حول التحقيقات القضائية اللبنانية «البطيئة» مع رياض سلامة
} بشارة مرهج
تروّج بعض الصحف والأجهزة الإعلامية أنّ صفحة رياض سلامة الحاكم السابق للبنك المركزي الذي يلاحقه الانتربول بغرض توقيفه واستكمال التحقيقات الأوروبية معه ستطوى نهائياً بعد صدور التقرير المحاسبي الجنائي الذي أصدرته شركة «ألفاريز أند مارسال” العالمية بتكليف من الحكومة اللبنانية. وقد كشف التقرير، الذي قاوم سلامة واتباعه صدوره، التضليل والخداع والتزوير الذين توسّلهم سلامة أدوات لاختلاس أموال الناس والمصرف المركزي على حدّ سواء، فضلاً عن تزوير حسابات البنك وتحويل الخسائر الى أرباح وتغطية رشى ومنح غير مشروعة لسياسيين وإعلاميين ومصرفيين بلغت مليارات الدولارات. والتقرير على أهميته لم يكشف عن كلّ شيء لأنه اقتصر على مدة زمنية محدّدة ولم يدقق في كلّ الحسابات والمعلومات التي أعطيت إليه منقوصة ومشوّهة.
إذن لا بدّ من جولة تحقيق جديدة تشمل المركزي وكلّ المؤسسات التابعة له كي تنجلي الحقيقة ويتمّ اتخاذ التدابير والقرارات القضائية اللازمة بشأنها، علماً بأنّ توافر هذه المعلومات والحسابات أمر ضروري لمعرفة الأرباح والخسائر وفيما إذا كان هناك من اختلاس ومختلسين في هذه المؤسسات المهمة تضاف الى ما سبق فتشقّ المحاسبة الجنائية طريقها وتستعاد الأموال المنهوبة ومن بينها أموال المؤسسات التابعة وأموال شركة “فوري” الذائعة الصيت، وأموال الهندسات المالية التي استحوذ عليها مصرفيون معروفون بالاسم مما يفتح الطريق نسبياً أمام سم من الأموال المنهوبة ورسملة الاقتصاد والبدء بتعويض المودعين.
الى ذلك فإنّ هذه الحقائق التي يُفترض ان تنجلي هي أكثر من ضرورية للشروع بعملية إعادة هيكلة البنك المركزي كما البنوك التجارية، خاصة انّ البنوك التي تلاعبت مع سلامة والطبقة السياسية بأموال الدولة والناس يجب ان تتوارى عن الأنظار بعد دفع ما يترتب عليها عبر أحكام قضائية صارمة تعيد ثقة اللبنانيين باقتصادهم الوطني كما بالقضاء اللبناني الذي لعب بعض قضاته (جان طنوس، غادة عون، هيلانة اسكندر) دوراً مشهوداً في صونه وحمايته في أصعب الظروف.
انّ القضاء اللبناني لا يجوز ان يكون متخلفاً عن القضاء الأجنبي الذي سبقه بفراسخ في التحقيق بقضايا جرت في لبنان بداية وتخص اللبنانيين أساساً. لذلك هو مدعو اليوم من قبل كلّ اللبنانيين المخلصين لبلدهم ان يبادر بزخم لترميم البنيان وتوزيع المهمات للإمساك بالملفات المعروفة والبتّ فيها بالسرعة اللازمة حتى لا يتحوّل تقرير “ألفاريز أند مارسال” الى ورقة صفراء تطوي أكبر فرصة يملكها اللبنانيون اليوم للانطلاق والعمل بجدّ من أجل فتح كوة ولو صغيرة على طريق الإصلاح والإنقاذ.