دبوس
المناعة الموضوعية والإعلام المرتزق الفتنوي
لعلّ واحدة من أبشع تجلّيات التوحّش الرأسمالي هي انسحابه الى الجسم الإعلامي بكلّ ما أوتي من غلاظة وثقل وبشاعة في المنطقة الفكرية الإشعاعية التثقيفية، وهو متكدّس بطريقة تجعل من تلك الأريحية التي يتسم بها العمل الفكري التنويري آخر ما يتناسب مع الكتلة النوعية للجسد الرأسمالي، ولكن الأمور لا تسير عادة بهذا المنطق، فالرأسمال الغليظ المفعم بتضخم المقدرة الجذبية، او خاصية الجذب المركزي سيجد طريقه الى استخدام أدوات مرتزقة ارتضت لنفسها، وبإغراء سخيّ من رأس المال، أن تكون أداة للتشويه والتضليل وقلب المعايير في يد الأوليغارشية الرأسمالية،
ها نحن هؤلاء، نجد في كلّ مكان كتّاباً وأدباء وصحافيين يرتضون لأنفسهم الجلوس على عتبات أصحاب رأس المال، للقيام بمهمّات تخدم المصلحة العليا لرأس المال، يستخدمون ما بحوزتهم من قدرات وتجارب كانت تنويرية تحقيقية لتضليل الشارع والعامة وتخديماً لأجندة رأس المال، وترويجاً لأفكار واستراتيجيات قد تبدو للوهلة الأولى جذابة بارقة، ولكنها تحمل في طياتها تعزيزاً للمظالم وطمساً للحقائق ودفناً للرؤى الخيرية…
لنا في القضية الفلسطينية مثال صارخ على كيفية الاصطفاف الوحشي الذي ترتب مع طرح المشروع الصهيوني نحو التنفيذ، فتصدّت الماكينة الإعلامية لتحالف الأوليغارشية الأنجلوساكسونية القاتلة والصهيونية العالمية لتبني عبر المنظومة الإعلامية التي تسيطر على 95% منها، سرديةً تعتبر المعتدي السارق العنصري حاملاً لمنارة الديموقراطية وذائداً عن مفاهيم الحرية والتنوير، بينما الآخر، والذي يدافع عن وجوده، مخرّباً إرهابياً مارقاً، ان من واجب النخب وذوي الرؤى وأصحاب البصيرة الثاقبة، والذين لا ينطوي عليهم التضليل الأوليغارشي، ان يجدوا وسيلة لتعضيد المناعة الموضوعية لدى الشارع، فالكيان الموضوعي تماماً كما الكيان الفيزيائي، بحاجة الى مناعة موضوعية تجعله محصناً من هجمات التضليل الفيروسي.
سميح التايه