ثلاثة أسئلة للنائب غسان حاصباني ولمن يفكر مثله
ناصر قنديل
– غرّد النائب القواتي غسان حاصباني قائلاً، “ممر اقتصادي من الهند إلى أوروبا مروراً بالخليج والأردن و”إسرائيل”، يستثني لبنان، تمّ توقيعه في قمة العشرين، ويتضمّن سكك حديد، وشبكات اتصالات ونقل وأنابيب. هذا بفضل من عزل لبنان عن العالم وأفسح المجال أمام الآخرين ليكونوا مدخل شرق المتوسط. فمصلحة مَن تخدم؟”.
– الواضح أن النائب القواتي أراد القول إنه بسبب حزب الله وموقفه الذي يشكل مصدر اعتراض سعودي يصل حدّ الغضب، دفع لبنان ثمناً باهظاً يتمثل بقبول السعودية بالتطبيع مع كيان الاحتلال واعتماده بديلاً للبنان في المشاريع الاقتصادية الاستراتيجية التي تلتزمها السعودية من موقعها في العلاقات الدولية وشبكة المصالح العالمية.
– لا غنى أولاً عن مناقشة جدية المشروع الذي يتحدّث عنه النائب القواتي كأنه أمر محسوم، وهو مجرّد معلومات عن نيات غير مكتملة بصفة مشروع، ويأتي التركيز عليه كبديل أميركي إعلامي للتغطية على فشل السياسات الأميركية في استصدار موقف من مجموعة العشرين يندّد بالسياسات الروسية في أوكرانيا. ومَن يتابع التفاصيل يعرف أن الأمر أقل بكثير من وصف النائب حاصباني بالحديث عن مشروع تمّ توقيعه، بينما من غير المعلوم بعد كيف سيتم وصل الهند بالسعودية مثلاً، هل عبر باكستان وإيران أم أن الحديث عن خط نقل بحريّ، يفقد المشروع بريقه والميزات المفترضة فيه، ومبرّر التفكير بممرات بريّة تستكمله، ولم لا تكون قناة السويس والبحر الأحمر هما التتمة ما دامت البداية بحريّة؟ أما إذا كان بريا فهذا يعني حتمية المرور عبر إيران، وعندها تكون هناك استحالة الحديث عن اعتماد كيان الاحتلال تتمة للممر الاستراتيجي، الا إذا كانت إيران بنظر النائب القواتي شريكاً بالتطبيع. وفي هذه الحالة تسقط الملامة على حزب الله باعتباره مجرد امتداد إيراني في رؤية النائب. وعلى الأرجح سوف يوافق النائب على عدم اعتماد إيران شريكاً وفقاً للسردية التي ترى أن إيران خارج النظام الدولي بسبب السياسات ذاتها التي يهاجمون حزب الله بسببها. والمنطقي طالما تم اعتماد الخط البحري بين الهند والسعودية، استغراب أن يتمّ اعتماد خط بري الى حيفا ومن ثم الانتقال بحراً منها نحو أوروبا، أم أن الطريق البري سيمرّ عبر لبنان وسورية وتركيا وصولاً الى أوروبا؟ وهنا السؤال هو هل قبول السعودية بإلحاق كارثة مالية بمصر عبر القفز فوق قناة السويس، وإلحاق كارثة مالية بتركيا المستفيد الرئيسي من طريق برّي بين السعودية وأوروبا، يعود لأن حزب الله أغضب السعودية فتسبّب بتجاهل السعودية مصالح دولتين إقليميتين كبيرتين هما مصر وتركيا، لصالح اعتماد حيفا معبراً نحو أوروبا؟
– السؤال الثاني لسعادة النائب ومَن يفكر مثله، هل كان يعتقد النائب القواتي أنه لو لم يتسبّب وفق رأيه، حزب الله بالغضب السعودي، فإن السعودية كانت ستتمسّك بطريق بري عبر الأردن وسورية فلبنان وتعتمد مرفأ بيروت، بدل مرفأ حيفا، وتتجاوز مصالح مصر وتركيا وتتجاهل الدعوات الأميركية للتطبيع مع كيان الاحتلال؟
– السؤال الثالث للنائب القواتي، ما دام ملماً بالمشاريع الاستراتيجية ويتابعها، هل نفهم من كلامه معارضة المشروع باعتباره مصدر ضرر على لبنان، أم أن ما يعنيه من الأمر فقط هو اصطياد فرصة لتوجيه الاتهامات لحزب الله. ولنفترض حسن النية أنه يقصد أن المشروع مضرّ بلبنان، فهذا يفترض أن يعتبر التطبيع بين دول الخليج وكيان الاحتلال مصدر ضرر بالمصالح اللبنانية، وهذا مهم، لكن الأهم من إدراكه قوله علناً، ومن الاهتمام الاستراتيجي ذاته لسعادة النائب، هل يقترح مثلاً طالما أنه يرى المشروع جدياً وعملياً وقد انطلق، أن يسعى لبنان الى حلف المتضررين لتعطيله، وهم هنا لبنان وسورية ومصر وتركيا، ورفع أصواتهم معاً لمطالبة السعودية بإعادة النظر بموقفها. والدول المعنية علاقاتها جيدة بالسعودية، بما فيها سورية. فهل هذا وارد في تفكير سعادته، وفي إطار حلف المتضررين، بما أنه يرى المشروع جدياً وعملياً وقد انطلق، فقد وصل إلى مسامعه طبعاً أنه مشروع يريد المضاربة على خطة الحزام والطريق الصينية، ونظراً لمكانة الصين المتقدّمة اقتصادياً، والتي تمرّ خطتها عبر السعودية، فهل يقترح صاحب السعادة أن يبادر لبنان لطلب الانضمام رسمياً الى خطة الحزام والطريق الصينية؟
– عسى أن يتّسع وقت سعادة النائب ليقرأ هذه الأسئلة ويجيب الرأي العام عليها، من موقع تمثيله السياسي والحزبي ومسؤوليته في الحياة العامة، وقيمة الكلام الدقيق والمسؤول في مخاطبة الرأي العام.