النيجر : الاستقلال فوق الديمقراطية
– يتسابق مؤيدو الغرب من الإعلاميين والسياسيين العرب للتحدث عن حتمية الوقوف ضدّ الانقلاب في النيجر بداعي أنّ الوقوف مع الديمقراطية يتقدّم على ما عداه، فيشعر المؤيدون لمعادلات التحرر من الاستعمار الغربي بالحرج.
– الشيء الأكيد هو أنّ الغرب يتعامل مع قضية الديمقراطية بالمفرّق وليس بالجملة، فهو حيث تنتج الديمقراطية ما لا يناسبه يرفض التعامل مع نتائجها، ولا ننسى كيف تعامل مع نتائج الانتخابات الفلسطينية التي شارك في مراقبتها كلّ المراقبين الغربيين والأميركيين منهم وشهدوا بنزاهتها وشفافيتها وصدق نتائجها، وبمجرد أنّ الانتخابات حملت أغلبية تقول بالمقاومة لم يتردّد في حصارها وفرض العقوبات على الذين فازوا بـ حصيلتها، وكما في كلّ مرة خرجت الأصوات المؤيدة للغرب تبتكر نظرية تداولها فيلق المطبّلين والمزمّرين العرب الملتحقين كعبيد بالسياسات الأميركية، وعنوانها أنّ الديمقراطية ليست الانتخابات فقط، ولا هي صناديق الاقتراع، بل هي جملة شروط تبدأ بالاعتراف بكيان الاحتلال، وطبعها تطوّر المفهوم اليوم وصارت الديمقراطية تبدأ بالترويج للشذوذ والزواج المثلي وشرعنة الجمعيات والمناهج التي تروّج لاعتماده نمطاً اجتماعياً بديلاً لما اعتاده البشر لآلاف السنين معتمدين على فطرتهم الإنسانية.
– من واجبنا ومن حقنا أن نسأل ماذا عن الدول التي يشيد الغرب بما يسمّيه الحكومة الرشيدة فيها وليست حكوماتها نتيجة انتخابات، وفي طليعتها دول عربية خليجية، ولا يرفّ جفن هؤلاء المثقفين والاعلاميين العرب عند التحدث عنها، متجاهلين فلسفتهم وعقيدتهم الديمقراطية، بل يشيدون جهاراً بخطوات جمع مال الأسرة الحاكمة التي قام بها ولي العهد السعودي رغم طابعها الانقلابي بالمفهوم السياسي، وأسموها سياسة إصلاحية.
– نحن لا نعترض على نظرية هؤلاء بأنّ الديمقراطية ليست انتخابات فقط، ولا على نظريتهم بأنّ الحكومة الرشيدة ليست ديمقراطية فقط، وأنّ الإصلاح قد يكون انقلابياً، لنقول بموجب كلّ ذلك إنّ معيارنا للديمقراطية والإصلاح والحوكمة هو تحرير البلاد وقرارها وثرواتها من هيمنة الأجنبي المستعمر، وما دام الانقلاب في النيجر يفعل ذلك فهو يستحق التأييد، وإذا كان لا بدّ من وضع أولوية في الخيارات بين الديمقراطية والاستقلال فإنّ الاستقلال يتفوّق على الديمقراطية، ولا ديمقراطية تعبّر عن الإراده في بلد فاقد للإرادة الحرة.
التعليق السياسي