بري يتدخّل في عين الحلوة: تخلّي فتح عن الحسم العسكري وضغط حماس لتسليم المطلوبين لودريان والبخاري يؤكدان التنسيق الفرنسي السعودي على دعم مبادرة الحوار طريقاً وحيداً لقاء النواب السنّة ميني حوار: 22 نائباً من كل الاتجاهات السياسيّة يختبرون مناقشة الخيارات
} كتب المحرّر السياسيّ
ثبت وقف إطلاق النار في مخيم عين الحلوة مع خروق محدودة، بعدما تدخل رئيس مجلس النواب نبيه بري لمنع تفاقم الأوضاع بعد ظهور خلاف حركة فتح وحركة حماس، وتبادل الاتهامات حول تعطيل تنفيذ الاتفاقات، حيث اعتبرت حماس أن فتح تسعى للحسم العسكري ولا تريد وقف النار، بينما اعتبرت فتح أن حماس تريد وقف النار ومنع الحسم بوجه الجماعات الإسلامية التي تحمي المطلوبين في اغتيال اللواء أبو أشرف العرموشي، دون ربط ذلك بتسليم المطلوبين. وجاء تدخل بري على قاعدة مطالبة فتح التي استشعرت تفوّقها العسكري بالتخلي عن خيار الحسم العسكري، مقابل مطالبة حماس بوضع ثقلها للضغط لتسليم المطلوبين.
في الملف الرئاسيّ ظهر أن الحديث عن انتقال الملف من يد المبعوث الرئاسي الفرنسي جان ايف لودريان الى يد الموفد القطري، بدعم سعودي، مجرد شائعات لها وظيفة سياسية يرادفها الترويج لمقولة سقوط ترشيح الوزير السابق سليمان فرنجية، وفق معادلة سحب المرشحَين سليمان فرنجية وجهاد أزعور من التداول، بينما بدا في اللقاء الذي شهدته السفارة السعودية وحضره المبعوث الفرنسي بدعوة من السفير السعودي وليد البخاري وبمشاركة المفتي عبد اللطيف دريان و22 نائباً من الطائفة السنية من كل الاتجاهات السياسية، أن الموقفين الفرنسي والسعودي على توافق تام حول مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري للحوار والجلسات الانتخابية، وان لا بديل عنها، وأن التشاور والحوار يجب أن يقوم لإنتاج تفاهم على اسم مرشح أو أكثر. ويؤكد مشاركون في الحوار أن اللقاء لم يشهد ذكراً لأسماء المرشحين، وأن لا صحة لما قيل عن كلام منسوب للمبعوث الفرنسي حول سقوط ترشيح فرنجية، في محاولة للإيحاء بأن كفة ترشيح قائد الجيش العماد جوزف عون يتقدّم. ورأت مصادر نيابية في لقاء السفارة خطوة مهمة لتظهير المواقف الخارجية والزخم الذي ظهر فرنسياً وسعودياً لصالح مبادرة الحوار من جهة، واختبار لخيار الحوار على مستوى نموذج مصغّر لتجمع نيابي يمثل كل الاتجاهات السياسية، رغم انتماء الحضور لطائفة واحدة، وقد شهد اللقاء نقاشاً بين المشاركين، وأظهر النقاش أن كفة الحوار ترجح وأن لا بدائل يمكن طرحها خارج هذه المبادرة.
وواصل الموفد الفرنسيّ جان إيف لودريان جولته على المسؤولين والقيادات اللبنانية، واستهلّ زياراته من بكركي، حيث التقى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الذي أكد لضيفه أن «انتخاب رئيس للجمهورية هو المدخل الحصريّ لانتظام عمل المؤسسات الدستورية.»
كما التقى لودريان الأمين العام لحزب الطاشناق رئيس كتلة نوّاب الأرمن النائب هاغوب بقرادونيان، حيث دار النقاش حول نتائج محادثات لودريان مع الأطراف السياسية حول انتخاب رئيس للجمهورية. وأشار بيان للطاشناق الى أن «النقاش كان مثمرًا وإيجابيًا، حيث تمّ التشديد على ضرورة استكمال الاتّصالات والمناقشات مع الأطراف اللبنانية والعمل على الابتعاد عن وضع الشروط وعن الخطابات ذات السقف العالي للوصول إلى انتخاب رئيس توافقي، كمدخل أساسيّ لبدء العمل في حلّ الأزمة الراهنة في البلاد».
وبعد اللقاء الذي جمع رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد بقائد الجيش العماد جوزاف عون في أحد المناسبات، الأسبوع الماضي، أفيد عن لقاء عقد في بنشعي بين النائب رعد ورئيس تيار المردة الوزير السابق سليمان فرنجية، وجرى البحث بآخر المستجدات والملف الرئاسي.
