أولى

زلزال بريكس: تحوّل نوعي في موازين القوى الاقتصادية العالمية

حسن حردان

يمكن تشبيه انعقاد قمة دول مجموعة بريكس، وما نتج عنها من إعلان قبول انضمام ستّ دول هي، إيران، الأرجنتين، أثيوبيا، السعودية، الإمارات ومصر، يمكن تشبيه ذلك بالزلزال على مستوى موازين القوى الاقتصادية العالمية.. وما يعنيه من حدوث تحوّل نوعي في هذه الموازين، الأمر الذي يشكل تعزيزاً لتوجه بريكس لأجل إقامة نظام عالمي جديد يقوم على التعددية القطبية بديلاً من نظام الهيمنة الأحادي القطب بقيادة الولايات المتحدة الأميركية… ولهذا فإنّ هذا التحوّل في موازين القوى الاقتصادية، يشكل ضربة موجعة وشبه قاضية لجهود واشنطن في سعيها لتعويم هيمنتها الاحادية، لا سيما أنّ قمة بريكس اتخذت خطوات عملية لإنهاء هيمنة الدولار الأميركي الذي تستخدمه أميركا سلاحاً لإخضاع الدول عبر العقوبات الاقتصادية والمالية، حيث قرّرت القمة اعتماد العملات الوطنية في التبادلات التجارية، والعمل على إيجاد عملة رقمية عالمية تعتمد في المعاملات التجارية، بديلاً من الدولار.. وما يزيد من أهمية وفعالية هذه الخطوات ازدياد قدرة بريكس على ترجمتها، والحدّ من دور الدولار في التعاملات الدولية، ان كان على صعيد اعتماد تسعير وبيع النفط والغاز بالعملات الوطنية، ومن ثم بالعملة الرقمية الجديدة عندما يجري اعتمادها، وينبع ذلك من كون أكبر الدول إنتاجاً وتصديراً للنفط والغاز والموارد العالمية باتت تنضوي في مجموعة بريكس، وفي طليعتها السعودية وروسيا وإيران إضافة إلى الإمارات ومصر… مما يمنح بريكس قدرة إضعاف هيمنة الدولار على التجارة العالمية، والحدّ من اعتماده في احتياطات البنوك المركزية للدول.. وليس من الفراغ تركيز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ضرورة الإطاحة بهيمنة الدولار…
ولذلك كان من الطبيعي أن تشكل قمة بريكس بقراراتها الجديدة وانضمام ستّ دول هامة إليها ضربة قاسية لأحلام واشنطن في سعيها للاحتفاظ بهيمنتها الاحادية.. ودليلاً على مدى تراجع الهيبة والسطوة الأميركية، حيث يشكل انضمام السعودية والإمارات ومصر تمرداً على الارادة الأميركية، وتأكيداً على إصرار هذه الدول في مواصلة انتهاج سياسة جديدة في العلاقات الدولية تقوم على تحقيق مصالحها..
انّ مجموعة بريكس أصبحت القوة الاقتصادية الناشئة والصاعدة عالمياً، وبات الانضمام إليها مطلباً تسعى اليه دول كثيرة في العالم لما تشكله من حوافز هامة لتحقيق مصالحها الاقتصادية، والتخلص من سطوة الهيمنة والتبعية المذلة للولايات المتحدة.. ويعكس هذا الصعود لتكتل بريكس تعزز انتقال مركز الثقل في الاقتصاد العالمي، لأول مرة منذ عقود، من الغرب الى الشرق، والذي تؤشر اليه الأرقام الاقتصادية، حيث بلغت حصة بريكس من الناتج العالمي قبل إعلان قبول انضمام ستّ دول جديدة اليها، 31،5، مقابل30،7 لمجموعة الدول الصناعية السبع، ولهذا فإنه من الطبيعي، بعد توسع بريكس لتصبح مكونة من 11 دولة تحوز على أهمّ الموارد العالمية، أن تزداد حصتها من الناتج العالمي على حساب مجموعة السبع، مما يعني أنّ بريكس باتت اتجاه المستقبل الصاعد، ودول الغرب في حالة تراجع اقتصادي يفاقم منه تراجع نهبها الاستعماري، نتيجة تنامي الاتجاه التحرري العالمي، واندلاع الازمات الاقتصادية والاجتماعية فيها، والتي يزيد منها إنفاق دول الغرب الهائل على الحرب في أوكرانيا في محاولة يائسة لمحاصرة وإضعاف روسيا ودورها العالمي المناهض للهيمنة الغربية…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى