العشائر العربية في مواجهة قسد… تحصد التعاطف من بوابة حقول النفط ومواجهة الاحتلال / هوكشتاين يسعى لتوفير غطاء لإخراج الاحتلال من مأزق خراج الماري بالوساطة على الحدود البرية / مداولات مجلس الأمن تؤجل التصويت… وعتب على الإمارات… وانتظار لمواقف بري اليوم /
كتب المحرّر السياسيّ
المتغيرات المتسارعة على الساحة الدولية انطلاقاً من أفريقيا وما أظهرته الانقلابات العسكرية المحمية بدعم شعبي في مواجهة الاستعمار الفرنسي المتذرّع بالديمقراطية الشكلية التي تحمي سرقة الثروات، خطفت الأضواء أمس نحو الغابون بعد النيجر، حيث جاليات لبنانية تفرض الاهتمام، لكن تراجع فرضيات التدخلات العسكرية منح الوقت لاستكشاف طبيعة التغيير الذي سوف يحمله العسكر.
في سورية خطفت معارك العشائر العربية في الحسكة مع قوات قسد الأضواء عن مشهد السويداء، والمعارك التي بدأت على خلفية اعتقال مسؤول عسكري لميليشيا عشائرية سرعان ما تحوّلت الى معارك حسم بين قسد والعشائر، وودخلت العشائر العربية في عموم سورية الى جانب عشائر دير الزور في الموقف الإعلامي والسياسي واضعة المعركة في إطار أوسع، تحت عنوان وحدة التراب السوري ورفض الكانتونات التقسيميّة، والتمسك بتحرير التراب الوطني والثروات الوطنية من نهب الاحتلال الأميركي، ولاقى موقف العشائر ترحيباً شعبياً وسياسياً وفي عموم المحافظات السورية، مذكراً بمواقف قادة المقاومة بوجه الاحتلال الفرنسي سلطان باشا الأطرش وإبراهيم هنانو وصالح العلي، الذين رفضوا التقسيم والمهادنة مع الاحتلال.
لبنانياً، قام الوسيط الأميركي في ملف النفط والغاز عاموس هوكشتاين بجولة سياسيّة تعدّدت عناوينها، لكن مصادر متابعة قالت إن اهتمام الوسيط الأميركي ينصب على إمكانية إيجاد إخراج لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي لخراج بلدة الماري أو الجزء الشمالي من بلدة الغجر كما بات معروفاً، انطلاقاً من صعوبة الاحتفاظ به تحت الاحتلال في ظل وضوح وجوب مغادرته، كما قال رئيس الأركان السابق في جيش الاحتلال دان حالوتس، لكن دون أن يبدو الانسحاب انهزاماً أمام المقاومة التي أعلنت جاهزيتها لتحرير هذه الأرض اللبنانية التي لا تقبل جدالاً في لبنانيتها، والتي ينص القرار 1701 بوضوح على وجوب الانسحاب منها. وفي هذا السياق يرغب هوكشتاين بإطلاق وساطة لحل النزاع حول الحدود البرية ينتهي بالانسحاب من خراج الماري، ويفتح ملفات سائر النقاط.
في نيويورك أربك موقف الحكومة اللبنانية الحلف الغربي الذي يضمّ أميركا وفرنسا، حيث تقدمت فرنسا بمشروع معدل رفضته واشنطن، وسط النقاش حول الأولوية بين نص عملي قابل للتطبيق او نص كيدي لا يرى النور عملياً، وسجل لبنان عتباً على موقف دولة الإمارات التي انضمت الى الموقف التصعيدي ضد لبنان الذي تتبناه واشنطن وتل أبيب، وحتى ساعة متأخرة من الليل، حسب توقيت بيروت، لم يكن قد تم تحديد موعد التصويت على مسودة متفق عليها لقرار التجديد لليونفيل.
في بيروت انتظار للكلمة التي سوف يلقيها رئيس مجلس النواب نبيه بري في احتفال إحياء ذكرى تغييب الإمام السيد موسى الصدر، الذي يتضمن عادة مواقف مفصلية لبري من القضايا الراهنة، وقد سبق وحدّد في خطاب السنة الماضية مواصفات رئاسية أوحت بالاتجاه الى تبني ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية.
وخطفت زيارة المبعوث الأميركي لشؤون أمن الطاقة آموس هوكشتاين الى لبنان الأضواء من نيويورك التي تشهد مفاوضات شاقة وشرسة بشأن التجديد للقوات الدولية العاملة في جنوب لبنان وقواعد عملها وصلاحياتها.
وعلى فنجان قهوة ومنقوشة، التقى الضيف الأميركي مع سفيرة بلاده دوروثي شيا في أحد المطاعم في الروشة، وناقشا ملف لبنان قبل أن ينطلق كبير مستشاري الرئيس جو بايدن في جولته على القادة اللبنانيين طارحاً الوضع الحدودي وملف النفط والغاز والكهرباء وكذلك الغاز العربي. وقد أعلنت السفارة الأميركية أن زيارة هوكشتاين إلى لبنان هي لمتابعة اتفاق الحدود البحرية التاريخي الذي جرى التوصل اليه في تشرين الأول 2022 والبحث في المجالات ذات الاهتمام المشترك والإقليمي.
واستهلّ المبعوث الأميركي والوفد المرافق جولته على المسؤولين من عين التينة، حيث التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في حضور السفيرة شيا، حيث جرى عرض للأوضاع العامة.
اللقاء الذي استمرّ ساعة غادر بعده هوكشتاين مكتفياً بالقول: اللقاء مع رئيس مجلس النواب نبيه بري كان ممتازاً وبناء. بدوره جدد بري شكره للجهود التي بذلها هوكشتاين وأثمرت البدء بعملية التنقيب في البلوك رقم 9 مؤكداً أن جهود المجلس النيابي ستبقى منصبة على انتخاب رئيس جديد للجمهورية واستكمال إنجاز التشريعات المطلوبة في المجال النفطي وفي مقدمها الصندوق السيادي كما التشريعات المطلوبة لإنجاز الاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
وأكد الرئيس بري أمام الموفد الأميركي ضرورة وقف الانتهاكات الإسرائيلية للقرار الدولي 1701 وعلى عمق العلاقة مع قوات الطوارئ الدولية «اليونيفل» منذ عام 1978 وحتى الآن، وأن لبنان حريص جداً على المحافظة على الاستقرار كما حرصه على سيادته على كامل التراب اللبناني.
ثم انتقل هوكشتاين الى السراي الحكومي للقاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. وشارك في اللقاء شيا، المستشار الديبلوماسي لرئيس الحكومة السفير بطرس عساكر ومنسّق الحكومة لدى قوات الطوارئ الدولية «اليونفيل» العميد منير شحادة. حيث استبقى ميقاتي الدبلوماسي الأميركي إلى مائدة الغداء.
وقبل جولته، كتب هوكشتاين عبر أكس: «من الرائع العودة إلى بيروت. قهوة سريعة ومنقوشة في الفلمنكي مع المنظر الجميل المطلّ على الروشة مع السفيرة الأميركية الموهوبة دوروثي شيا». وفي زيارة لافتة توجه هوكشتاين والوفد المرافق الى قلعة بعلبك لمدة ساعةـ حيث تناول «السفيحة البعلبكية».
ومساء التقى هوكشتاين وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض في مكتبه في الوزارة. كما يلتقي المبعوث الأميركي اليوم قائد الجيش العماد جوزاف عون في اليرزة.
ويزور هوكشتاين اليوم الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة ويجول في منطقة الناقورة على أعمال التنقيب. ومن الممكن أن يزور أيضاً كيان العدو بعد زيارته لبيروت، لكن هذا الأمر لم يتقرر بشكل نهائي بعد.
ولفتت مصادر مطلعة لـ»البناء» الى أن الهدف الرئيسي للموفد الأميركي هو مواكبة بدء أعمال الحفر والتنقيب في البلوك رقم 9 لكون بلاده وهو شخصياً رعيا اتفاقية الترسيم بين لبنان وكيان الاحتلال، وليؤكد استمرار الدور الأميركي لتحصين هذه الاتفاقية والحفاظ على الأمن والاستقرار على طول الخط الأزرق لضمان استمرار توريد النفط والغاز الى أوروبا في ظل استمرار الحرب بين روسيا وأوكرانيا.
وإذ لفتت مصادر إعلامية إلى أن قيادة الجيش لم تحضّر أي ملف عن الحدود البرية لتعرضه في لقاء قائد الجيش مع هوشكتاين وأن ملف الحدود غير مطروح بالأساس في جدول أعمال اللقاء، تشير مصادر «البناء» إلى أن «موضوع الترسيم البرّي لطالما كان هدفاً أميركياً – اسرائيلياً، لكن أصبح اليوم أكثر أولوية وإلحاحاً من السابق بسبب تصاعد وتيرة التوتر على الحدود لا سيما بعد الاعتداءات الإسرائيلية في قرية الغجر ونصب حزب الله الخيم في مزارع شبعا وتهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والمناورات العسكرية التي نفّذها الحزب منذ شهرين في الجنوب، بالتزامن مع التطورات السياسية والأمنية في الكيان الإسرائيلي التي تضعه في مأزق وجودي وأزمة كيانية وتاريخية، ما يدفع الأميركيين الى تزخيم الحراك الديبلوماسي للحؤول دون وقوع حرب لتأكده من أن «اسرائيل» غير مستعدة لها».
وفي هذا السياق، أورد مـوقـع «والـلاه الـعـبـري: تقريراً أشار فيه الى أن الولايات المتحدة الأميركية، تعمل على خفض التوترات على الحدود الشمالية ومنع المواجهة العسكرية بين كيان العدو وحزب الله، حسبما صرّحت مصادر أميركية وإسرائيلية، وتعتقد إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أن أي حادث على الحدود بين كيان العدو ولبنان يمكن أن يتحوّل بسرعة إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق من شأنها أن تجرّ إليها أيضاً سورية وإيران وتزعزع استقرار الشرق الأوسط بأكمله.
