دبوس
الحاجة أم الإختراع
ما ان بدأت قوات لحد تتهاوى تحت ضربات المقاومة في جنوب لبنان، حتى بدأت قوات العدو الصهيوني بالاستعداد للانسحاب من الجنوب، لأنّ التقديرات كانت تفيد بأنّ قوات العدو ستبدأ حال اندثار قوات لحد بتلقي الضربات بدلاً منها، وهذا ما لا طاقة للعدو على تحمّله.
في حرب فييتنام صدرت الأوامر، في مرحلة ما من مراحل الحرب، إلى الجنود الأميركيين بعدم الدخول في قتال بالسلاح الأبيض مع جنود الفييتكونغ في غابات فييتنام، لأنّ نتيجة هذا النوع من القتال كانت دائماً لمصلحة مقاتلي الفييتكونغ، رغم انّ حجم الجندي الأميركي يعادل ضعف الفييتنامي فيزيائياً.
في الضفة الغربية، لا يخرج المستوطنون لمهاجمة مناطق الفلسطينيين إلّا مدجّجين بأفضل السلاح، وبقطعان بالمئات، وبحماية جنود الاحتلال، بينما حينما يقرّر فتىً فلسطيني الانطلاق لتنفيذ عمل ما ضدّ العدو، فهو يذهب منفرداً، وهو لا يتوقف طويلاً عند ماهية السلاح، فهو يمتشق أيّ شيء في المتناول، سكين أو بلطة أو مسدس في أحسن الأحوال، وحينما يهاجم، يهاجم مجموعة سواءً من الجنود أو من المستوطنين، ولا يأبه لأيّ شيء…
هذا هو الفرق بيننا وبينهم، نحن نتعايش مع الموت، ونعلم بأنه قد يطوينا في أية لحظة، وهو ليس بالشيء السيّئ، بل انّ الموت في سبيل الله والوطن، ودفاعاً عن أبناء جلدتنا، وذوْداً عن كرامتنا وأرضنا ومقدساتنا، وكلّ ما ومن نحب، هو استشهاد نتمنّاه، ونصبو اليه، ونعتزّ به إن نحن أكرمنا الله بنواله، وهم في المقابل يتشبّثون بالحياة ولا يطيقون التفكير بالتضحية في سبيل أيّ شيء…
هم دنيويون تشرئب أعناقهم طلباً للملذات ولمتع الحياة، وليس لديهم أيّ نزعة نحو التضحية بأيّ شيء وفي سبيل أيّ شيء، ناهيك عن التضحية بالحياة، ولذلك فإنني اعتقد بأنّ ذلك النزوع نحو التفنن في اختراع أدوات وتكنولوجيا القتل عن بعد عند الأنجلوساكسوني والصهيوني، هو ردّ فعل شرطي على الجبن القابع عميقاً في نفوسهم، فالحاجة أمّ الاختراع.
سميح التايه