ولفتت أوساط مطلعة لـ»البناء» الى أن «اللقاء جاء في إطار التنسيق بين الحزب والوزير فرنجية، وللتأكيد على تمسك حزب الله كما حركة أمل بدعم ترشيح فرنجية في ظل الحديث عن خيارات أخرى ومرشحين توافقيين كقائد الجيش لا سيما بعد لقاء الأخير مع النائب رعد، حيث جرى تحميل اللقاء أكثر مما يحتمل». وأوضحت الأوساط أن «الملف الرئاسي لا يزال يلفه الغموض بانتظار ظهور نتائج زيارة لودريان وتظهير مواقف الكتل النيابية من الحوار الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري ولقاء التقييم بين لودريان والرئيس بري، وبالتالي ظروف انتخاب رئيس الجمهورية الداخلية والخارجية لم تنضج بعد». وشدّدت على أن «زيارة لودريان لم تحمل أي جديد سوى حشد الدعم النيابي لمبادرة الرئيس بري، كما أن لودريان لم يأتِ كممثل عن اللجنة الخماسية بل هناك آراء عدة داخل اللجنة الخماسية».
وتشير أجواء عين التينة لـ»البناء» الى أن «الرئيس بري سيقيم نتائج جولة لودريان وحصيلة الاجتماعات بين الكتل النيابية والمشاورات بين القوى السياسية ويترقب بيان اللجنة الخماسية الثلاثاء المقبل ليبني على الشيء مقتضاه»، مرجّحة أن «لا تكون دعوة بري للحوار قريبة وربما تؤجل الى الشهر المقبل».
ولفت نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، إلى أنني «لستُ مقتنعاً بأن الحوار قريب، وإذا لم ينعقد الحوار هذا الشهر، فالوضع يصبح بالطبع أصعب»، مشيراً الى أن «هناك نقاشاً جدياً بموضوع اللامركزية الإدارية المالية الموسّعة، ولا أعتقد أن هذه المسألة لا يمكن التفاهم عليها. فالجميع يريدها، وهناك قبول للتشاور بالموضوع من الثنائي الشيعي».
وفي حديث تلفزيونيّ إلى أنني «حاولت خلال جولتي على جميع الفرقاء أن أحثّ الجميع على الجلوس والتحاور لإيجاد السبيل نحو الحلّ ورسالة السفارة الفرنسية كانت مبهمة نوعاً ما، والفرنسيّ أخطأ من حيث الشكل بانتقاء عدد معين من الزملاء من دون سواهم»، وكشف أنّ «حالياً لا شيء جدياً بمسألة وصول قائد الجيش جوزاف عون إلى الرئاسة لسبب بسيط ان أي رئيس منتخب يجب ان يأخذ موافقة حزب الله وامل، وان يعطي ضمانات للحزب حول ما موقفه من سلاح حزب الله، كما بالبيان الوزاري والبند المتعلق بسلاح الحزب».
وأوضح أن «قائد الجيش قال لي أنا لست مرشحاً ولا أريد رئاسة الجمهورية، وبما أنه بات اليوم يريد ذلك فسأتعاطى معه كمرشح رئاسيّ وفي حال ترشح عون سأنتخب بورقة بيضاء لأنني أريد رئيساً لديه مواقف واضحة فهو مثلاً لم يضبط الحدود كما يجب وحصل تسييس بالملف».
بدوره، أشار عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور، إلى أن «هناك محاولة جدية تجري لانتخاب رئيس»، آملاً في «أن تتوصل هذه المحاولة الى نتيجة»، مؤكداً أن «وليد جنبلاط ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب تيمور جنبلاط لن يدخرا جهداً في المساعدة للوصول إلى نتيجة».
وأضاف: «الكرة الآن في ملعب القوى السياسية الداخلية، فعليها أن تتواضع بعض الشيء في شروطها ومطالبها للوصول إلى انتخاب رئيس، وأن تعطي هذه المحاولة الجدية كل إمكانات النجاح للوصول، كما قلت، الى انتخاب رئيس، ثم الوصول الى خطة الإنقاذ الاقتصادي والاجتماعي».
وبرزت الخلوة التي عقدت في دارة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري في اليرزة وضمت مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبد اللطيف دريان والموفد الفرنسي جان ايف لودريان والسفير الفرنسي هيرفيه غارو والسفير البخاري، دامت نصف ساعة، انتقلوا بعدها الى الصالة الكبرى، حيث كان النواب السنة بانتظارهم.
وغاب عن الاجتماع النواب: ابراهيم منيمنة، اسامة سعد، جهاد الصمد، ينال الصلح، ملحم الحجيري وحليمة القعقور.
