى سياسات التصعيد الأميركية، التي قد تعني توسع دائرة القتال لتشمل ساحات جديدة، قد تكون سورية هدفاً مثالياً للروس، لتلقين الجانبين الأميركي والإسرائيلي دروساً قاسية فيها، بالتعاون مع الإيرانيين، مرة أخرى!
بعدنا طيببن قولوا الله…