أولى

هل انتبهتم إلى ثبات سعر الصرف؟

مرّت خلال أقل من عشرة أيام أحداث ضخمة على لبنان، كان سوق الصرف باعتباره مرآة يومية للقلق والخوف والتوقعات، يتفاعل مع مثلها بتسجيل المزيد من الانهيارات في سعر الليرة اللبنانية أمام الدولار.
لم يكن أحد في الدولة وخارجها يستطيع المجاهرة، إلا قلة قليلة، نحن منها، بأن رحيل الحاكم السابق لمصرف لبنان رياض سلامة، يمكن أن يمر على سوق الصرف بسلام، سواء كان المعني بالتوقع الذين روجوا للذعر المالي سعياً للتمديد لسلامة بداعي أنه الضمانة وحده، أو الذين ليسوا ضمن فريق المروجين لسلامة وكانوا يخشون من الانهيار، إما بداعي تصديقهم لكذبة سلامة، أو لأنهم يخشون من حمى المضاربات وألاعيب المافيات المالية. ورحل سلامة ولم يتأثر السوق، مقدماً لنا صورة من الصور النادرة حول أن مكانة سلامة في عقول اللبنانيين لم تكن تستجيب للدعاية المكثفة التي تمّ تجنيدها للترويج له ودب الذعر المالي.
الأحداث الأمنية الخطيرة التي شهدها مخيم عين الحلوة واستمرارها لأيام وارتفاع وتيرتها الى مستويات شديدة الخطورة، وما أعادته الى التداول من مخاطر تكرار حرب مخيم عين البارد، ومخاطر اتساعها لتشمل توريط الجيش اللبناني في معركة مع المخيم، وسط مسارعة أطراف لبنانية بفتح ملف سلاح المخيمات، كانت أيضاً سبباً كافياً لظهور ذعر أمني وسياسي يترجم في سوق الصرف بانهيار في سعر صرف الليرة.
البيانات الصادرة عن سفارات دول الخليج والتي تضمنت إشارة الى خطورة الوضع الأمني في لبنان، والتي دعت الى مغادرة الرعايا وتحذير الباقين من خطورة الوضع، ليست أمراً عادياً، فهذه البيانات تصدر عن الدول التي قيل إن اللبنانيين يعتبرونها الجهة الأشد معرفة بما يجري في كواليس العالم والمنطقة وما يدبّر للبنان، وهي الدول الغنية والممتلئة مالياً والتي قيل إن اللبنانيين يقيسون ثقتهم بقدرة بلدهم على الحياة بموقفها منه، ورغم البيانات ولهجتها القاسية، لم يهتز السوق، ولم يتأثر سعر الصرف.
هذا الثبات في السوق يقول إن كل ما عرفناه أيام رياض سلامة كان تلاعباً مقصوداً ومبرمجاً، ويقول إن كل ما تم ترويجه عن الذعر المالي كان كذباً مبرمجاً، ويقول إن اللبنانيين واثقون بأن بلدهم قابل للتعافي، وإن اللبنانيين الذين تابعوا خلال أيام أداء الحاكم الجديد وسيم منصوري قد منحوه ثقتهم، بعدما سمعوه ورأوه يتصرّف كما ينتظر من أي مسؤول صادق وجدّي، يتحمل مسؤوليته وفقاً للقوانين، ويتصرف من هذا الموقع الحساس بكل شفافية، وأقنعهم بأدائه أنه أهل للثقة.

التعليق السياسي

Related Articles

Back to top button