أخيرة
دردشة صباحية
هؤلاء هم الوطن
} يكتبها الياس عشي
الوطن المفجوع بشهدائه أشبه ما يكون بأمّ إيطالية فقدت وحيدها، وكانت في حالة يُرثى لها من اليأس؛ فزارها أحد الرهبان، وحاول أن يعزّيها قائلاً: إنّ الله طلب من ابراهيم أن يذبح ابنه بيده، ويقدّمه ضحيّة له، فلم يتردّد الأب في تلبية طلب الخالق. فأجابت الأمّ الثكلى، وقد سحق الألم قلبها: هذا صحيح يا أبتِ بالنسبة إلى ابراهيم، ولكن الله لم يكن ليطلب هذه النصيحة من أمّ.
وقدر الوطن أنه أمّ، وأنه مشغول قطعة قطعة بعرق عمّاله، وحبر أدبائه ومفكّريه، ونغمات شعرائه، وأقلام صغاره الملوّنة، وذاكرة مؤرّخيه، وصلوات المؤمنين من أبنائه، وزنود من حمَوا أسوارها.
هؤلاء هم الوطن، وكلّ واحد من هؤلاء عاشت الأرض طفولتهم، ورعَتْ نموّهم، وواكبت أبداعاتهم، وحمتهم برموش العين. أليس هذا ما تقوم به الأمّ تجاه أبنائها؟