وفيما أكد السفير السعودي أن «اللقاء هو تعزيز للوحدة والتضامن بين الجميع»، شدّد المفتي دريان على أن «النواب المسلمين من أهل السنة حريصون على إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ولم يقاطعوا أي جلسة انتخاب، ويؤكدون ويسعون إلى الإسراع في انتخاب رئيس جامع، وقال لا جمهورية بدون رئيس للجمهورية، ونحن والحاضرون متمسكون بالدستور وباتفاق الطائف وتطبيقه كاملاً، وهم من المنادين بالعيش المشترك ويصرون على مواقفهم الثابتة في تحقيق الإصلاحات، ويقدرون عمل اللجنة الخماسية ومساعيها للخروج من هذه الأزمة».
وأكد «أهمية مضامين ومرتكزات بيان الدوحة الصادر عن اللجنة الخماسية، وأن انتخاب رئيس للجمهورية ليس كل الحل، بل هو المدخل لجميع الحلول، ودار الفتوى تؤكد ما ورد من مواصفات لرئيس الجمهورية الذي يجب أن ينتخب على أساسها والواردة في بيانها الصادر منذ عام تقريباً بعد الاجتماع الذي عقد مع النواب المسلمين من اهل السنة في دار الفتوى للخروج بموقف موحد من هذا الموضوع». أضاف: «ينبغي التوافق على الحوار، ولا مانع لدينا من حوارات سريعة للتوصل الى تفاهمات».
بدوره دعا المبعوث الفرنسي إلى «أهمية إنجاز الإصلاحات لتعافي لبنان من وضعه الاقتصادي والاجتماعي والمعيشي»، ورأى أن «الشغور في مؤسسات الدولة يشلّ الدولة، وان انتخاب الرئيس لا يشكل حلا بل هو شرط أساسي للحل، وفرنسا والسعودية تعملان يداً بيد من أجل لبنان ونهوضه، والمساعي التي تقومان بها مع اللجنة الخماسية نأمل ان تثمر وتحقق النجاح».
في سياق ذلك، استقبل البخاري سفير قطر الجديد لدى لبنان الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني. واستعرض اللقاء آخر تطوّرات الأوضاع على الساحة اللبنانية لا سيما الملف الرئاسي اللبناني وضرورة إنجازه ليعود لبنان بلداً فاعلاً في محيطه العربي والإقليمي إضافة إلى بحث عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك.
على صعيد موازٍ، زارت السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا بكركي واجتمعت الى البطريرك الراعي الذي يسافر الى اوستراليا. وقالت شيا على الأثر «إن استمرار الوضع على ما هو عليه سيزيد الأمور تعقيداً وخطورة».
في غضون ذلك، دخل قرار اتفاق وقف إطلاق النار الجديد في مخيم عين الحلوة، والذي تم التوصل اليه في الاجتماعين اللذين عقدهما الرئيس بري مع كل من عزام الأحمد وموسى ابو مرزوق، حيز التنفيذ عند السادسة من مساء أمس.
وكان المخيم شهد هدوءاً تاماً على كافة محاور القتال، باستثناء بعض الرشقات التي سمعت أثناء تشييع ضحايا اشتباكات أمس الأول في جبانة سيروب.
وحذرت مصادر نيابية وسياسية من تمدّد المواجهات الى خارج المخيم والى المخيمات الفلسطينية لا سيما في مخيمات الشمال.
وكان الرئيس برّي استقبل في عين التينة، عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق على رأس وفد قيادي من حركة حماس. وقال الأخير «موقفنا إدانة كل الاشتباكات ووقف إطلاق النار فوراً وتحريم الاقتتال الفلسطيني – الفلسطيني وأي عمل داخل الموضوع الفلسطيني يجب أن يكون بالحوار والتوافق والتفاهم». وتابع «اليوم نجمع مقاتلين من أجل أن يقتتلوا وظهورهم لفلسطين لكن وجوههم الى أين لا أدري؟ المفروض أن يتوقف هذا الأمر فوراً».
أما عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية عزام الأحمد فقال من عين التينة: «إن مخيم عين الحلوة يتعرّض لمؤامرة».
وتفقد قائد الجيش العماد جوزف عون لواء المشاة الأول حيث زار قيادة اللواء في ثكنة محمد زغيب – صيدا واجتمع بالضباط والعسكريين واستمع إلى إيجاز حول المهمات المنفذة في ظل الاشتباكات الدائرة داخل مخيم عين الحلوة. ونوّه العماد عون بـ»صمود العناصر واحترافهم وتضحياتهم في أداء الواجب، خاصة خلال الظروف الاستثنائية الحالية في قطاع مسؤولية اللواء».
على صعيد أمني آخر، أعلنت قيادة الجيش أنه «وفي إطار مكافحة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، وبعد توافر معلومات لدى مديرية المخابرات عن قيام المواطنَين (ع.ع.) و(ق.ع.) بالتحضير لعملية تهريب أشخاص عبر البحر بواسطة مركب في مرفأ العبدة – طرابلس، دهمت دورية من المديرية منزل الأخير حيث أوقفت 48 سوريًّا كانوا يتحضرون للهجرة بطريقة غير شرعية عبر البحر. كما تمّ ضبط المركب المذكور».