أمسية «عام على الغياب» تحيّة للمايسترو الراحل حسام الدين بريمو
أقيمت أمسية «عام على الغياب» تحيّة للراحل القدير المايسترو حسام الدين بريمو في دار الأسد للثقافة والفنون والمعهد العالي للموسيقى، وذلك في الذكرى السنوية الأولى لرحيله وجاءت الأمسية بأصوات طلابه وفاء منهم لما قدّمه لمشروع الغناء الجماعي في سورية وللأطفال بشكل خاص.
عمل المايسترو بريمو خلال مسيرته الموسيقية على رفد الحركة الموسيقية في سورية بجوقات تؤدي غناءً احترافياً موزّعاً على عدة أصوات فأسس جوقة «لونا للغناء الجماعي» عام 1999 وتفرّعت عنها عدة جوقات تضمّ مختلف الشرائح العمريّة، وهي جوقات «قوس قزح، وسنا، وألوان، وورد، وشام».
وقدّمت الجوقات برامج موسيقية متنوّعة تحوّلت مع الوقت إلى مشاريع مستقلة منها تقديم أغنيات عربية وتراثية، وترانيم وأناشيد من التراث الديني المسيحي والإسلامي، وأغنيات الشعوب بلغاتها الأصلية.
كما درّب المايسترو بريمو العديد من الجوقات وهي كورال أطفال المعهد العربي للموسيقى، وجوقة دير مار أفرام السرياني، وجوقة فرقة زنوبيا، وجوقة أوركسترا زرياب، وجوقة وزارة التربية، وكورال جمعية النهضة، وكورال طريق النحل، وكورال جوى، وكورال دهب عتيق، وكورال بنات الشهداء، وكورال مؤسسة آمال.
وكان له مشروع غني حيث عمل على توثيق وتعزيز التراث الموسيقي السوري الآرامي من خلال أداء أعمال موسيقية تعكس هذا التراث وتوّجت جهوده بمهرجان اللغة الآراميّة عام 2019 وقدّم خلاله أكثر من عشرين أغنية باللغة الآرامية.
وقاد مشروعاً استثنائياً لتقديم أغانٍ بلغات متعدّدة تمثل مسار «طريق الحرير» القديم، لتسليط الضوء على تنوّع الثقافات واللغات على طول هذا المسار التاريخي وهو ما يعمل الموسيقيون الأكاديميون على تكريسه ضمن مشاريع مستمرة وكان من ضمنها تقديم كورال الحجرة التابع للمعهد العالي للموسيقا أمسيتين الأول بمهرجان صدى التوت والحرير بمشتى الحلو تموز الماضي وبدار الأسد في منتصف شهر آب الماضي بعنوان «طريق الحرير».
أما التأثير الاجتماعي في جميع مشاريع المايسترو بريمو كانت من خلال مساهمته في تنمية مهارات وإمكانيات الشباب والأطفال في مجال الموسيقى والغناء الجماعيّ، الذي انعكس تأثيره الإيجابي على المجتمع السوري.
المايسترو بريمو «الحاضر الغائب» في الأمسية التي أقامتها دار الأسد بالمشاركة مع المعهد العالي للموسيقى شارك بقيادتها كل من عميد المعهد المايسترو عدنان فتح الله، ورئيس قسم الأداء الجماعيّ فيه المايسترو ميساك باغبودريان وتخللها تقديم عدد من المحطات الموسيقية التي قدّمها الراحل الكبير وجاءت بأصوات جوقات «ورد وألوان وقوس قزح ولونا» واحتضنتها خشبة مسرح الدراما.
ولفت مدير عام الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون المايسترو اندريه المعلولي إلى العلاقة الخاصة التي بناها بريمو مع الأطفال والتي تركت أثراً كبيراً ما يؤكد أن مسيرة الإنسان في هذه الحياة لا ترتبط بعدد سنوات عمره، بل بطريقة استثمارها ليكون مؤثراً في الناس وفي المجتمع.
وقال المايسترو فتح الله في تصريح للإعلام: «حاولنا من خلال الأمسية أن نقدم تحية تليق بجهود المايسترو بريمو الذي زرع المحبة والوفاء والانتماء في الأطفال من خلال هذه المؤسسة الكورالية التي أنشأها والذي آمن فيها».
وأضاف: «عندما عملت مع الأطفال لتحضير هذه الأمسية شعرتُ بأهمية هذا المشروع الكورالي السوري الفريد».
من جهته قال المايسترو باغبودريان: «المايسترو بريمو، أثرى الحركة الموسيقية السورية، واستطاع بجهود فردية أن يزرع الحب في نفوس وقلوب كل من التقاه، ونحن عندما نحيي ذكرى شخص كحسام إنما هي نفوسنا التي تنطق أثره فينا».
واستعرضت المساعدة الإدارية للشؤون الفنية والإدارية في جوقة لونا كنانة محاحي رؤية ومشروع المايسترو بريمو وقالت: «امتلك قدرة استثنائية على خلق روح الجماعة وزرع فينا حب العمل الجماعي ونمّا لدينا مفهوم الإحساس بالمسؤولية لنؤمن أن نجاح كل فرد منا ما هو إلا نجاح للمجموعة، الحب والانسجام كان المبدأ الأساسي الذي بنى عليه الكورال ونجاحه، وكل هذا أعطانا طاقة إيجابية وسعادة غامرة كانت تبدأ من التدريبات الدورية مروراً بالتحضيرات ووصولاً للحظة الصعود إلى خشبة المسرح».
وقالت مايا حافظ مغنية في جوقة ورد: «إنها انضمت لجوقة سنا وهي بعمر الأربع سنوات وتدرجت إلى أن وصلت لجوقة ورد، والآن مضى أربعة عشر عاماً على انضمامها حيث سعى المايسترو بريمو على إضفاء جو الأسرة في عملهم، متمنية استمرار مسيرة الجوقات لما تحمله من مشاريع موسيقية مهمة».
وأوضح مازن إلياس مغني في جوقة لونا أنه انضمّ لجوقة ألوان وهو بعمر السابعة ومن ثم انضم لجوقة ورد لليافعين ومن ثم جوقة قوس قزح، وكان المايسترو بريمو ملهماً ومؤثراً في جميع نواحي حياته، وهو الآن حيّ في قلوب جميع أبنائه بجميع الجوقات.
إلياس بريمو شقيق المايسترو حسام قال: «إن أخاه كان مرتلاً مخلصاً ومؤذناً جميلاً» معرباً عن تقديره وعائلته لـ»كل من ساهم بإحياء الذكرى السنوية الأولى لرحيله».
يذكر أن الراحل حسام الدين بريمو هو متخرّج من المعهد العالي للموسيقا في دمشق 1997 بدرجة امتياز وباختصاصين هما الغناء الكلاسيكي والعزف على آلة الأوبوا، تولّى في المعهد العالي للموسيقا رئاسة قسم الغناء، ثم قسم موسيقا الحجرة، ووكالة المعهد العالي، ورئاسة قسم الكورال، ورئاسة قسم النظريات الموسيقية، إضافة إلى توليه مهمة معاون مدير دار الأسد للثقافة والفنون للشؤون الفنية حتى وفاته.