إعلام واستراتيجيات الحلف الصهيو أميركي والمطبّعين الأدوات
د. علي عباس حمية
ترابط خطط أميركا ببعضها يؤدّي لنفس النتيجة ومن ثم تتكشف المؤامرة ضمن الحلقات الضائعة في المخططات، وإنْ كانت المخططات تظهر بطرق مختلفة ومتنافرة احياناً ليخيّل للبعض بأنها لا تتلاقى أبداً وان هذا مع أميركا من أدواتها وحلفها على اعتبار انه اصبح ضدّها مجرد انه قارع وخالف أميركا بخطة ما وتنشر في إعلام التضليل كي يتمّ تمرير خطة جديدة لأميركا من خلاله.
على سبيل المثال التقارب السعودي الصيني، هل هو فعلاً ضدّ أميركا؟
طبعاً لا، ولكنه هامش أعطي للسعودية لإنشاء حرب باردة في الشرق الأوسط لفترة وجيزة حتى تأخذ “إسرائيل” أنفاسها مما تعانيه من حرب المتناقضات، وهي تعاني من تآكل داخلي سوف يؤدّي بها بلا شك الى الزوال. وعليه، فلتتوقف أميركا عن التواصل والتجارة مع الصين إذاً، ولتحاسب أميركا “إسرائيل” على التعاون التجاري والبحري الوثيق بين الصين والعدو الصهيوني، مع انّ الكيان المؤقت لا يمكن له الابتعاد عن الظلّ الأميركي قيد أنملة وإلا يزول. وهنا يلعب الإعلام الصهيوأميركي على المتناقضات لتضييع فرص التقارب او التباعد.
أما في لبنان، ومنذ العام 2006، حيث كان المربع الأول للمخطط الصهيو أميركي التطبيعي وقد قامت المقاومة بانتصارها الكبير عليهم وعلى من ساعد العدو الإسرائيلي بأمواله ومعداته وإعلامه، وهنا بيت القصيد، ذلك الإعلام الذي تمّ الإنفاق عليه وفق الكونغرس الأميركي أكثر من 500 مليون دولار لتشويه صورة المقاومة وقادتها، وبث الخلاف بين اللبنانيين ليتمّ اعتبار انّ العدو والتطبيع وجهة نظر وانّ المقاومة هي العدو، وقد اجتمعوا بوزيرة خارجية الشيطان الأكبر حينها كونداليزا رايس حيث أخبرتهم “انّ حزب الله قد انتهى”، وقد أعلنوا عن فرحهم البغيض حينها، إلا انّ فرحتهم لم تدم وقد خيّبت المقاومة آمالهم مما كانوا يرجون وكسرت أهداف العدو على لبنان ومقاومته وجيشه وشعبه.
ووفق الاعترفات والتصريحات لقادة العدو الاسرائيلي انّ لبنان لا يمكن اختراقه عسكرياً، فالمقاومة لديها قوة ردعية قاصمة ولكن يمكن اختراقه أمنياً، كما حصل في مخيم عين الحلوة، فلم يعد بإمكان العدو إرسال طائراته الحربية بغارات على المخيم ولكنه يستطيع بث الفرقة وتأجيج الحالات الأمنية وإشغال المقاومة اللبنانية والفلسطينية بذلك،
إلا انّ البداية والنهاية دائماً تكون بالاختراق عبر وسائل إعلام لبنانية متصهينة مع الأحزاب الداعمة لها، حيث كانت دائماً ولا تزال تتقاطع مصالحها وآراؤها مع الصهاينة أكثر مما تتقاطع آراء الصهاينة بعضها مع بعض.
الصحيح انّ المخطط الصهيو أميركي مع مطبّعيه وأدواته يريدون العودة بنا إلى المربع الأول من الفوضى الخلاقة والدواعش والشرق الأوسط الجديد الذي أفشلته المقاومة وحلفها، ولكن الآن بطرق جديدة، ولربما قد بدأت أميركا وأعوانها بضخ الأموال مجدّداً لتلك الأقنية التلفزيونية المتصهينة من أجل معاودة حرب التضليل والتشويه التي لم تنته بعد ولكنها الآن اكثر حدّة وعدائية وعلانية الى جانب العدو الإسرائيلي وحلف التطبيع ضدّ المقاومة وحلفها، بالإضافة الى معظم النواب التغييريين من داخل البرلمان اللبناني الذي يعتبرون انّ رأس الحرية الأميركية هي الشذوذ، وانْ لم تكن معهم فأنت ضدّ الحرية، تلك هي حرب الحرية الشيطانية الجبرية الأميركية على الشعوب من خلال وسائل إعلام شاذة عن الوطن ونواب شذوذهم فاق كلّ التوقعات الطبيعية للإنسان والإنسانية.
