أخيرة

دبوس

النقطة الحرجة…

لا بدّ وأن تكون هنالك نقطة حرجة تكون معها المبادهة نحو توخّي الصدام أمراً حتميّاً لا مناص منه لأنّ سياسة الصبر الاستراتيجي تصبح بعدها سياسة غير قابلة للاستمرار، ومدعاة لتفسيرات سلبية غير ذات جدوى، حينما يصبح الأمن الغذائي في مهبّ الريح، وتصبح الطاقة الكهربائية في منطقة الآمال والأمنيات والتمنّي، وتندفع الليرة سقوطاً حرّاً بلا قاع، وتهدّد الحياة حتى في أدنى صوَرها، حينئذٍ علينا ان نشمّر عن السواعد، ونشحذ الأظافر والأسنان والنواجذ، ونشدّ القبضات، وننفث الزفرات،
صرخات الشعب السوري المقاوم العظيم بلغت عنان السماء، وعادت المقدرة على مزيد من التحمّل صفرية مستنفذه، ولم يبق من ذخيرة الصبر والتحمّل إلّا السراب، والتصق الظهر بالحائط بلا منطقة مهما تضاءلت للمناورة، وبلغت القلوب الحناجر، وتبخّر الجَلَد وتبعثر الأمل، واصطبغت السماء بلون المرثيّات الداكنات من شدة الأسى والتأسَي، بينما يجلس المعتدي مرتاحاً في أرضنا يحتفظ لنفسه بحق الاستيلاء المفعَم بالقهر على ثروات نحن في مسيس الحاجة لها لإطعام أطفالنا، وبث نبضات الطاقة في جنبات بيوتنا وشوارعنا ومصانعنا…
لقد آن الأوان لنقول بالفم الملآن، وملء الوجدان والوعي والإدراك المستنير، يا روح ما بعدك روح، أيّ دعوة لمزيد من التروّي واحتساب الأناة والارتكان الى بعض التأنّي والحكمة، ستكون بمثابة دعوة للموت والاندثار…
خيراتنا ها هناك، طعامنا ها هناك، ثرواتنا النفطية والمائية ها هناك، ونجلس نتضوّر حوعاً وعطشاً وخواءً وقهراً ونحن ناظرون، لست أرى سوى نهاية المطاف، وبداية الانفكاك من هذا العدو المارق، الذي لا يمكن ان يفهم سوى لغة القوة، لن يرتدع ولن يرعوي ولو ملأنا السموات السبع صراخاً واحتجاجاً وضجيجاً وتشاكيَ، ولسوف يرتطم في صميم وعيه عند أول قتيل من جنوده مضرّجاً بالدماء، وسيحسبها ويحسبها ثم تنهمر عليه إلحاحاً الرغبة في المغادرة، ثم حينما يسقط الثاني والثالث، والتاسع والعاشر، ستجدونه يهرول نحو المطارات والقطارات والعجلات مطلقاً سيقانه للريح، طلباً للنجاة، لا يلوي على شيء، هكذا كان، وهكذا هو، وهكذا سيكون،
وما نيل المطالب بالتمنّي
ولكن تؤخذ الدنيا غلاباً
وللحرية الحمراء باب
بكلّ يدٍ مضرجةٍ يدقّ
سميح التايه

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى