التوافق… سبيل وحيد لانتخاب الرئيس
} عمر عبد القادر غندور*
فيما تواصل المصائب والمتاعب على بلدنا المنكوب، يتواصل العهر السياسي وذرّ الكثير من المكائد على ألسنة العديد من السياسيين الذين تسلقوا شجر «السرو» لارتفاعه عن الأرض، ولا يريدون او لا يقدرون على الهبوط، واصلت أكثرية الكتل السياسية ترحيبها بدعوة الرئيس نبيه بري للحوار في المجلس النيابي ووضع حدّ للتباينات سعياً لانتخاب رئيس للجمهورية، ووضع حدّ لهذا الانسداد الذي لا يؤدّي إلا الى المزيد من الانهيارات التي لا قيام بعدها…
واذ يتمترس «المكيدون» بتطبيق النظام وعقد جلسات متتالية لانتخاب الرئيس، غاب عن بالهم وربما لا يعرفون انّ كلّ شي في لبنان لا يمكن ان يكون إلا بالتوافق، ولا غير شيء غير التوافق، لأنّ التعنت الطائفي وخصائصه لا يمكن ان تؤدّي الى الحلول المطلوبة، وقد فات هؤلاء انّ الدولة اللبنانية ما كان لها ان تنتخب الماروني رئيساً للجمهورية والمسلم الشيعي لرئاسة مجلس النواب والمسلم السني رئيساً لمجلس الوزراء الا بالتوافق وليس بالقانون، لأنّ الدولة اللبنانية الحديثة مع انتهاء الانتداب الفرنسي عام 1943 اتفق مسلمو البلاد ومسيحيوها على ما أطلق عليه «الميثاق الوطني»، وهو اتفاق غير مكتوب لتوزيع السلطات، ولا يزال هذا العرف الميثاقي سارياً الى اليوم رغم آلاف العثرات والأزمات والحروب الأهلية عنواناً للتعايش الإسلامي المسيحي.
وما على الرؤوس الحامية الا أن تنزل عن الشجرة لأن لا شيء يتمّ في لبنان إلا بالتوافق، وهو ما يدعو اليه الرئيس بري، وهو بذلك يوفر علينا تدخل الخارج كما حصل مع انتخاب ثلاثة عشر رئيساً منذ العام 1943.
ومرة جديدة أعود للقول إنه في سنة 1926 وضع دستور للجمهورية اللبنانية بإشراف لجنة من رجال الفكر والسياسة كان على رأسهم ميشال شيحا الذي ما ان فرغ من وضع مسودة الدستور وقراءتها حتى استطرد قائلاً «هذا دستور لبنان المكتوب، أما دستوره الحقيقي غير المكتوب فهو أن لبنان لا يحكم إلا بالتسويات وأنصاف الحلول»…
والنصيحة لأصحاب الرؤوس الحامية بالمثل اللبناني العامي الذي يقول: حتى تستريح قول كلّ شي مليح…
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي