لماذا قد يرتفع سعر الدولار مع نهاية ولاية سلامة؟
ناصر قنديل
– أتحدّى أن يقدّم أيّ من السياسيين والخبراء الذين يبثون الذعر بين الناس تحت شعار أن سعر صرف الدولار سيرتفع بصورة جنونية مع مغادرة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أن يقدموا سبباً علمياً يفسّر هذا الرعب الذي يقومون ببثه، والذي يهدف فعلياً الى تحقيق هذا الهدف، اي ارتفاع سعر الصرف عبر دفع الناس لشراء الدولار دون حاجتهم له، بل خوفاً من ارتفاع سعره، والتخلي عن الليرة رغم حاجتهم لها، خشية من انخفاض سعرها، فيكون الذعر سبب ارتفاع سعر الصرف، وليس ارتفاع سعر الصرف سبب الذعر.
– كانوا في الماضي يبررون التمسك بسلامة ويهددون بانهيار سعر الليرة إذا غادر منصبه بذريعة أن سعر الصرف تصنعه الثقة، وأن الأسواق والمؤسسات العالميّة تثق بسلامة، وأن اللبنانيين يثقون بسلامة ويشعرهم وجوده بالأمان، لنكتشف أن سلامة حافظ على تثبيت سعر الصرف بمدّ اليد على ودائع اللبنانيين، وتبديد قرابة مئة مليار دولار لتثبيت سعر الصرف، واليوم هل بقيت ثقة بسلامة خارجياً وداخلياً؟ وهل يشعر اللبنانيون بالأمان مِن مَن تصرّف بأموالهم دون علمهم أو إذنهم وأضاع عليهم جنى أعمارهم، فقط ليقدّم لهم وهم استقرار تبدّد؟
– نعم قد يرتفع سعر الصرف مع مغادرة سلامة، لأن هناك خطة لرفع سعر الصرف، بدأت بحملة ترويج يشترك فيها سياسيون ومسؤولون ونواب ووزراء وخبراء وإعلاميون ومؤسسات إعلامية، وآخر المشاركين نواب الحاكم، ترمي في التداول سعر الثلاثمئة ألف ليرة لبنانية لقاء كل دولار. وحملة الترويج هي لخلق بيئة نفسية تدفع الناس للتسابق على شراء الدولارات، والإسهام في رفع السعر. ويتم تنفيذ الشق الثاني من الخطة بهدف تحقيق القفزة الجنونية، وهو ضخ كميّة ضخمة من الليرات اللبنانية المطبوعة إلى الأسواق لشراء الدولارات.
– لإثبات ما نقول نتحدّى أي خبير مالي او نقدي أو مسؤول حكومي او مصرفي أن يقدم للبنانيين تفسيراً منطقياً لمعادلة مستمرة يعيشها اللبنانيون، مضمونها: إنفاق مصرف لبنان بين 700 و800 مليون دولار شهرياً من الاحتياطي، اي بين 8 و10 مليارات دولار سنوياً، وبقاء الاحتياطي عند رقم بين 8 و10 مليارات دولار دون تغيير، وبقاء سعر الصرف دون تغيير، أي أن هذه الدولارات التي أنفقها مصرف لبنان لم تكن من الاحتياطي بل تمّ سحبها من السوق لكنها لم تؤثر على سعر الصرف، وهذا يعني شيئاً واحداً أن هناك فائضاً ضخماً من الدولارات في سوق التداول يشتريه المصرف ويقوم بتمويل صيرفة منه، وليس عجزاً يقوم بتمويله من الاحتياطي، كما يزعمون.
– يعرف الذين يتابعون الأوضاع الاقتصادية والمالية أن معادلة لبنان التي تحدّث عنها صندوق النقد الدولي، واسمها بالتأقلم اللبناني، وأبدى خشيته من أن تؤدي إلى عدم السير بنصائحه في ظل تحسن الأوضاع من دون هذه النصائح، قوامها انخفاض الاستيراد من جهة، وزيادة الهجرة ومن ورائها زيادة التحويلات من جهة مقابلة، فصارت الدولارات التي تخرج من لبنان أقل إلى النصف، وزادت الدولارات الداخلة الى البلد مرة بزيادة تحويلات اللبنانيين من الخارج وفق تقارير البنك الدولي من 6 الى 8 مليارات، ومعها زيادة الصادرات من 2 الى 4 مليارات، فيصير الفائض الوارد إذا أضفنا عائدات السياحة، وتمويل النازحين ومنظمات المجتمع المدني والمال السياسي، بين 8 و10 مليارات دولار سنوياً، تعادل ما ينفقه مصرف لبنان دون أن يتأثر حجم الاحتياطي ودون أن يرتفع سعر الصرف.
– الحقيقة التي تحتاج إلى قليل من الشجاعة لاختبارها، هي أن مغادرة سلامة سوف تؤدي إلى انخفاض سعر الصرف، لأن التصرف بالفائض الوارد من الدولارات يتم اليوم من قبل سلامة لتمويل تحويلات المصارف والنافذين الذين يشترون الدولارات من منصة صيرفة دون سواهم، بسعر مدعوم، وإذا توقف ذلك فإن الحاجة لاستعمال الفائض لا تمثل أكثر من نصفه، ويبقى النصف الآخر زيادة في الاحتياطي إذا اشتراه مصرف لبنان، أو يتسبّب بانخفاض سعر الصرف إذا لم يقم مصرف لبنان بالشراء.
– الحقيقة الثانية هي أنه إذا توقف مصرف لبنان عن ضخ العملة الورقية المطبوعة الى الأسواق، وأخذنا بالاعتبار حاجات الإنفاق العام، بالليرة والدولار، بعد احتساب واردات الدولة بالليرة والدولار، واعتبرناها من مسؤوليّة المصرف، رغم أنها ليست كذلك، فإن هذا الإنفاق لا يتعدّى مليار دولار بالدولار ومثله بالليرات اللبنانية، وهذا ربع الفائض المحقق، ويكفي الالتزام بحدوده سقفاً لما ينفقه مصرف لبنان من الليرات والدولارات، حتى يبدأ سعر صرف الدولار بالتراجع أمام الليرة.