هادي نصرالله اختار المقاومة والشهادة
في مثل هذا اليوم كان حدث كبير يهزّ وجدان الكثير من اللبنانيين والعرب وأحرار العالم، مع انتشار نبأ استشهاد الشاب هادي نصرالله نجل الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، في عملية مواجهة مباشرة بين المقاومة وجيش الاحتلال في جنوب لبنان. والحدث غير مسبوق، بأن يكون نجل المسؤول الأول في أحد الأحزاب على خطوط القتال الحقيقيّة المباشرة مثله مثل أي من شباب المقاومة، ثم أن يُستشهَد، وما أضاف مسحة استثنائية إلى اللحظة، هو ما ظهر تباعاً من أن السيد نصرالله رفض المفاوضة على جثمان نجله الشهيد الذي استولى عليه جيش الاحتلال، وربط مصيره بعملية تبادل تتضمن جثامين شهداء المقاومة ومنهم نجله دون أي تمييز بينهم، بل إن ظهور السيد نصرالله برباطة جأشه واحتسابه وتسليمه، وتعامله مع الحدث بافتخار الانتساب الى أسر الشهداء أطلق موجة عاطفية نفسية هائلة لصالح المقاومة وقائدها والنموذج الأخلاقي المتميز والمغاير الذي حملته إلى المجتمع.
تعامل البعض من موقع التقدير والإعجاب بموقف السيد نصرالله، وفق معادلة أن قادة المقاومة يرسلون أبناءهم الى القتال، أو أنهم يقدّمون أبناءهم شهداء، بينما سائر المسؤولين والقادة يرسلون أبناء الآخرين للقتال والموت، ويرسلون أبناءهم الى اماكن الأمان والرفاه، والمقارنة التي تريد إنصاف قادة المقاومة ظلمت الشهداء. فالجيل الثاني في المقاومة، وهو جيل الأبناء سواء هادي نصرالله أو جهاد مغنية، هو جيل قادة لم يرسلهم أباؤهم الى القتال، ولم يختاروا لهم الشهادة، فهؤلاء ذهبوا بإرادتهم وكامل وعيهم ويقينهم بالقضية التي انتسبوا إليها، ليس إكراماً لآبائهم أو إرضاء لهم، وفي غالب الأحيان دون تنسيق معهم، ولو أنه يُحسَب للأباء مصداقية التزامهم بخيار المقاومة لجهة خلق مناخ ثقافي ونفسي في عائلاتهم هو المناخ نفسه الذي سعوا إلى خلقه في المجتمع، ومنه تدرّج أبناؤهم في طريقهم نحو الانتماء والالتزام، فالقتال والاستشهاد. والأكيد أن المراحل التي تلت الانتماء والالتزام لم تكن منسّقة مع الآباء، بل إن استشهاد الأبناء في مواقع القتال فاجأ الآباء.
من حق شهداء الجيل الثاني من المقاومين، جيل الأبناء، والجيل الثالث جيل الأحفاد، ومنهم قادة وشهداء أن يُحتسب له الفضل بالخيارات التي اتخذها بكامل الوعي واليقين والإيمان، دون أن ينتقص هذا من عظمة وكبر مواقف الآباء الذين كانوا مخلصين لمبادئهم فلم يسعوا لتحييد أبنائهم عن ساحات القتال، وخنادق الشهادة.
التعليق السياسي