فهل الإرهاب الأمني والإعلامي التشويهي الصهيوأميركي تطبيعي ضدّ المثلث الوطني الذهبي المتمثل بـ “الشعب والجيش والمقاومة” سيترفع أكثر لإبطاء أو تأجيل الحفر عن النفط والغاز في بحرنا او استخراجه وتصديره، ذلك الحفر الوشيك البدء، كي لا تقوم لنا قائمة اقتصادية قريبة للبنان، وهذا ما تساعد عليه قنوات التحريض والتشويه المتصهينة في لبنان؟ وعليه، يبقى لبنان على الرغم من انه قوي باستراتيجيته الدفاعية يحاولون الإبقاء عليه ضعيفاً اقتصادياً، ولكنهم لن ينجحوا طالما أننا نفهم ما يرمون اليه من أضاليل وتشويه ولن تستطيع أميركا وأدواتها الداخلية من إعلام وخلافه النجاح ببث الفرقة او الفتنة بين اللبنانيين، كما لن يتمّ ثنينا عن استخراج نفطنا وغازنا، طالما انّ المقاومة والجيش والشعب الوطني الحاضن بالمرصاد لأيّ اعتداء عبر حرب ناعمة كانت او صادمة نارية خشنة.
في استراتيجيتهم يعتبرون انّ المرحلة الاولى منذ العام 2006 كانت فيها سورية ولبنان والعراق ومصر أكثر قوة وبحالة اقتصادية أفضل، أما الآن وفق تحليلاتهم فقد ضعفت تلك الدول بكلّ الموازين الاقتصادية والبلاد دون كهرباء والسدود التركية قد أنهكت سورية والعراق وسدّ النهضة قد أضعف الزراعة في مصر، وأردوغان الرئيس التركي يتراجع عن الاجتماعات مع سورية وروسيا، للملاحظة لا ننسى انّ في تركيا أكثر من خمسين رأس نووي أميركي مع قواعد أميركية تحركها وتحرك أردوغان متى تشاء مع ترك الهوامش له كما تفعل مع أمراء وملوك الخليج، حيث مدّدت أميركا حصار سورية عبر قانون قيصر لغاية العام 1032، ومن ثم فرضت على معظم دول التطبيع الحالية او العتيدة التراجع عن التقرّب من الرئيس السوري بشار الأسد، والشرط ان تخرج إيران وحزبها كما يدّعون من سورية لمعاودة الانفتاح. وهذا سيضعف سورية الى الحدّ الأقصى، فدول التطبيع لا يمكن لها المضيّ قدُماً بالتطبيع السهل المريح الا بتغييب الرئيس بشار الأسد عن المشهد السياسي العربي وإضعاف حلف المقاومة.
نعم انها الحرب الإعلامية مقدمة لحرب القيم والتحضير للحرب الكبرى التي تبادر لها أميركا، وما كان تقرّب بعض الدول المطبعة الا لكسب الوقت، وذلك من أجل العدو الاسرائيلي لترتيب بيته الداخلي واعادة تأهيل القبة الحديدة وإدخال السلاح الليزري عليها، ولتحرك سلس للقوات الأميركية وزيادة أعداد القواعد الأميركية في الكيان المؤقت ودول الخليج وتركيا والأردن لزيادة الخناق على سورية وحلف المقاومة ومحاولة تحييد القضية الفلسطينية مؤقتاً عن الصراع للقضاء عليها لاحقاً، حتى يتسنّى للمطبّعين إعطاء الحصار على حلف المقاومة طابعاً مذهبياً، تقوم أميركا أولاً بمحاولة إضعاف وتسوية مؤقتة في أوكرانيا ونقل الصراع مجدّداً للشرق الأوسط استعداداً للحرب الكبرى التي أصبحت أشراطها واضحة المعالم.
ولكن وفق كتبهم ومعاهدهم ومراكز أبحاثهم الصهيونية فإنّ الحرب ستكون قاسية عليهم وانهم منهزمون، كما لدينا الكثير من الأدلة من مصادرهم سنكتب عنها لاحقاً، وكذلك وفق كتبنا ومراكز الأبحاث لدينا فإنّ حلف المقاومة هو المنتصر.
المقاومة التي تتراكم قوّتها وبفضل مُسيّراتها فرضت على العدو الترسيم البحري ومجيء الحفارة، ودون الاعتراف بوجود كيان العدو، فإنّ المقاومة ستستكمل الخطوات من أجل لبنان وتحرير أرضه ومجابهة اية إعاقة أو عرقلة، ومنع بث أيّ فتنة من الأدوات الداخلية والمتصهينة مع إعلامهم التشويهي التضليلي المشبوه، ورغم أنوفهم لا فتنة في لبنان، وانّ المثلث الذهبي “الشعب الجيش المقاومة” هو المنتصر بإذن الله…