اليونيفيل والأمم المتحدة ورعاة البقر…!
} خضر رسلان
دولة عظمى ترعى العالم بهمجية فاقت كلّ مستويات رُعاة البقر وثقافة الكاوبوي من خلال الحصار والتهديد والوعيد والنار والحديد وزرع الدمار والخراب والقتل والذبح والتعذيب كما هو جار في العديد من دول العالم، ولا يختلف أحد في وصف الواقع المأساوي لسياسة راعي البقر القاطن في واشنطن، في العديد من الأقطار سوى انّ كاوبوي «البيت الأبيض» لا يرى سبيلاً لقيادة العالم إلا من منظور همجية رعاة البقر التي تتحكم في مسار الأمور في الولايات المتحدة الأميركية وشواهد ذلك في عصرنا هذا لا تعدّ ولا تحصى وشاهدها الحالي الفتنة الأوكرانية وقيادتها بشراسة متناهية للحروب على مستوى العالم بكلّ الأساليب القذرة والفتاكة للحفاظ على أحاديتها القطبية دون ايّ اكتراث لسقوط الضحايا او لتدمير المقدرات والطاقات، فغاية التربع على سيادة العالم تبرّر افتعال كلّ الموبقات والجرائم.
من الأذرع التي نجحت الولايات المتحدة في تسخيرها خدمة لأهدافها كانت ولا تزال الأمم المتحدة التي أثبتت التجربة أنها كانت أداة طيّعة في يدها في الكثير من المحطات وعلى وجه الخصوص في موضوع القضية الفلسطينية، وما يسمّى الصراع العربي الإسرائيلي، ومن المفارقات التي اعتمدها رواد الكاوبوي هو توجيه القرارات الدولية وفق أجندتها حين يكون ذلك متاحاً مثل رفع حقّ النقض الفيتو في كلّ ما يتعلق بمصلحة الكيان الصهيوني حتى لو كانت وقائع صريحة كحال مجازر قانا لا سيما التي جرت في أحد مراكز القوات الدولية، وايضاً ما يجري يومياً في فلسطين في مناطق يقرّ العالم اجمع أنها محتلة في حين تتمظهر سياسة رعاة البقر حين يتخذون قرارات أحادية مخالفة للمواثيق الدولية وقوانين الأمم المتحدة كحال غزو العراق والاعتراف بضمّ الجولان المحتلّ والقدس الشريف عاصمة للكيان الغاصب. هذا فضلاً عن إقرار ما يسمّى بـ «قانون قيصر» لمعاقبة سورية ولبنان والتشريع لنفسها من خلال ثقافة الكاوبوي بسرقة النفط والغاز السوري دون رقيب او حسيب.
الكاوبوي واليونيفيل
على الرغم من عدم التوازن في قرارات الأمم المتحدة في خصوص إرسال قوات تابعة لها الى جنوب لبنان حيث تطال إجراءاتها الجانب اللبناني فقط دون اكتراث لما يقوم به الإسرائيليون سواء كان ذلك من حيث انتشار العدة والعديد او من حيث الكمّ الهائل من الخروقات والاعتداءات التي تطال اللبنانيين ومع ذلك فقد سعى رجال الكاوبوي والصهاينة خلال عدوان تموز 2006 الى محاولة بسط يد هذه القوات في الجنوب، دون تنسيق او طلب إذن وكتابة ذلك ضمن القرار رقم 1701 إلا انّ القرار الحاسم التي فرضته المقاومة المنتصرة على العدوان حال دون ذلك. وبعد انتظار ما يزيد عن العقدين وفي غفلة عن كثيرين تمّ التجدّيد لمهمة القوات الدولية العاملة في جنوب لبنان لمدة سنة وتضمّن تعديلاً لدورها، متجاوزاً المهمات المنوطة بها بموجب القرار 1701، تحديداً في ما يتعلّق بحرية حركتها، وهذا الأمر يعزز الحاجة الى إعادة النظر بآليات الحكم بما يتناسب مع المصلحة الوطنية، لأنّ صدور قرار يسمح لقوات اليونيفيل في الدخول الى البيوت الآمنة دون إذن وتنسيق ومواكبة من قبل الجيش اللبناني سيجعل الاصطدام بينها وبين الأهالي مسألة لا جدال فيها. وهذا الأمر الذي قابَله الدفاع المستميت من قبل العديد ممّن يسمّون أنفسهم سياديين يتخطى مفاعيله مسألة الترهّل وسوء الإدارة التي أصابت البعض في العام الماضي حين تمّ إقرار التعديل الى ما هو أخطر وأدهى وهو وجود شريحة من المسؤولين المنقادين لرعاة البقر المتأثرين بثقافة الكاوبوي الذين خرجوا من عناوين الشهامة والكرامة الوطنية بشكل كامل دون خجل او حرج! وهذا ما يجعل من حق المواطن الجنوبي بشكل خاص واللبناني المقاوم بشكل عام أن يطرح سؤالاً وبصوت عال؛ أليس من الأجدى أن يسبق حديث عن ماهية الوطن والانتماء الوطني كلّ حديث آخر سواء أكان ذلك إصلاحاً إدارياً او اقتصادياً واجتماعياً لأنّ سقوط مبدأ التكافل الوطني والكرامة الوطنية سيجعل الهيكل خاوياً تذروه الرياح…