«مربع الحياة» للدكتورة الفنانة خولة طفيلي الانعكاس الساحر الذي يشبه تفاصيل يومياتنا
عبير حمدان
تخاطبك اللوحات التي تشع ببريقها داخل قاعة في مقر مجلس بعلبك الثقافي، حيث اختصرت ريشة الدكتورة الفنانة خولة الطفيلي واقع الحياة على إيقاع الالوان التي تشكل أدق التفاصيل اليومية بجمالياتها وصفاء مكنوناتها.
تتلقف العين الانعكاس الساحر فلا حاجة لكي نصوغ حواراً مع د.الطفيلي لكون كل لوحة نسجتها تخبرك عنها وكأنها روح محلقة في فضاء المكان بعيداً عن الخوض في تنقية الأسلوب وتعقيداتها.
قدّمت الفنانة مخزون «مربع الحياة» في بعلبك الذي لا ينفصل عن جمالية بلادنا بحيث يجوز التأويل في قراءة التفاصيل لتبدو المدينة التي تختصر التاريخ بناسها وجغرافيتها صورة عن محيطها الكبير؛ فلوحة بائع الكتب تأخذنا الى بغداد، وفي ركن ثانٍ من المعرض طاولة الزهر وعازفو الموسيقى تشبه شوارع الشام، إذا هو خيط متصل يؤكد أن الحدود لا تلغي حقيقة الترابط بين المدن وشخوصها وعاداتها.
اختارت د.الطفيلي التحليق الى المدى الرحب من رحم بيئتها بكل ما فيها من خصوصية مجتمعية بمنأى عن سلبيات العوالم الافتراضية والتطور الفارغ، لعل عبق القهوة في لوحاتها الصغيرة يروي أحاديث الصباح والمساء، وكذلك تنسج ماكينة الخياطة زياً مطرزا بالفرح والبساطة الراقية.
حاضرة هي حكايا الأمسيات ووهج الحنين إلى دفء البيوت العتيقة بما تضمّه من «حلقات» مزركشة، وكذلك بائع الكعك، وقارئ الجريدة، وباقات الورد عند زاوية الرصيف تضمها اليد التي لا تتعب تحت وطأة العمر طالما أن صاحبها قادر على العطاء والرضى بما تيسّر.
نضرة فاكهة الأقمشة بلا إضافات ومواد حافظة تعيدك الى أيام الخير والبركة بمنأى عن التعليب وسرعة العصر.
«مربع الحياة» الذي قدمته لنا الدكتورة خولة الطفيلي يضج بالفرح والأصالة والتراث والحب والوجع والتلقائية وثقافة التمسك بالجذور والانتماء إلى بيئة مشعة وولاّدة وخلاّقة، حيث إن الإبداع يقترن بالخصوصيّة والتميز وليس بالكونيّة المستنسخة بوتيرة واحدة.
قد لا يكفي مقال للإحاطة بمربعات د. الطفيلي لكون كل تفصيل في لوحاتها يؤسس لنصوص كثيرة، ولكن يمكن اختصار الريشة واللون بالانعكاس الساحر الذي يشبه تفاصيل يومياتنا.