يبقى حاضراً في نبض الحبر…
} عبير حمدان
عام 1984 كانت شمسطار وقراها المحيطة بإنتظار طلال سلمان الناجي من محاولة الاغتيال التي أراد منها مدبّرها إسكات صوت الذين لا صوت لهم ولم يفلح… حينها ترسّخت في ذاكرة الناس صوَر الصحافي الذي آمن بقضيته وكان حبره بفعالية الرصاص الذي يواجه العدو في الداخل والخارج.
حمله الناس حينها من مشارف بلدته شمسطار على الأكتاف وعند كلّ بيت استقبلوه بالزغاريد والأهازيج، هو المشهد الذي أسّس لمسيرة طويلة، كان طلال سلمان في ذلك التاريخ إبن الكلّ وأخاهم وصوت حالهم، إبن منطقة قدّمت ولم تزل تقدّم الدماء في سبيل الوطن ولو وضعتها السياسات المتعاقبة على هامش اهتمامات الدولة.
بين الأمس واليوم بقى طلال سلمان إبن هذه الأرض المعطاءة والزاخرة برموزها الذين أدّوا قسطهم للعلى وغابوا، عام 1984 دخل إلى بلدته على الأكتاف بكامل قوته قائلاً لمن حاول إسكاته أنه باقٍ طالما بقي التين والزيتون، واليوم عاد «أبو أحمد» إلى ثرى شمسطار محمولاً على الأكتاف ليستريح بعد طول عناء في مهنة أحبها وأخلص لها وبلغ مرتبة «عميدها» و»عمادها».
ودّعت شمسطار طلال سلمان بالورود والرايات التي حملت عباراته وعناوين جريدة «السفير» الحاضرة في وجدان الناس العاديين بالدرجة الاولى لأنهم شكلت نبضهم وهمومهم، وكان في وداعه أيضاً الكثير من الوجوه السياسية والاعلامية والثقافية والاجتماعية، والقوى الفلسطينية والعربية وكل مؤمن بمحور المقاومة في مواجهة الاحتلال.
رحل طلال سلمان جسداً ليبقى حاضراً في نبض الحبر المقاوم الذي لا يعرف الجفاف، الحبر المتمسك المنبثق من زاوية مقهى «الويمبي» في شارع بيروتي لفظ المحتل، ومن تلال الجنوب التي شعّ السناء فيها ذات نيسان.. ومن دفاتر تحت ركام خلفه عدوان تموز ومن نصر تحقق ولم يزل يسعى إلى أعلى القمم.