لبنان يخسر جولة تعديل القرار المعدل للتجديد لليونيفيل باستعادة إلزامية التنسيق مع الجيش/ بوحبيب: نرفض مسودة التجديد… ومنصوري: الرواتب بالدولار مؤمنة… وباسيل تجديد بالتزكية/ طلال سلمان يترجّل عن صهوة القلم أستاذاً ورمزاً لثقافة المقاومة وفلسطين وبيروت والهوية القومية/
كتب المحرّر السياسيّ
غادر طلال سلمان وبقيت كلماته الصارخة في برية الحرف، ترجّل عن صهوة قلمه وبقي فارساً من فرسان الثقافة المقاومة، صوتاً مدوّياً يدعو للهوية القومية وفلسطين وحب بيروت والمقاومة. واليوم يوارى في وداع مهيب في بلدته البقاعية شمسطار، بينما سيرته تتردّد على ألسنة الناس حكاية لا تنسى للقلم الذي كتب التاريخ وصنع التاريخ مراراً، وليس له إلا لقب واحد “الأستاذ طلال”، رمز مدرسة تخرّجت منها أقلام، وصحف وإرث صفحات تحكي يوميات أمة ووطن ومقاومة.
في الشأن السياسي الداخلي، انتظار لوصول المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان، وعودة وزير الخارجية عبد الله بوحبيب من نيويورك وهو يخوض معركة تعديل القرار المعدل للتجديد لليونيفيل، منعاً لتصادم اليونيفيل مع الأهالي كما قال، وتمسكاً بدور اليونيفيل كمساعد للجيش اللبناني وليس كبديل عنه، فيما المعطيات المتوافرة من مداولات مجلس الأمن توحي بخسارة لبنان للمعركة الدبلوماسية ومخاطر انتقال التأزم إلى قرى وبلدات الجنوب في العلاقة بين اليونيفيل وأهالي الجنوب.
وفيما يعيش اللبنانيون هاجس تفاقم الأزمات الاقتصادية والمالية على وقع تكرار حاكم مصرف لبنان بالإنابة وسيم منصوري رفض تمويل الدولة من احتياط البنك المركزي، وينامون على ثقل انتظار عودة مبعوث الرئاسة الفرنسية الى لبنان، وآمال بأن تحمل معها انفراجات في الاستحقاق الرئاسي، خطفت نيويورك الأضواء مساء أمس، إذ أعلن وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله أبوحبيب، بعد اطلاعه على مسودة مشروع القرار المطروحة حالياً في مجلس الأمن والمتعلقة بتجديد ولاية اليونيفيل، بوضوح عن رفض لبنان للصيغة المتداولة لكونها لا تشير إلى ضرورة وأهمية تنسيق اليونيفيل في عملياتها مع الحكومة اللبنانية ممثلة بالجيش اللبناني، كما تنصّ اتفاقية عمل اليونيفيل المعروفة بالـSOFA.
كما ذكّر أبوحبيب رفض لبنان بأن يعطي الشرعية لنقل ولاية اليونيفيل من الفصل السادس، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي ١٧٠١ الصادر عام ٢٠٠٦ والداعي الى حل النزاع بالطرق السلمية، الى الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة الذي يدعو الى فرض القرار بالقوة.
وكان ابوحبيب عقد أمس، سلسلة اجتماعات في الأمم المتحدة في نيويورك استهلها مع المندوبة الدائمة للولايات المتحدة الأميركية، ثم مع المندوبين الدائمين لبريطانيا واليابان وفرنسا، إضافة إلى اجتماع مع سفراء الدول العربية لدى الأمم المتحدة. كما أجرى لقاء مطولاً مع مساعد الأمين العام لشؤون عمليات حفظ السلام في دائرة الشرق الاوسط، وفق بيان وزارة الخارجية والمغتربين. وشدد ابوحبيب في لقاءاته على أن الاستقرار في جنوب لبنان يرتكز على العلاقة الجيدة بين اليونيفيل والسلطات والأهالي في لبنان من جهة، ومن خلال إظهار الحدود البرية من جهة أخرى.
وإذ لفت بيان الخارجية الى “حرص لبنان على حرية حركة اليونيفيل بالتنسيق مع الجيش اللبناني بما يحفظ السيادة اللبنانية وينجح مهام القوة الدولية ويحفظ سلامة عناصرها”، لفتت إلى أنّ “إظهار الحدود البرية يساهم في وضع حد للتوترات المستمرة التي تحصل على الحدود بسببها، علماً أن لبنان طالب خلال الاجتماعات الثلاثية، التي تنعقد في الناقورة برعاية الأمم المتحدة، باستكمال المحادثات حول معالجة النقاط الخلافية والمتحفظ عليها المتعلقة بالخط الأزرق، إلا أن الإسرائيلي لم يتجاوب”.
وشارك منسق الحكومة اللبنانية لدى اليونيفيل العميد الركن منير شحادة من ضمن الوفد اللبناني، حيث قدم عرضاً حول الخط الأزرق والنقاط التي يتحفظ عليها لبنان والخروق الإسرائيلية، والأراضي اللبنانية التي ما زالت تحت الاحتلال الإسرائيلي، حضره عدد كبير من الملحقين العسكريين للدول الأعضاء في الأمم المتحدة وموظفون دوليون في سكرتاريا الأمم المتحدة.
وأشارت مصادر مطلعة لـ”البناء” الى أن “لبنان يخوض معركة ديبلوماسية وأجهض حتى الساعة مسودة قرار بمثابة فخ نصبه الإسرائيليون عبر الأميركيين لتوسيع صلاحيات اليونفيل ومنحها إجراءات رادعة تحت الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة”، ولفتت الى أن الأميركيين رفعوا السقف بالحديث عن الفصل السابع للحصول على السقف الذي يريدونه وهو تثبيت وتجديد التعديل الذي حصل العام الماضي على القرار 1701 والحؤول دون إلغائه كما يريد لبنان”، محذرة من محاولات الأميركيين لإلهاء لبنان بموضوع الفصل السابع للتغاضي عن تعديل العام الماضي على صلاحيات وقواعد عمل اليونيفيل.
وأكدت المصادر بأن لبنان لن يقبل بأي مسودة لا تتحدّث بشكل واضح عن إلزامية تنسيق اليونيفيل مع الجيش اللبناني وضمن المساحة الجغرافية التي حدّدت في القرار 1701”، وشددت على أن ما عجز الاحتلال الإسرائيلي عن أخذه تحت الصواريخ والنار في حرب تموز لن يأخذه اليوم في ظل التغيرات الكبيرة في موازين القوى والردع بين لبنان و”اسرائيل” وعلى مستوى المنطقة والعالم.
وأشار المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان، خلال خطبة الجمعة الى أن “تقديم اليونيفيل كقوة فوق السيادة والمصالح اللبنانية أمر غير مقبول، ولا قيمة له على أرض الواقع. ومن يفعل ذلك فلينقع قرارات مجلس الأمن وليشربها، كما كانت تفعل “إسرائيل” بها وما زالت”.
ورأى أن “حرية حركة اليونيفيل فقط ممكنة ضمن حدود السيادة والمصلحة الوطنية، وكثرة التطبيل لا تفيد، وأهلنا في الجنوب ضابطة أمن وأمان ودرع حصينة وظهر وثيق، ومحاولة مجلس الأمن تقديم اليونيفيل كقوة مواجهة خسارة لليونيفيل، ولن نقبل بأي بديل عن الصيغة الوطنية للدفاع الوطني”.
بدوره، أشار رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد، الى أننا “نريد سيادة هذا الوطن وحِفظَ أمن الناس على اختلاف مذاهبهم وطوائفهم واتجاهاتهم والاستقرار والتنمية والتطوير لأوضاعهم السياسية والاجتماعية في هذا البلد، وكل ذلك لا يتحقّق إلّا إذا كنّا أقوياء قادرين على الدفاع عن وجودنا ووطننا”.
