دق أردوغان باب بوتين فوجده مقفلا!
ناصر قنديل
يستحقّ المؤتمر الصحافي للرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب أردوغان، أن يقرأ بتمعّن، خصوصاً وفق التلخيص الذي عممته وكالة روسيا اليوم، وبالأخص أن اللقاء بطلب تركي مضت عليه ثلاثة شهور، وبعد انقطاع دام لعشرة شهور. وفي المؤتمر الصحافي، وفق تلخيص روسيا اليوم، خمسة عناوين فرعية، صفقة الحبوب، الأزمة الأوكرانية، التجارة والطاقة، العلاقات الثنائية، الأزمة السورية. ومن المفيد التدقيق لدى قراءة التلخيص في الشكل وليس في المضمون وحسب، وفي العبارات وليس في المعاني فقط.
في الفقرات الخمس، يبدو بوضوح، أن الرئيس بوتين من حيث استخدام العبارات، يغلق الباب على عروض تركية، أو يذكّر بعطاءات روسية مجانية لتركيا، أو يعرض مشاكل كبرى يضعها الغرب وأوكرانيا تسقط الادعاءات التركية، أو يدعو الرئيس التركي إلى الاكتفاء بالتعاون الثنائي والتنعّم بعائدات هذا التعاون وصرف النظر عن لعب أدوار أكبر منه، أو يقوم بتأكيد مبادئ لا حياد عنها قطعاً للطريق على التذاكي بالتفاصيل من جانب أردوغان. وفي الفقرات الخمس من حيث الشكل، في فقرة واحدة تلخيص يمتد لعشرة سطور وعدة نقاط لكل من الرئيسين بوتين وأردوغان، هي الفقرة الخاصة بصفقة الحبوب، بينما في ثلاث فقرات حديث مشابه بحجم مواز للرئيس بوتين، عشرة سطور وعدة عناوين، مقابل جواب بسطر من عدة كلمات تقتصر على المجاملة الجامدة أو أنها بلا معنى لأردوغان، والفقرات الثلاث هي، الحرب الأوكرانية والاقتصاد والطاقة والعلاقات الثنائية، أما الفقرة الأخيرة عن سورية، فكلام مبدئي للرئيس الروسي وصمت مطبق للرئيس التركي.
في فقرة صفقة الحبوب، التي كانت موضوع زيارة أردوغان كما هو معلوم، الذي أسبقها بتصريحات وصل بعضها الى استغراب موقف روسيا، وإعلان دراسة بدائل عن الصفقة المشتركة معها، وعن إمكانية مواصلة السير بها دون روسيا، وعندما لم يحصل على الموعد مع الرئيس الروسي ولم يجد الابتزاز نفعاً، وواصلت روسيا منع خروج السفن الأوكرانية، وفشلت مناورات تهريبها بتعاون أوكراني تركي غربي، جاء أردوغان بما يعتقده جزرة الإغراء لروسيا، بالإعلان عن مبادرة قطرية لشراء مليون طن من القمح الروسي وطحنها في تركيا وإرسالها من تركيا الى الدول الأفريقية، ليقول إن هذه تلبية غير مباشرة للشروط الروسية ولو بصورة جزئية، لكنها تعويض يجب قبوله عن عدم تنفيذ الشق الخاص بحقوق روسيا بالتصدير، للعودة إلى تسهيل تصدير الحبوب الأوكرانية، فجاء الجواب الروسي على لسان بوتين واضحاً، «الوعود الغربية لروسيا يجب أن تنفذ أولاً، حصدنا 130 مليون طن من الحبوب هذا العام وسنخصّص 60 مليون طن للتصدير». وهذا يعني أن المليون طن كمية تافهة بقياس الحسابات الروسية، ثم أن العرض القطري ليس بديلاً عن تنفيذ الجزء الخاص بحقوق روسيا من صفقة الحبوب لإعادة العمل بها، بل إن الاستعداد للعمل بالعرض القطريّ من باب إنساني كبديل لصفقة الحبوب وليس كمنشّط لها، أو تعويض عن نقصها، وفق قول بوتين، «ننظر للعمل مع تركيا وقطر لتوريد مليون طن من الحبوب كبديل «لصفقة الحبوب». هذه مساهمة لحل مشكلة الغذاء لدى الدول الأفريقية». ويأتي جواب أردوغان، تحت سقف شروط بوتين، «تبادلت الرأي مع الرئيس بوتين حول المقترحات التي تلقيناها بشأن صفقة الحبوب، وتبادلنا الأوراق التي يمكن تقديمها إلى هيئة الأمم المتحدة، والتي يمكن التوصل من خلالها إلى النتيجة المرجوّة من جميع الأطراف. ومن الضروري أن تتخذ أوكرانيا خطوات أكثر مرونة في ما يتعلّق بمبادرة البحر الأسود وعملها».
في فقرة الحرب الأوكرانية، يتحدّث الرئيس بوتين عن فشل المسعى التركي بسبب انقلاب أوكرانيا على ما تمّ التوصل إليه، ولا جدوى البحث بمشاريع تسوية جديدة، وهناك جهود أخرى غير المسعى التركي للتفاوض من الصين ومن الدول الأفريقية، وتذكير لأردوغان «اتفقنا على ألا تُستخدم الممرات في صفقة الحبوب لأهداف عسكرية، للأسف تمّ استخدامها لهذه الأهداف، حيث يحاولون مهاجمة خط أنابيب الغاز «السيل التركي» نحن نحمي هذه الأنابيب إلا أنهم يوجهون الضربات إليها، وتنطلق هذه الضربات من الموانئ الأوكرانية». ثم الخلاصة هي أن الهجوم الأوكراني المضاد فشل، ولا يراوح مكانه فحسب». وجواب إنشائي فارغ لأردوغان، «من أجل التوصل إلى سلام مستدام يجب أن نبذل أقصى ما نستطيع».
في فقرة التجارة والطاقة، يستعرض بوتين بالتفاصيل منجزات تستفيد منها تركيا عبر العلاقات الاقتصادية والأدوار التي منحتها روسيا لتركيا في قطاع الغاز، وأرقام من نوع، ارتفاع التبادل التجاري، زار تركيا 5 ملايين سائح روسي، محطة للطاقة بـ 1800 ميغا واط تشغل 25 ألفاً من الأتراك، في الزراعة تجارتكم 7.4 مليار دولار سنوياً إلى روسيا. ويرد أردوغان، رداً أبله، فيقول «تمت مناقشة مسألة بناء محطة نووية ثانية في مدينة «سينوب» التركية».
في فقرة العلاقات الثنائية، تذكير من بوتين بدور روسيا في مواجهة كارثة الزلزال، ثم مكافحة الحرائق، وأردوغان، يقول شكراً.
في فقرة الأزمة السورية، يقول بوتين، «صيغة أستانا الأكثر فعالية، لا بدّ من سلامة الأراضي السورية ووحدتها والتوصل إلى توافق وطني في البلاد»، أما فقرة جواب أردوغان، فلا كلام.
أول قمة فاشلة تجمع الرئيس التركي بالرئيس الروسي، ما يعني أن الكلام عن قصف روسيّ في شرق حلب تسبّب بقتل جنود أتراك خلال القمة، لم يكن صدفة.