تحية واجبة الى تجربة مميّزة
} د. هاني سليمان
خلال الساعات الثلاث التي أمضيتها مع الشباب القومي العربي في مخيمهم الثلاثين في الجامعة اللبنانية الدولية التي هي كبرى مؤسسات الغد الأفضل في البقاع الغربي وعلى رأسها النائب الصديق حسن مراد والأب المؤسس الرمز القومي الكبير الوزير والنائب السابق عبد الرحيم مراد، تكوّنت لدي انطباعات جمة.
كان اللقاء مع الإعلامية المميّزة في قناة «الميادين» الأستاذة راميا الابراهيم حول دور الإعلام في قضايانا العربية .
وبقدر ما كان عرضها لأفكارها موفقاً ومقنعاً فقد كان تجاوب المشاركين على القدر ذاته من الأهمية .
هم الحاضرون شباباً وشابات من معظم أقطار الوطن العربي على نفقتهم الخاصة، متطلعين للقاء زملائهم والتفاعل معهم والمناقشة في ما يمكن ان يكون دور الشباب العربي في لحظة حاسمة من تاريخ أمتنا .
أكبر هؤلاء الشباب والشابات لم يبلغ الثلاثين من العمر وهذا من شروط ومقتضيات المشاركة في هذا المخيم وبالرغم من حداثة سنهم يلفتك فيهم النضج والمسؤولية في تناول قضايا الأمة والمجتمع حتى تخال نفسك كأنك بالفعل أمام باحثين متخصّصين او أمام مناضلين تمرّسوا بالنضال عشرات السنين.
هؤلاء الشباب، يحصدون في مجتمعاتهم اليوم ما زرعه الاستعمار من تجزئة، وما غرسه الحاكم من تسلط واستبداد، وما فرضه الاستغلال من تخلف وجهل.
هم لم يشهدوا الانكسارات العربية لكنهم يعيشون آثارها، ولا شهدوا نصراً عربياً لكنهم يعيشون آثاره.
لقد ولدوا بعد حرب تشرين المجيدة وما مثّله عبور جيش مصر العظيم لقناة السويس، وزرع العلم السوري في مرتفعات الجولان المحتلّ على يد بواسل الجيش العربي السوري.
وهم لم يشهدوا اتفاقيات الإذعان في 17 أيار في لبنان، وكامب ديفيد في مصر، واتفاقيات اوسلو حول فلسطين، ووادي عربة في الأردن لكنك تراهم يعيشون مراراتها مما قرأوه عنها وعن تداعياتها، ومما نقلها اليهم الآباء والأمهات بصورة أو بأخرى .
وفي المقابل فإنهم وهم أطفال يافعون عاشوا مرحلة نصر تموز 2006 في لبنان، ويعيشون ويتفاعلون مع صمود شعب فلسطين العظيم في كلّ بقعة من فلسطين العزيزة، ومع تحوّل هذا الشعب العظيم من ضحية تُذبح ولا من يسمع ولا من يرى، الى شعب يؤرق الكيان المؤقت بصموده الأسطوري ومقاتليه الجدد في الضفة الغربية، وفي وحدة الساحات سنة 2021، وحماية الأقصى 2022، وفي ثأر الأحرار سنة 2023، وفي كلّ مناسبة وكلّ يوم وكلّ ساعة. وطبعاً يتابعون بألم وإعجاب صمود شعبهم في سورية وشعبهم في اليمن وشعبهم في ليبيا الذي جاءت هبّته في وجه التطبيع بشرى لشباب يدرك انّ التطبيع خيانة والمقاومة أمانة.
مساحات التفاعل بين الشباب كبيرة وكأنهم يثأرون مما صنعه حكامهم بالتنابذ وإقفال الحدود في ما بين البلدان وتشديد شروط الإقامة والتنقل في ما بين الأقطار العربية.
كنت أتابع تفاعلاتهم مع المحاورة الأستاذة راميا ابراهيم، بإصغائهم وانفعالاتهم ومداخلاتهم ما جعلني أعتقد جازماً انّ المخيم الثلاثين للشباب القومي العربي (دورة الشهيد محمد صلاح ابراهيم) كان ناجحاً في دوافعه، وفي ما يرجوه المنظمون من أهداف بعيدة تتمثل في جعل هؤلاء الشباب والشابات طليعة متقدمة في مجتمعنا العربي مؤهّلة لقيادة حركات التعبير والتغيير والتطوير. ولا أغالي، وأنا المتابع من موقعي كعضو سابق في الأمانة العامة للمؤتمر القومي العربي، إذا قلت إنّ فكرة المخيمات التي أطلقها أخونا الكبير معن بشور قد أخذت طريقها الى النجاح .
تحية للأحبة شباب وشابات المخيم ولإدارته الناجحة ممثلة بالأخ العزيز محمد إسماعيل من مصر العروبة واخوانه من أقطار الامة، ولمن أمضى سنوات مشرفاً على هذا المخيم يتعهّده بالسهر والرعاية، وأخصّ بالذكر الاخوين فيصل درنيقة وعبد الله عبد الحميد اللذين لا يزال المخيم في ضميرهما وفي دائرة اهتمامهما ومتابعتهما.
وكل الحب والتقدير للجندي المجهول المناضلة المتفانية رحاب مكحل الولاّدة والحاضنة لكلّ عمل شبابي مسؤول…