ولفت رعد، الى أن “ما نشهده اليوم من أزمةٍ وجوديّة داخل كيان العدوّ ليس منشؤه هذه الساعة وإنّما منشؤه مرارةُ الهزيمة التي بدأ الإسرائيلي يستطعمها منذ ٢٥ أيار من العام ٢٠٠٠”. وأكد على أننا “نحمل راية المقاومة من أجل تحقيق هذه الغاية وكل من يطالبنا بنزع هذه الراية أو بالتخلي عن السلاح إنما يقف في جبهة الأعداء الذين يريدون انتهاك سيادة بلدنا وتهديد أمن مواطنينا والتحكّم والتسلّط على مقدرات وثروات وطننا واللعب بمستقبل أجيالنا”. ولفت رعد إلى أنّ “العزّ الذي يستشعره اللبنانيون في هذه المرحلة لم يستشعروه في تاريخ لبنان من قبل، وذلك لأننا تمكنا من الانتصار على العدوّ الصهيوني المعتمد من قبل الاستكبار، وهزمنا روحه وأسقطنا ثقة الملتزمين بمشروعه “.
وفيما ينقل عن مصادر فرنسية تأكيدها لزيارة لودريان الى بيروت في النصف الثاني لشهر أيلول، بدأت الكتل النيابية بإرسال أجوبتها عن أسئلة المبعوث الفرنسي إليه عبر السفارة الفرنسية. وبعد كتلة التنمية والتحرير علمت “البناء” أن كتل الاعتدال الوطني واللقاء الديمقراطي وتكتل تيار المردة ستقدم الأجوبة مطلع الأسبوع المقبل.
وذكرت مصادر اعلامية أن “لا موفد قطرياً في لبنان إنما المساعي القطرية عن طريق سفارتها لم تتوقف للدفع نحو التسوية وتحضير أرضيتِها”، وأفادت المصادر، بأنه “لن يكون هناك أي تحرك قطري جدي قبل انتهاء الفرنسيين من مبادرتِهم وتبيان نتائجِها”.
على صعيد آخر، أكد حاكم مصرف لبنان بالوكالة وسيم منصوري في مؤتمر صحافي عقده بعد قرابة شهر على تسلمه الحاكمية أنه “سيتم دفع رواتب القطاع العام بالدولار الأميركي على سعر صرف 85500”، وقال “لا يمكن للمصرف المركزي أن يحافظ على الاستقرار النقدي من دون تعاون مع المجلس النيابي والحكومة”. وأوضح أنه “تم التوافق على تأمين حاجات الجيش والقوى الأمنية من دون المساس باحتياطات مصرف لبنان وبالعملات الأجنبية أيضاً”، لافتاً إلى أن “لن تتم طباعة عملة لبنانية لتغطية أي عجز والانتظام المالي للدولة لا يتحقق من دون إقرار الإصلاحات”.
وقال: “كل يوم نخسره دون إقرار الإصلاحات تزيد فرص انهيار الدولة، ونسأل مَن هو المستفيد من هذا التأخير ونعيد التأكيد أن المركزي مستعدّ لإنجاز هذه القوانين الإصلاحية في جلسات متتالية إن اقتضى الأمر”.
أما بالنسبة إلى تقرير “ألفاريز إند مارسال” فقال: “المصرف المركزي سيقوم بإتمام كل إجراءات التدقيق الذي بدأ يُستكمل لجهة تزويد الشركة والقضاء بكل المستندات المطلوبة”. وتوجه إلى القوى السياسية بطلب “إخراج السلطة النقدية من كل تجاذب سياسي”، معتبراً أن “حال المراوحة تؤدي إلى تنامي الاقتصاد النقدي ما يؤثر سلباً على الاقتصاد ويساهم في عزل لبنان دولياً”.
