برنامج «لأني أنثى» يناقش موضوع «تزويج القاصرات»
تناولت الدكتور ماريز يونس في برنامجها «لأني أنثى» موضوع «تزويج القاصرات» الذي تعود اسبابه الى الثقافة المجتمعية والأوضاع الاقتصادية، والحالة الأمنية السائدة في العالم العربي، وجميعها تؤدّي إلى انعكاسات ونتائج كارثية، إن لجهة الحرمان من الطفولة، أو لجهة الاستقلالية والتعليم والحرمان من الحقوق للإنسان وللطفل.
حيث تطال أكثر من ١٢ مليون فتاة حول العالم تتزوجن قبل سن ١٨ سنة، بحسب إحصائيات الأمم المتّحدة.
وتبوأت السودان أعلى نسبة من تزويج القاصرات في العالم العربي، تلتها موريتانيا، ثمّ سورية وتبعتها فلسطين ومصر ولبنان.
استضافت د. يونس من لبنان الدكتورة هلا عواضة، أستاذة علم الاجتماع في الجامعة اللبنانية، وديما فرحات، من وحدة العنف الاسري في منظمة كفى، كما استضافت من العالم العربي الدكتور حسام الدين درويش من سورية، وهو أستاذ جامعي وباحث في الفلسفة في مركز الدراسات الإنسانية للبحوث المتقدّمة. والدكتور فضل الربيعي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة اليمنية، والدكتورة نيفين عبيد، باحثة في قضايا التنمية والنوع الاجتماعي ورئيسة مجلس أمناء مؤسّسة المرأة الجديدة من مصر.
طرحت د. يونس إشكالية تمحورت حول اتخاذ قرار الزواج بين الفرد والمجتمع؟ واضعة تزويج القاصرات في خانة العنف غير المباشر الذي يحتاج في معالجته ربما إلى سن قوانين تجرّم هذا الفعل.
اعتبرت دكتورة هلا عواضة أنّ القصة المتناولة تتضمّن ملامح عامّة تتشابه بين الفتيات. وربطت هذا المسار بثلاث منظومات، تبدأ من طغيان المنظومة المجتمعية التي تفرض هذا الواقع، في ظل خروق طفيفة بتدافع عن حق الفتاة القاصر بعيدًا عن التزويج. أضف إليها المنظومة القانونية التي تعطي الحق للأهل بتزويج أولادهم. مشيرة إلى غلبة المنظومة المجتمعية وإطاحتها بالمنظومات القانونية، وتبقى منظومة الحق الشخصيّ المتعلّقة بمسار الحياة.
وتحدّثت عواضة عن تجربتها الشخصية في هذا الإطار والتي لم تمنعها من شق طريقها التعليمي والعملي في آن، ونسبت المساهمة في إنجازه، إلى المحيط العائلي الذي تربّت ونشأت في ظلّه. ورأت عواضة، أنّ معركتها التي خاضتها في مسيرتها، ساهمت في بناء هوية جديدة لكيانها، أوصلتها إلى نيلها شهادة الدكتوراه الذي ترك بصماته على تحديد خياراتها التي انتقتها وعملت على تحقيقها.
وبيّنت ديما فرحات واقع تزويج القاصرات الذي لا يتم عن رضى واع للطرفين، واعتبرت أنّ هذا الموضوع كبير وحسّاس، ويجب أن يتجاوز أياً من الخطوط الحمر التي تُحاصره إن على صعيد الأحوال الشخصية الطائفية ـ أو على صعيد القوانين السائدة التي رغم اختلافها تسمح بتزويج القاصرات. وأكّدت على طرح دكتورة يونس بخصوص تصنيف تزويج القاصرات ضمن خانة العنف، مبيّنة التبعات والانعكاسات السلبية، والأزمات الناجمة عن هذا النوع من الزواج، على الأم وأطفالها وواقع الأسرة ككل. كما على رؤيتها بخصوص العمل على الثقافة المجتمعية من خلال مؤسسات التنشئة المجتمعية باعتماد التمكين للنساء والرجال على حد سواء، للخروج من هذه الدوّامة.
أمّا الدكتورة نيفين عبيد، فبيّنت أنّ قضية الزواج المبكر هي من أهم القضايا الموجودة في الأجندة الرسمية في حالة مصر. ولفتت النظر إلى نقاط محورية ترتبط بهذه القضية، اهمها الفقر، لكونه جزءاً من مسبّبات الزواج المبكر في البيئات الأكثر فقرًا، التي تراها فرصة للتخلّص من عبء اقتصادي، إضافة إلى تجسيد الأسباب النمطية والثقافية حول مكانة المرأة ودورها في المجتمع. واعتبرت أنّ الإشكاليات حول التدخّلات التي تتبنّاها مؤسّسات رسمية وأهلية لمناهضة الزواج المبكر، تكمن في تغاضي التعامل مع الاسباب التي تؤدّي إلى سياسات الإفقار، بدلا ً من الدعوات إلى وقف الزواج المبكر.
وسلّط الدكتور حسام درويش الضوء على هذه الظاهرة في سورية، والتي وصفها بالمؤسفة، مبيّنًا أنّها استفحلت فوصلت الى ٢٠% وفي بعض المخيمات الى 30%. معتبرًا أنّ الأهم من سن القوانين لوضع حد لهذه الظاهرة، هو التشدّد في تطبيق القوانين، إضافة إلى لحظ العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تؤدّي إلى استمرارها أو تفاقمها. واعتبر أنّه ينبغي تناول هذه الظاهرة بمرتكزيها البنيوي والفردي اللذين يسهمان ليس في ممارستها فحسب بل أيضًا في انتشارها.
اما الدكتور فضل الربيعي، بيّن أنّ الشباب اليمني نادرًا ما يتأخر بالإقدام على الزواج، وبالتالي هم يبحثون عن الفتيات القصّر، يعني بين عمر ١٢ و١٥ سنة. واعتبر أنّ هذه الظاهرة بتعقيداتها وتشعّباتها في المجتمع اليمني، لها تأثير ولها امتدادات كثيرة على تماسك المجتمع، وعلى تماسك الأسرة، وعلى حياة الزوجة نفسها، كما على حياة الأطفال. واستعرض تأثير زواج صغيرات السن، دون البلوغ، على الفتيات بتعرضهن إلى مشاكل نفسية، منها حالات اليأس، كما تعاني بعض هذه الزيجات من انعدام الاستقرار الزوجي، وينتهي بعضها إلى الطلاق، وفي كثير من الأحيان تُعاني الطفلات المتزوّجات من الأمراض التي قد تصل إلى الوفاة.
يُعرض برنامج #لأني-أنثى كل ثلاثاء الساعة الواحدة ظهرًا على شاشة تلفزيون مريم.
يُمكنكم متابعة الحلقة من خلال الرابط التالي: https://youtu.be/HQRrDfoUczU