توتر الفريق المعارض للحوار
} عمر عبد القادر غندور
فيما انتهت الجولة المتجددة للمبعوث الفرنسي لودريان الى لبنان واجتماعه الى جميع الأطراف، ومحاولة استقراء ما أسفرت عنه هذه الجولة، يتضح انّ المعارضة الرافضة للحوار والتحاور والقبول بدعوة الرئيس بري للحوار تمهيداً لانتخاب رئيس عتيد للجمهورية، ضاعفت وتشدّدت وتمنّعت في رفضها للحوار واعتبرته مضيعة للوقت وتذاكياً على من يرفضون الحوار، حتى انّ أحد النواب الجدد قال في تصريح تلفزيوني إنه يحب كرة القدم وإنه يشبّه حالة الانقسام الراهنة بفريقين نزلا الى الملعب وانّ أحد الفريقين يحمل عصياً ثم يطلب من الحكم أن يعلن بدء المباراة!
وهو بذلك يعبّر انّ الفريق الذي يحمل العصي هو الفريق الذي يدعو الى الحوار، وانّ الفريق الآخر الذي يرفض الحوار، هو الفريق الملائكي الذي يريد الانتخاب!
مثل هذا الموقف الافتراضي السخيف، الى جانب تصريحات أخرى من ذات الفريق، لكنها أكثر اتزاناً وتعبيراً ودقة، تشي بأنّ المبعوث الفرنسي بتكليف من اللجنة الخماسية تأكد من هو الفريق الذي يعطل انتخاب الرئيس بحجة رفضه للحوار والتحاور والتفاهم بذريعة «من جرّب المجرّب كان عقله مخرّب».
لذلك نرى هذا التصعيد من ذلك الفريق الذي يركب رأسه ويتوهّم انّ باستطاعته كسر إرادة غالبية الشعب اللبناني عبر ممثليه في المجلس النيابي، وهذا ما لمسه المبعوث الفرنسي لودريان، وهو ما يرفضه البطريرك الماروني بشارة الراعي الذي رحّب بالحوار وبمبادرة الرئيس بري، وكذلك الفاتيكان، وأيضاً العقلاء في كلّ المذاهب والطوائف…
رغم كثرة التجارب التي مرّ بها لبنان منذ الاستقلال 1943 وليس آخرها الأزمة التي نعيش، يصرّ اابعض على انتخاب الرئيس ولو عبر جلسات متتابعة، ولا يمتلك ايّ من الفريقين القدرة على انتخاب رئيس من دون الحوار والتفاهم مع الفريق الآخر، ولذلك ستبقى الأمور معلقة ومعطلة تقنياً لغياب التلاقي بالحدّ السياسي الأدنى.
ولا تعتبر الحالة المزرية التي نعيشها اليوم حالة استثنائية لأنّ الانتخابات الرئاسية كانت دائماً موضع تجاذب دولي، وكان الدور اللبناني يتلاشى ويصغر مع الأزمات لكنه لم يكن في يوم من الأيام قراراً لبنانياً صرفاً بقدر ما كان اسم الرئيس يعكس توازنات المنطقة، وينبغي على المتجدّدين على السياسة اللبنانية ان يقرأوا التاريخ منذ اشتعال الفتنة الطائفية الأولى عام 1860 والمذابح بين الموحدين الدروز والمسيحيين ثم تغيّرت المعايير في الدول الأوروبية تحت عنوان «حماية الطوائف»، ثم دخلت فرنسا فأصبحت الراعي الأساسي للوضع اللبناني، ثم كان التدخل البريطاني العربي المشترك 1958، ثم الدور السوري في نهاية عهد الرئيس سليمان فرنجية الجدّ، ثم دخلت «إسرائيل» الهيئة الناخبة عندما دفعت بجيشها عام 1982 ونظمت انتخابات رئاسية لبنانية بحراسة دباباتها أسفرت عن وصول حليفها رئيس القوات اللبنانية بشير الجميّل، ثم عاد النفوذ السوري بتفاهم مع السعودية والولايات المتحدة واستمرّ حتى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري 2005.
خلاصة هذا العرض، وفي ضوء الستاتيكو الراهن لا سبيل للخروج من أزمتنا إلا بالتوافق والتفاهم بين الجميع لتغليب العقل الوطني وليس أيّ شيء آخر غير التوافق وفتح صفحة جديدة مع جميع المكونات.
إذا أردنا بقاء لبنان وديمومته.
*رئيس اللقاء الإسلامي الوحدوي