أولى

الرئيس الأسد و المؤتمر القومي العربي

لا يمكن الحديث عن مشروع مستقبليّ دون الهوية الجامعة التي تنطلق من مفهوم الأمة، والتي قد تكون مستندة إلى مفهوم نظرية مؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي أنطون سعاده، حول الأمة السورية، أو مرتكزة الى عقائد حزب البعث او حركة القوميين العرب أو الأحزاب الناصرية ومحورها الانتماء الى الأمة العربية، أو ذاهبة الى مدى أبعد بالحديث عن أمة إسلامية، كما تؤمن التيارات الإسلامية، وتقول الجمهورية الإسلامية في إيران.
رغم الخلافات العقائدية تلتقي هذه المفاهيم حول الهوية الجامعة تحت عنوان الأمة عند مهمتين راهنتين، الأولى اعتبار الاستقلال الوطني مشروطاً بتحرير فلسطين، ودعم حركات المقاومة كنتيجة طبيعية لذلك، والثانية العمل لتوحيد ما هو مقسّم ضمن صيغ متحرّكة للاتحاد أو الوحدة، ولو بالحد الأدنى لحاجات التشبيك الاقتصادي والأمني.
الترويج لدعوات تتنكّر لمفهوم الأمة على درجاته ومستوياته المختلفة، للقول بعناوين مثل لبنان أولاً ومصر أولاً والأردن أولاً وسورية أولاً، تعني التخلي عن فلسطين والوقوع في وهم تحقيق الاستقلال في ظل هيمنة كيان الاحتلال على القرار الإقليمي كوكيل للمصالح الغربية يحظى بالدعم الأميركي الكامل، وتعني الوقوع بوهم إمكانية التصدي للتحديات الاقتصادية والأمنية دون التشبيك والتعاون مع مكوّنات الأمة، وفقاً لأي من مفاهيم الإيمان بها، وقد أثبت تاريخ الكيانات الوطنية أن لا تنمية ولا أمن خارج مفهوم الوحدة أو الاتحاد أو التشبيك كحد أدنى.
ما قاله الرئيس السوري في لقائه مع الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي حول أنه «لا يمكننا الحديث عن انتماء سياسي دون أن نتحدّث عن مفهوم الانتماء كهوية»، معتبراً أن «العمل القومي يجب أن يرتكز على المستويين الفكري والتطبيقي»، هو بالضبط ما قالته الأحداث التي مثلها ما سُمّي بالربيع العربي، حيث كان الانتماء السياسي تحت مسميات معارضة أو موالاة لا يرتكز على مفهوم للهوية، وما لبث هذا الانتماء السطحيّ والهش أن تلاشى وتحوّل الى فوضى فتحت الطريق للإرهاب والتطرف كحامل لمفهوم هوية، تفوّقت رغم انتمائها إلى التوحش ومعاداة الفطرة البشرية، والقيم الإنسانية، بينما صمدت المواجهة للمشروع التخريبي الذي رعاه الغرب بإدارته لرياح الربيع العربي، حيث كانت المواجهة تعبيراً عن انتماء سياسي يستند إلى مفهوم الانتماء إلى هوية كحامل لمشروع قومي، ونجح بإلحاق الهزيمة بـ التطرف والإرهاب.
ما قاله الأمين العام للمؤتمر القومي العربي حمدين صباحي عن مكانة سورية ونصرها في النهوض العربي دقيق جداً، لأنه دون محور وازن يحمل مشروع المواجهة مع المشروع الغربي على المساحة العربية ويشكل حضناً للمقاومة، لا تملك النخب والقوى الشعبية المساندة للفكرة القومية القدرة على إنتاج ميزان قوى قادر على إحداث التغيير المنشود، والتحوّل الفكريّ الذي أنتجته سورية بصمودها ونصرها يوازي التحول في موازين القوى الذي جلب اليها الكثيرين ممن كانوا ينظرون نظرة مخالفة لما شهدته، وهذا كما يصحّ في النخب، ويصحّ في الحكومات، يصحّ بحال شرائح شعبية واسعة، ولذلك من الطبيعي أن يتحدث صباحي عن التطلع الى الاستثمار على نصر سورية لتحقيق حال النهوض.
سورية قلعة لمحور المقاومة، لكنها أيضاً العمود الفقري للمشروع القومي.

التعليق السياسي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى