سلامة المُلاحَق قضائيّاً يخرج بطريقة فولكلوريّة من المركزي منصوري يتولّى مهامه اليوم: لا تمويل للحكومة خارج قناعاتي
عد تربُّعه على كرسيّ حاكميّة مصرف لبنان ثلاثين عاماً، راسماً ومخطّطاً ومهندساً لسياسة لبنان الماليّة والنقديّة التي انتهت إلى شبه إفلاس للدولة ونكبةٍ كارثيّة لمعيشة المواطنين وتبخُّر معظم الاحتياط الإلزامي للمصرف المذكور بالتزامن مع وضع المصارف يدها على جنى عمر المودعين بشحطة قلم، لينشأ بعدها ماسُمّيَ حزب المصارف الذي تحكّم بالشراكة مع سلامة بالكتلة النقديّة وحجمها وقيمتها وأدّت إلى تدهور سريع ومفاجئ ومُريع للعملة الوطنيّة. وسط كلّ هذا الخراب المالي للدولة، خرج رياض سلامة من المصرف المركزي بطريقة فولكلوريّة، ملاحقاً بعشرات الدعاوى الماليّة والجزائيّة في لبنان والخارج ومذكرتيّ توقيف من الإنتربول بطلب من القضاء الفرنسي بعدما تقاعس عن حضور جلسات التحقيق معه، كما فعل في لبنان.
وفي يومه الأخير، قال سلامة خلال مغادرته المصرف أمام موظّفيه «بودّعكن، بسّ قلبي باقي مَعكن، مصرف لبنان صمد وسيبقى صامداً!».
وبالتزامن عقد النائب الأول لحاكم مصرف لبنان وسيم منصوري الذي سيتولى منذ اليوم منصب الحاكم، مؤتمراً صحافيّاً تحدّث فيه عن الخطوط العريضة لمهامه الجديدة.
وكشف منصوري أنّ “المجلس المركزي في مصرف لبنان أصدر قراراً يمنع المساس بالتوظيفات الإلزامية عام 2021 واكتشفنا قناعةً لدى السلطة السياسيّة ألاّ نيّة لديها للإصلاح” وقال “خيارنا كان ثابتاً وواضحاً وهو أنّه مهما كانت الأسباب التي تدفع الحكومة لطلب أموال من المصرف المركزي فهي أسباب غير مبرَّرة على الإطلاق ويجب أن يتوقّف هذا الاستنزاف نهائيّاً”، لافتاً إلى أنّ “موجودات المصرف محدودة لذا لا بدّ من الانتقال إلى وقف تمويل الدولة بالكامل”.
وأكّد “أنّنا مستعدون لنكون إلى جانب النواب يوميّاً لتزويدهم بالأرقام والمعلومات”، داعياً إلى أن يكون التعاون قانونيّاً متكاملاً بين الحكومة والبرلمان والمصرف المركزي.
وأعلن أنّه “لن يتمّ التوقيع على أيّ صرف لتمويل الحكومة إطلاقاً خارج قناعاتي وخارج الإطار القانوني لذلك”، موضحاً أنّه “لا يُمكن للبلد أن يستمرّ من دون إقرار القوانين الإصلاحيّة خلال مدّة الستة أشهر المُقبلة، وهي موازنة العام 2023 التي الحكومة بصدد الانتهاء منها في جلسة اليوم (أمس) ولاحقاً موازنة العام 2024 ضمن المهل الدستورية، وقوانين الكابيتال كونترول وهيكلة المصارف وإعادة التوازن الماليّ”.
وتابع “ننظر إلى فترة انتقاليّة قصيرة تسمح بتمويل الدولة بموجب قانون”، مؤكّداً أنّ “تشريع الصرف من التوظيفات الإلزاميّة من مصرف لبنان يجب أن يكون مشروطاً بردّ الأموال ويجب أن يكون التشريع لفترة محدّدة ومشروطة وسيسمح القانون بدفع الرواتب بالدولار وفق منصّة صيرفة”، مُضيفاً “أعتذر منكم لا يُمكن للمصرف المركزي رسم السياسة النقديّة والماليّة ويجب التعاون مع الحكومة والبرلمان ولا يُمكننا تغيير الوضع الحالي بمفردنا”.
واعتبر أنّ “ما يُعزِّز الاستقرار، هو القانون المُقترح الذي ستطلب الحكومة إقراره، والذي يُعزِّز قدرات المصرف المركزي على التدخل في سوق القطع في حال محاولة أيّ من المضاربين التلاعب، مع التأكيد أن القضاء والقوى الأمنيّة تُراقب عن كثَب أيّ محاولات للتلاعب في سوق القطع، سواء أكان اليوم أم في الغد أو في الفترات المُقبلة”.
وتعهّد منصوري بـ “الشفافيّة الكاملة في عملنا ونصرّ على رفع السريّة المصرفيّة عن الجميع”.