آخر الكلام
رسّام الحارات القديمة
} يكتبها الياس عشي
وكان صباح، وكان مساء، وكان أن اقتحم المغول الحارات الدافئة، والأماكن الحميمة في سوريةَ، فدمّروا، وأحرقوا، وقتلوا، معيدين إلى الذاكرة مشهد هولاكو المتوحش وهو يرمي، في دجلة والفرات، مكتبات بغداد، وجثث الضحايا.
هال «رسّام الحارات القديمة»، الشاميُّ الانتماء، ما حدث، وشعر أنّ اللوحة التي كان يسعى إليها ليضمّها إلى مجموعته، قد وجدها، وكلّ ما عليه الآن أن يتوجه إلى ذلك البيت الشامي العتيق الذي رسمه قبل أيام، والذي صار اليوم ركاماً.
بعد ساعات كان يقف أمام كومة من الحجارة المحروقة. رسم المشهد بكلّ خطوطه المأساوية، وكتب في أسفل اللوحة: الشرّ مرّ من هنا.
بعد أيام أقام رسّام الحارات القديمة معرضه، وكان الناس يمرّون أمام لوحاته، ويتوقفون مليّاً أمام لوحتين: لوحة البيت الشامي العتيق المتشامخ ببركة الماء، ولوحة البيت ذاته وقد صار ركاماً!