وتساءل خبراء اقتصاديون وماليون من أين أتى منصوري بمبلغ الـ 79 مليون دولار لتغطية رواتب القطاع العام؟ وكيف خفض الكتلة النقدية 200 مليار ليرة؟ هل من حساب خاص غير مسجل في الميزانية كان يحتفظ به الحاكم السابق رياض سلامة؟ ويقدّر بـ 800 مليون دولار؟ وشككت المصادر باستمرار منصوري على موقفه برفض تمويل الدولة في ظل ارتفاع العجز لأكثر من 40 ألف مليار ليرة، خصوصاً أن الدولة لا تستطيع الاستدانة من الخارج ولا من الداخل، فمن أين ستأتي بالمال لتغطية نفقاتها؟ ولفتت المصادر لـ”البناء” الى أن “الدولة لن تسطيع الجباية وتأمين إيرادات لأن حتى إقرار الموازنة تكون قد انتهت السنة، وبالتالي لن تستفيد من هذه الايرادات علماً أن قسماً كبيراً من المواطنين يتخلفون عن دفع الفواتير، ما يعني أن العجز سيتفاقم ما سيدفع البنك المركزي لطباعة المال وتمويل الدولة”. إلا أن مصرف لبنان وفق مصادر “البناء” لن يمول الدولة إلا بحال أقرّت قوانين من الحكومة ومجلس النواب تشرّع هذا الأمر ووفق القواعد والنصوص الواردة في قانون النقد والتسليف، وبالتالي فإن منصوري يقوم بواجبه وما يستطيع عمله ضمن القانون والمسؤولية تقع على عاتق الدولة من حكومة ومجلس نواب.
وأوضح الخبراء بأننا أمام إجراءت ترقيعية لا تحلّ الأزمة، فالحل متكامل من إقرار قوانين السرية المصرفية بنسخة بديلة عن الحالية مع مفعول رجعي، والكابيتال كونترول وإعادة هيكلة المصارف والتوازن المالي وتوحيد سعر الصرف وتحريره مع خطة شاملة باتجاه تنمية الاقتصاد وإعادة وضع سياسة مالية ونظام ضريبي وبناء المؤسسات وتحقيق توازن في ميزان المدفوعات عبر تخفيض فاتورة الاستيراد المقدرة حالياً بـ 19 مليار دولار مقابل 4 مليار صادرات، ويجب تخفيضه 3 مليار دولار بالحد الأدنى ما يخفف الضغط على الدولار بموازاة استعادة التوازن بالمالية العامة وفرض ضرائب على الأملاك البحرية والتهرّب والتهريب الجمركي وعلى الحدود”. ويرى الخبراء بأن هذه الأمور لن تتحقق من دون انتخاب رئيس الجمهورية وتأليف حكومة جديدة إصلاحية وإعادة تصحيح بنية النظام السياسي والطائفي ولجم الضغوط والتدخلات الخارجية.
وأوضح الخبراء أن حديث منصوري عن قيمة احتياط الذهب في المركزي أكد المؤكد بأن سلامة لم يمس الذهب لكون التصرف بهذا الاحتياط المعدني يحتاج الى قانون من مجلس النواب فضلاً عن الرقابة المحلية والدولية عليه.
ومع أهمية إنجاز البدء بالحفر والتنقيب في بلوك 9 إلا أن الخبراء دعوا الى عدم الرهان على العائدات النفطية والغازية لحل الأزمة الاقتصادية والمالية في لبنان، إذ أنه كان لدينا 180 مليار دولار ودائع مصرفية، لكنها تبخرت ولم تستخدم لتمويل خطة متكاملة إنقاذية، فهل ستحل الأزمة بملياري دولار بعد عامين؟”.
أمنياً، كشف مدير عام الأمن العام بالإنابة اللواء الياس البيسري عن “توقيف شبكة تجسّس لصالح العدو الإسرائيلي في مطار بيروت مؤلّفة من شخصين حاولت مغادرة لبنان”، مضيفاً: “قمنا بالتحقيقات اللازمة وهذه الخلية كانت تشكّل خطراً على لبنان”. وأكّد البيسري من المديرية في مناسبة عيدها الـ78 أنّ “مكافحة الإرهاب أولوية كما أن مكافحة شبكات التجسس لصالح العدو الاسرائيلي أولوية مطلقة”.