وقال مصدر مطلع على تفاصيل زيارة المبعوث الأميركي إن الأخير سيحاول تخفيف التوتر على الحدود، والذي تصاعد بشكل كبير منذ إنشاء موقع حزب الله في الأراضي المحتلة بمزارع شبعا قبل بضعة أشهر.
وأشار نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في تصريح الى أن هوكشتاين سيحاول حل الخلاف بشأن سبع نقاط على الحدود البرية بين «إسرائيل» ولبنان، بل وسيزور المنطقة ليرى الأمور بأمّ عينيه. وقال بو صعب: «نأمل أنه مثلما نجح هوكشتاين في حل النزاع على الحدود البحرية، فإنه سيحلّ النزاع على الحدود البرية».
وتتجه الأنظار الى نيويورك حيث عقد مجلس الأمن الدولي جلسة للتجديد لليونفيل ويرصد اللبنانيون صيغة البيان النهائية. ولفتت مصادر «البناء» الى أن «الوفد اللبناني أصرّ خلال مناقشته لمسودة القرار على ان تكون حركة اليونفيل ومهماتها مع الجيش مسبقاً لتفادي أي اصطدام مع الاهالي». وتوقعت المصادر أن يقرّ مجلس الامن الصيغة الفرنسية مع بعض التعديلات.
وحتى منتصف ليل أمس بتوقيت بيروت لم يكن قد صدر القرار وسط معلومات عن خلاف بين الأعضاء على الصيغة النهائية.
وأعلن دبلوماسيون إن تصويتاً مزمعاً في الأمم المتحدة اليوم (امس) على تجديد الموافقة على مهمة حفظ السلام في لبنان تأجّل بسبب خلاف بين فرنسا والولايات المتحدة والإمارات حول حرية حركة قوات المنظمة الدولية.
وصاغت فرنسا مشروع قرار لمجلس الأمن الدولي لتمديد مهمة حفظ السلام لمدة عام آخر، لكن الولايات المتحدة والإمارات تقولان إن «القرار أضعف بعضاً من الصياغة المتعلقة بقدرة قوات الأمم المتحدة على التحرك بحرية».
وذكر دبلوماسي إماراتي تحدّث شريطة عدم الكشف عن هويته، «حرية حركة اليونفيل لها أهمية قصوى في الوقت الذي يتصاعد فيه التوتر في المنطقة إلى مستويات خطيرة».
وواصل العدو الاسرائيلي حربه النفسية على الوفد اللبناني وضغوطه على أعضاء مجلس الأمن والأمم المتحدة في محاولة لفرض شروطه بتحويل اليونفيل الى شرطي حدود وجهاز أمني رديف للموساد للتجسّس على المقاومة وتقييد دورها وإحباط اي عمل لها على الحدود ضد الأهداف الإسرائيلية، وفق ما تشير مصادر مطلعة لـ»البناء».
وكرر مندوب الاحتلال الإسرائيلي في الأمم المتحدة جلعاد أردان، أنّ «إسرائيل في أقرب لحظة قد تؤدي إلى صراع عسكري مع حزب الله منذ حرب عام 2006».
إلا أن الرد على التهديدات الاسرائيلية لم يأتِ من السيد حسن نصرالله هذه المرة، بل من رئـيـس الأركان الـصـهـيـونـي الـسـابـق دان حـالـوتـس الذي أشار الى أن «كل نقطة نضع إصبعنا عليها في «إسرائيل» اليوم هي نقطة ضعف، المجتمع الإسرائيلي، الجيش، نظام التعليم، الاقتصاد، علاقات «إسرائيل» الخارجية، كل شيء، لا يوجد شيء واحد يمكن القول بأنه طبيعي». وقال: «أقترح عدم التباهي وكثرة الكلام من قبيل أننا سنعيد لبنان إلى العصر الحجري».
ووصل وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان الى بيروت أمس.
وتترقب الأوساط السياسية المواقف التي سيطلقها الرئيس بري خلال كلمته في الاحتفال الذي تقيمه حركة أمل بذكرى تغييب الإمام موسى الصدر ورفيقيه في بيروت. ويتطرق الرئيس بري وفق معلومات «البناء» الى آخر المستجدات في قضية مصير الإمام الصدر ورفيقيه، ثم يعرج على مختلف الملفات الداخلية لا سيما الاستحقاق الرئاسي وعمل المؤسسات انطلاقاً من تعطيل جلسات الحكومة والمجلس النيابي. كما يتحدّث عن الأوضاع في المنطقة لا سيما في سورية والحوار السعودي – الإيراني والانفتاح العربي على دمشق، وآخر التطورات على الساحة الفلسطينية وربطاً بما يجري في مخيم عين الحلوة.
على صعيد آخر، وزعت رئاسة مجلس الوزراء جدول أعمال الجلسة الحكومية المزمع عقدها بعد ظهر الأربعاء المقبل في السادس من أيلول.