اليونيفيل تجديدٌ أم تهديدٌ…؟
} شوقي عواضة
أنشأتِ الأمم المتحدة وفقاً لقراري مجلس الأمن 425 و426 الصّادرين عام (1978) قوّات اليونيفيل محدّدة مهامها بالآتي:
1 – تأكيد انسحاب القوّات الاسرائيليّة من جنوب لبنان.
2 – إعادة السّلام والأمن الدِوليينِ.
3 – مساعدة حكومة لبنان على بسط سلطتها الفعليّة في المنطقة.
بعد عدوان تموز عام 2006 تطوّر دور قوات اليونيفيل بناء على قرار مجلس الأمن الدولي 1701 ليضاف إلى مهامها السّابقة ما يلي:
أ – رصد وقف الأعمال (العدائيّة).
ب – مرافقة ودعم القوّات المسلّحة اللبنانيّة خلال انتشارها في جميع أنحاء جنوب لبنان، بما في ذلك على طول الخطّ الأزرق، بينما تسحب إسرائيل قوّاتها المسلّحة من لبنان.
ج – تنسيق الأنشطة المُشار إليها في الفقرة السّابقة (أعلاه) مع حكومة لبنان وحكومة الكيان الصّهيونيّ.
د – تقديم مساعدتها لضمان وصول المساعدات الإنسانيّة إلى السكان المدنيين والعودة الطّوعية والآمنة للنّازحين.
هـ – مساعدة القوّات المسلّحة اللبنانيّة في اتخاذ خطوات ترمي إلى إنشاء منطقة بين الخطّ الأزرق ونهر اللّيطاني خالية من أيّ عناصر مسلّحة، موجودات وأسلحة غير تلك التّابعة لحكومة لبنان وقوّة اليونيفيل المنتشرة في هذه المنطقة.
و – مساعدة حكومة لبنان، بناء على طلبها، في تأمين حدودها وغيرها من نقاط الدّخول لمنع دخول الأسلحة أو الأعتدة ذات الصلة إلى لبنان دون موافقته.
بالرّغم من كلّ تلك القرارات فإنّ قوّات اليونيفيل لم تنفّذ مقرّرات مجلس الأمن لصالح لبنان رغم وضوحها بل إنّها مع زيادة مهمّاتها باتت تشكّل قوّةً لحفظ وحماية الكيان الصّهيونيّ وأمنه وليس لحفظ وحماية المدنيّين في لبنان ولم تلتزم بالعمل من خلال التعاون مع القوّات المسلّحة اللبنانيّة والقوى الأمنيّة بل تحوّلت إلى قوّةٍ رديفةٍ لجيش الاحتلال الصّهيوني من خلال صمتها عن عمليات الخروقات المتراكمة للعدوّ الصّهيوني على لبنان برّاً وبحراً وجوّاً وتحوّلت إلى شاهد زورٍ خلال سنواتٍ طويلة.
