دبوس
عبقرية الشهادة
« إنهم يكيدون كيداً، وأكيد كيداً، فمهّل الكافرين أمهلهم رويداً»، إنه الكيد الربّاني، وإنها عبقرية آل البيت، التي تسرّبت عبر التاريخ من جيل الى جيل، عبقرية النقاء والزهد والشهادة والعطاء والبذل الكلّي في سبيل الحق، عبقرية الخميني والخامنئي وناصر ونصرالله والأسدين والصدر والقسام والأطرش والقنطار ومغنيّة وسليماني والمهندس وإبراهيم النابلسي وعديّ التميمي وفتحي الشقاقي ووديع حداد وجورج حبش وجول جمال وجورج عبدالله، يقابلها عبقرية طارئة مفعمة بالشذوذ والانطواء وتحقيق الذات المارق والمناقض للفطرة الإنسانية، والذي ترتب على عزلة وكراهية ونفور، ولن يترتب على مناقضة الفطرة إلا الشرور والآثام والآلام وإنسانية بائسة معذبة، ولن يترتب على الاندياح والتوافق مع الفطرة الربانية إلّا الخير والنماء والتحاب بين الناس، فكلّ إناءٍ بما فيه ينضح.
تكوين بالغ التعقيد، لا يرى في الآخر سوى وجود لا يستحقّ سوى الإبادة والإزالة بسبب قصوره عن أن يرقى إلى مصاف السيّد، كما يرى نفسه، وأنّ كينونته ناقصة تستدعي تلاشيه، فالبقاء للأفضل، والفناء لمن هو دون ذلك الأفضل، ودعونا نضع المعايير التي تحدّد من هو الأفضل في الشكل وفي الموضوع، هذا هو الكيد الإنساني الذي يمثله التحالف الصهيوأنجلوساكسوني.
لقد قام الوحش، وخلال فترة زمنية تمتدّ لأربعة قرون، بإبادة أمة عن بكرة أبيها، تعدادها 114 مليون إنسان، كما أورد المؤرّخ ديفيد ستانارد في كتابه American Holocaust ، أيّ بمعدل 285 ألف إنسان في السنة الواحدة، والذي أودّ بإصرارٍ أن ألفت الانتباه إليه، انّ الوحش ما زال إلى الآن يمارس التوحّش والقتل بنفس الوتيرة ونفس الإيقاع، مع إضافة بعض المحسّنات البديعية والاستعراضات التمويهية مع تقدّم وسائل الإشعاع والتواصل تكنولوجياً، فهو ما زال يقتل، وما زال يطوّر تكنولوجيا القتل، مع مسرحيات مضحكة هزلية عن حقوق الإنسان والديموقراطية وحرية الرأي…
تأكيداً لذلك دعونا نلجأ الى الأرقام، في الخمسين سنة الفائتة، قتل الوحش من بني البشر ما لا يقلّ عن 15 مليون إنسان، منهم الفييتنامي والعراقي والأفغاني والفلسطيني والسوري والليبي واليمني وغيرهم، أيّ بمعدل 300 ألف إنسان في السنة، الوحش ما زال مفعَماً بالتوحش، وهو عاطش شديد العطش للدماء، وهو لن يرعوي إلّا بالنهضة العظمى للشرق والجنوب.
سميح التايه