الانتخابات… وشراكة الأقوياء
} محمد حسن الساعدي
الانتخابات ظاهرة حضارية ديمقراطية متطورة من أجل تجذير حكم الشعب والتداول السلمي للسلطة ديمقراطياً وعبر صناديق الاقتراع والاختيار الديمقراطي من قبل الشعب للمرشح الأفضل والأنزه والأكثر حرصاً على مصالح شعبه وكفاءة لتمثيل الشعب في التنافس على خدمة المواطن دون ضغط أو ترهيب أو إغراء أو أيّ محاولة لإفراغ الانتخابات من مضمونها وأهدافها.
والانتخابات معيار حقيقي لممارسة الديمقراطية وترسيخ مفاهيمها الوطنية والإنسانية ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب إذا ما توفرت فيها النزاهة والشفافية وحرية وسرية الاختيار، وهو حقّ دستوري وطني وشرعي وأخلاقي يمارسهُ الشعب بكافة مكوناته واختيار من يمثلهُ من المرشحين المتنافسين في مجالس المحافظات المشكل من مختلف الأحزاب والكتل والقوى السياسة والتي حظيت بثقة المواطن .
وبالتالي على المرشح المنتخب العمل وبجدّ وتفاني على مطالب الشعب وتحقيق طموحاتهم وأمانيهم في العيش بحرية وكرامة في دولة مؤسّساتية تقوم على الهياكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقانونية والثقافية والعلمية والقادرة على مواجهة تحديات العصر وتوفير الأمن والاستقرار والحياة الحرة الكريمة وبناء مستقبل سعيد وزاهر للشعب والحفاظ على وحدة الوطن والدفاع عن حدوده.
وقد رأينا كيف زحف الشعب العراقي وباندفاع قوي من خلال شاشات التلفزة المحلية الى صناديق الاقتراع لاختيار الممثل الأكفأ والأخلص لخدمة الشعب والوطن من المرشحين وكلّ حسب قناعاته الوطنية.
اليوم هناك إشادة بإرادة هذا الشعب العظيم وتحدّيه قوى القتل والإرهاب والجريمة المنظمة التي رفعت شعار العداء للعراق وعموم الشعب العراقي .
إنّ ما يحدث في العراق اليوم والمتعلق بالانتخابات بنتائجها وصراع القوى والأحزاب المتنافسة منها والمؤثرة يدلُّ على ان العراق لم يزل بعيداً عن فهم وإدراك معنى الديمقراطية فكراً وممارسة .
وبكلّ تأكيد وللأسف الشديد فإنّ هذه القوى والأحزاب والتي خاضت العملية الانتخابية تتشدّق بالديمقراطية ولكنها لم تكن فعلاً ديمقراطية لأنها لم تقف الى جانب الشعب العراقي في محنته ومعاناته في تقديم الخدمة للمواطن العراقي ولم تحترم خياراته التي عكستها صناديق الاقتراعات.
ومن هذا المنطلق أقول لكلّ القوى والأحزاب السياسية العراقية، صغيرها وكبيرها بضرورة التعقل والإيمان بمنطق الربح والخسارة بين الفرقاء المتنافسين وانه لا بدّ من غالب ومغلوب في ايّ عملية انتخابية ديمقراطية وليكن الانتصار للشعب والوطن وهو الأهمّ وعليكم احترام خيارات الشعب العراقي وقراراته والتي سطّرها عبر صناديق الاقتراع ودفع ثمنها غالياً بدمائه الطاهرة الزكية يوم الانتخابات.
ولهذا عليكم الابتعاد عن وهم قناعاتكم الشخصية من انّ كلّ أحزابكم وائتلافاتكم المشاركة محبوبه ومقبولة من الشعب وانّ الشعب العراقي كله قد صوّت لصالحكم جميعاً وانكم اكتسحتم كلّ شوارع ومدن العراق وحزتم على ثقة الشارع العراقي وعموم العراق من شماله الى جنوبه وبالتالي سؤالي إنْ كنتم كلكم فائزين فمن الخاسرين فهل هناك منافسة بالعالم وبشتى مناحي الحياة السياسية والاجتماعية بلا خسائر وعلى صعيد شعب قوامة الملايين.
أيها الساسة العراقيون كونوا ديمقراطيين وعقلانيين وحكماء وتقبّلوا النتائج الانتخابية بشفافية وبروح رياضية كأسلوب حضاري متمدّن وقولوا للفائز ألف مبروك وبكلّ رحابة صدر وبلا اتهامات ضيّقة غير متحضّرة وبدون أدلة مادية تؤكد ظاهرة تزوير خطيرة قد تقلب موازين القوى الانتخابية لصالح هذه الكتلة او ذاك الائتلاف .
أثبتوا للشعب العراقي وكلّ شعوب العالم بأنكم واحة للديمقراطية في العراق الجديد وإنكم فعلا ديمقراطيون وتؤمنون بالعملية الانتخابية ولا تنسوا انّ هناك صولات وجولات مقبلة في مسيرة عراقنا الديمقراطي الجديد ولتجرّبوا حظوظكم مرة أخرى واني على يقين انّ القوائم الكبيرة لم تبق كبيرة والأحزاب الصغيرة سوف تكبر وهذا يتأتى من خلال أعمالكم وجهودكم في المستقبل والتي تصبّ في خدمة الناخب العراقي وخدمة الوطن وعموم الشعب العراقي وبالتأكيد فإنّ الشعب العراقي سوف يلفظ من لا يستحقّ صوته ألأنتخابي ولم يقبلهُ في المرة القادمة.
وكذلك لا يبخل عليكم الشعب العراقي بصوته إن كنتم صادقين وأوفياء ومخلصين لعهودكم ومواثيقكم الانتخابية وتوجهاتكم الوطنية الديمقراطية وليكن همّنا الاكبر جميعاً مصلحة العراق وخدمة شعبة العظيم ولننبذ الطائفية وسياسة التوافق اللاديمقراطية والتي تسلب حقوق الآخرين وابتعدوا عن الصراع من اجل التمسك بالسلطة والمناصب السيادية والخاصة ونهب المال العام على حساب الشعب وحقوقه الوطنية العادلة.