الجديد في قضية قوّات اليونيفيل هو ما يتمّ طبخه خلف الكواليس في المطبخ الأميركيّ الصّهيوني في جلسة التّجديد لها في نهاية الشّهر الحالي وبتأييد من بعض (السّياديّين) اللّبنانيّين الذين لم يسجلوا اعتراضهم على تعديل مهام اليونيفيل المفروضة أميركيّاً من خلال المسودّة الفرنسيّة التي تلغي دور الجيش اللّبنانيّ في الجنوب وتبيح لليونيفيل حرّية الحركة المطلقة دون التّنسيق مع الجيش اللّبناني لتتحوّل من قوّاتٍ لحفظ السّلام إلى قوّات احتلالٍ أو جيشٍ على نسق جيش العميل أنطوان لحد له حقّ التّحرّك والمداهمة والاستطلاع والاعتقال لضمان أمن الكيان الصّهيوني الذي سعى ولا يزال يسعى لتعديل مهمّات اليونيفيل، وهو ما أكّده العديد من قيادات العدوّ الصّهيوني وفي مقدّمتهم رئيس حكومة الكيان المؤقّت بنيامين نتنياهو الذي وضع القضية في أولى اهتماماته وجولاته ولقاءاته الديبلوماسيّة واحتلّت اهتمامات القيادة العسكريّة للعدو،
وفي هذا الإطار كتب العميد الصّهيوني أساف أوريون المتخصّص في الشّؤون الاستراتيجيّة والدفاعيّة وأحد الباحثين العسكريّين في معهد واشنطن مقدّماً تحليلاً موجزاً عن دور اليونيفيل للمعهد يقول فيه: «سيحظى المجتمع الدوليّ هذا الصّيف بفرصة أخرى، ربما الأخيرة، لدرء خطر الحرب خلال جلسة التّصويت السنويّة المقبلة لتجديد مهمّة قوّات «اليونيفيل». وهذا سيتطلّب كسر حلقة «النسخ واللّصق» المهلكة التي لا تخضع في إطارها مهمّة «اليونيفيل» وهيكليتها إلا لتغييرات بسيطة وتواجه قوّات حفظ السّلام هجماتٍ متزايدةً من قبل حزب الله وتفسح اليونيفيل المجال للوجود العسكريّ للحزب في الجنوب، الأمر الذي يزيد من حدة التوترات على طول الحدود مع إسرائيل أولاً وأخيراً، لاستدعاء الإرادة السّياسيّة اللازمة لكسر هذه الحلقة يجب على المسؤولين الاعتراف بتزايد احتمالات وقوع حرب. ولذلك يجب على أعضاء مجلس الأمن وضع استراتيجيّة لبذل المزيد من الجهود لمنع صراعٍ كبيرٍ مع حزب الله بدلاً من التركيز كلياً على الأزمة الاقتصاديّة في لبنان، لأنّنا أمام وضعٍ إنسانيٍّ كارثيٍّ سيجعل الأزمة الاقتصاديّة الحالية تبدو باهتة مقارنة به. وبالتالي، يمكنهم الانطلاق من تسليط الضّوء على انتهاكات حزب الله للقرار 1701 وخطابه الذي يقرع طبول الحرب. وينبغي أيضاً النظر بجديّة في مقترحات تحسين تقارير «اليونيفيل» وهيكل قوّتها ومهمتها (على سبيل المثال، تغيير فترة التجديد إلى ستة أشهر بدلاً من اثني عشر شهراً) بعدما رفضها في السّنوات الفائتة. ومن الأفضل للدول التي تساهم في قوّات في «اليونيفيل» أن تعيد تقييم المخاطر على عناصرها في حال التصعيد، بما أنّ قوّات حفظ السلام تنتشر في قلب منطقة يُحتمل أن يندلع الصّراع فيها. ربما تبلغ احتمالات وقوع الحرب أعلى مستوياتها منذ العام 2006، والآن ليس الوقت المناسب لتعمل الأمم المتحدة كما جرت العادة».
وعليه فإنّ أيّ تغيير بمهمّة اليونيفل سيترتب عليه العديد من التداعيات كما يلي:
1 – مطالبة رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب ومندوبة لبنان في الأمم المتحدة آمال مدللي بمنع صدور القرار وتمريره وتحملّهم كامل المسؤوليّة.
2 – إنّ ايّ تغيير في مهمّات اليونيفيل هو مطلبٌ صهيونيٌّ بامتيازٍ ويشكل انتهاكاً لسيادة لبنان.
3 – حرّية الحركة «لهذه القوّة» من دون تنسيق مسبق مع الجيش اللبناني يعني تحويلها إلى جيشٍ رديفٍ للاحتلال الصّهيوني أو إلى حارسٍ له.
وأخيراً لا بدّ من التّذكير بموقف الأمين العام لحزب الله السّيّد حسن نصر الله الذي يلخّص الموقف السّياديّ الحقيقيّ للبنان باعتبار قوّات اليونيفيل قوّات احتلال وسيتمّ التعامل معها على هذا الأساس في حال تمّت الموافقة على تعديل مهامها. حينها سيدرك الجميع أنّ سلامنا تصنعه بنادقنا وأمننا وسيادتنا لا تصان إلّا بقوّة الجيش والشّعب والمقاومة…