مقالات وآراء

الحوادث الأمنية المتلاحقة…

‭}‬ رنا العفيف
محاولة فاشلة لاستدراج لبنان إلى حرب أهلية، والجيش اللبناني ينجح بدوره كصمام أمان، أيّ دور للأدوات الداخلية التي تريد ضرب استقرار لبنان؟ وما أهداف ذلك؟
على ما يبدو أنّ هناك جهوزية لتنفيذ أجندة المؤامرة التي تُحاك ضدّ لبنان، عبر أشخاص معيّنين يقومون باللازم وفق المنظور الأميركي والاسرائيلي، استكمالا للحواث الأمنية المتلاحقة في لبنان، وبالتالي نحن أمام أكثر من مشهدية تتزامن مع تطابق الأحداث التي تربط وقائع حقيقية لا يمكن إخفاؤها اليوم، أيّ ما جرى ويجري كان محضراً له مسبقاً، على سبيل المثال أحداث الطيونة التي رأينا مسلحين يتمركزون على أسطح البناية، وكذا أحداث الكحالة لم نر هذا المشهد ولكن رأينا وسائل إعلام تحريضية مجهّزة عدّتها وكأنها تدار من غرفة واحدة، وهذا طبعاً يجب أن تعاقب عليه وتتحمّل مسؤولية ما يحصل، لأنّ الخلايا السياسية والأجهزة الإعلامية التي حرّضت وأطلقت خطاب الحقد والكراهية أيضاً شريكة في هذه الجريمة السياسية والأمنية، ولا فرق بينها وبين الخطاب أو النهج العنصري الذي تسلكه الولايات المتحدة و»إسرائيل»، فهما وجهان لعملة واحدة يمكن التدقيق به عبر تشابه أوجه القلاقل الأمنية هنا وهناك، لا سيما أنّ هناك فرقاً كبيراً وواضحاً بين وسائل إعلام الحقد والتحريض وبين إعلام كاظم الغيظ وإعلام ضبط النفس الذي تمارسه المقاومة كعادتها، وهذا حقيقة ما يسمّى الردّ أو الصبر الاستراتيجي الذي ينتهجه أيضاً حزب الله أمام مشهدية الفوضى التي تحاول استدراج لبنان إلى ما لا يحمد عقباه…
يمكن القول بأنّ الخلاصة من توتير الوضع في لبنان، تأتي عبر ورقة استثمار من قبل قوات محلية لبنانية وكذا بعض القنوات العربية وتحديداً الخليجية، إذ يدلل على مجموعة حوادث وتوترات أمنية تدار من الخارج لأهداف سياسية وميدانية، ما يعني أننا ما زلنا في خضمّ الحرب الناعمة التي استبدلت بالحرب الخشنة، بعد فشلها في تطويع لبنان والمقاومة، وبالتالي فإنّ عملية تغذية الخلايا ليست وليدة اللحظة وإنما منذ العام 2006، إذ بدأ مخطط تغذية الخلايا ومن ثم تدار ثورة، عبر تجنيد حوالي أكثر من سبعين ألف لبناني وفلسطيني وسوري في لبنان، يعملون لصالح «إسرائيل» ومنهم يدري ما هي الأهداف ومنهم لا يدري، والهدف من كلّ هذا التوتر هو إشغال المقاومة في الداخل، إلا أنّ المقاومة تعي تماماً وتدرك حجم الهول في جرّ لبنان إلى كارثة، بمعنى سياسي أنّ هناك من يريد الحرب ولا يقوى عليها وأنّ هناك من يقوى على الحرب ولكنه لايريدها، وطبعاً هذه معادلة باتت معروفة، وفي المحصلة تكون هذه الحوداث ضمن مخطط التدبير الذي ينفذ أجندات إسرائيلية أميركية لإشعال فتنة داخلية تريدها الولايات المتحدة بعد أن خسرت نفوذها غرب آسيا بعد توقيع الاتفاق الإيراني ـ السعودي برعاية صينية، وهذا مؤشر على أنها لم تقف مكتوفة الأيدي، وانطلاقاً من هذا افتعلت سياسة الحرائق في المنطقة، أيّ أشعلت السودان وانتشرت في باب المندب عبر تحشيد عسكري، وكذا أعطت اليد الطولى لتركيا في سورية لتتحرك بحرية أكبر، إضافة إلى أنها دعمت وقوّت فصائل المجموعات الإرهابية داعش والنصرة التي تتشارك معها سرقت مقدرات الشعب السوري، وأقفلت 12 بنكاً لتمنع العراق من تسديد ديونه مقابل النفط، وكذا قانون قيصر وغير ذلك من الملفات الساخنة التي تريد بها محاصرة المنطقة كطوق أمني مفتعل لإحداث الشغب أو إحياء الفوضى من جديد، وانطلاقاً من موقع أميركا، قد يكون لقوى إقليمية عربية خليجية وتحديداً السعودية التورّط وذلك من خلال بيانات السفارات التي أطلقت بشكل مفاجئ دون سابق إنذار تريد أن تتموضع بمكان ما، لتستفيد من أجواء التوتر أو التصعيد وهي حتماً تتقاطع مع مصالحها، بالتالي تكون البصمة الاسرائيلية والأميركية متواجدة بقوة كيف ذلك؟
الأحداث الأمنية المتتالية وآخرها في الكحالة، هي تتزامن قطعاً مع الاجتماعات التي عقدها مجلس سياسة الشرق الأوسط قبل أسبوعين في مؤتمره في الكونغرس، كان يتمحور حول التخلص من حزب الله، والجدير بالذكر ما قاله أيضاً نائب وزير الخارجية الأميركية السابق والسفير السابق في لبنان ديفيد هيل عن التخلص من حزب الله، إذ قال ما معناه انّ التخلص من حزب الله لا يجب أن يكون عبر القوة المفرطة والعدوانية، والتي يمكن أن تؤدّي إلى عنف وصراع مفاجئ، بل يجب اعتماد منهج تدريجي بدءاً من الحدود والميناء وصولاً للمطار بحسب هيل، الأمر يتطلب البناء ببطء، وهذا يؤكد تورّط أميركا و»إسرائيل» في تنفيذ جرائم عنصرية في لبنان عبر أدواتها، لأنها تخشى الحرب المباشرة مع حزب الله.
فـ لطالما هناك أجندات ينفذون مأربها لا تلجأ إلى هذه الحرب مبدئياً، لأنّ لديها مخزوناً كافياً من الخلايا السياسية النائمة، ووقع الاختيار على لبنان لتعويض نفوذها المتراجع في التأثير، لذلك ربما قد يتمّ تحريك المزيد من الأدوات لافتعال أو إشعال لبنان والمنطقة برمتها، وبالتالي قد نكون أمام سيناريو خطير قد يفسّره البعض على أنه حرب، لكن الحرب مستبعدة لأنّ هناك مخزوناً خلايا تكفيرية تشغلها «إسرائيل»، وهذا يعني أننا أمام سيناريو من عدم الاستقرار وأيّ ساحة تنطلق منها شرارة التصعيد ستشعل باقي الساحات ربطاً بالمخطط الصهيوني المدبّر لتفكيك البنى التحتية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى