دبوس
وراء الأكمة ما وراءها
لا أعتقد بأنّ الأمر يحمل في طياته ضغوطاً أميركية مفرطةً استطاعت ان تكبح جماح الاندفاعة الخليجية وبالذات السعودية نحو التطبيع والتشبيك مع إيران وسورية، لأنّ المقدرة التي أبدتها القيادة السعودية في ملف إنتاج النفط والتعاون الوطيد مع روسيا في ذلك، تتيح لنا ان نستنتج بأنّ المملكة قد تمكّنت من التفلّت بصورة حاسمة في ما يتعلق بالتحكّم في إنتاج النفط، والذي يمثل شأناً بالغ الأهمية بالنسبة لدولة الهيمنة.
تقليص الإنتاج العالمي يؤدّي بالضرورة الى ارتفاع أسعار الطاقة، البارحة وصل سعر غالون البنزين العادي هنا في أميركا الى أربعة دولارات، تستطيع ان تشاهد على مقابض مضخات البنزين في كلّ مكان في الولايات المتحدة الأميركية، ملصقات وضعها ناشطون، تشير الى حجم الإحباط بسبب الأسعار المتفاقمة للطاقة، مكتوب عليها.
هذا ما فعله الأحمق بايدن بالأسعار، هي مسألة تمسّ حياة الأميركيين اليومية، فإنْ لم تفلح هذه الإدارة في إجبار ابن سلمان على ضخ مزيد من النفط في الأسواق لتليين الأسعار، وهو أمر حيوي بالنسبة لأميركا، فمن باب أوْلى انّ الضغط في مسألة التطبيع مع إيران وسورية أقلّ إلحاحاً، وبالتالي أوهى فاعلية وإلزاماً.
هنالك شيء ما يحدث وراء الكواليس، ربما من قبيل ممارسة التكتيك لتحسين شروط التفاوض، حول آبار النفط المشتركة في الخليج، والمتنازع على النسب فيها، وربما في ما يتعلق بنصيب كلّ دولة من كعكة القيادة للمنطقة، وربما يكون هنالك سوء تقدير من قبل البعض للكيفية التي تتعاطى فيها إيران في مسائل تمسّ الإرادة والأمن القومي والمصالح الحيوية لديها، فقضية الجزر الثلاثة على سبيل المثال، طنب الصغرى وطنب الكبرى وأبو موسى، هي قضايا غير قابلة للمساومة، وقس على ذلك الحصص في آبار النفط المشتركة.
لن تقدّم إيران اي تنازل في ما يتعلق بذلك، وعلى قيادات دول الخليج ان تفهم كواليس العقل الإيراني، وكيف يفكر، حتى لا تتفاجأ بين الفينة والأخرى بجدار رفض إيراني غير قابل للزحزحة، إيران تناور وتمارس التكتيك في الكثير من القضايا، أما القضايا المبدئية، فهي تبقى كجلمود الصخر الذي لا يتزحزح قيد أنملة، والدليل على ذلك موقفها من القضية الفلسطينية منذ 44 عاماً، والذي لا وجود فيه لِذرّة واحدة من التخلي أو التغيير، بل تراكمت صلابته مع مرور الزمن…
سميح التايه