واجباتنا الوطنية من ماك كندر الى فوتيل
} رودولف القارح
نشرت الزميلة «الأخبار» تقريراً لسفارة عربية ألقى الضوء على الدور الأميركي في ما يدور حول مخيم عين الحلوة.
في هذا السياق من المفيد التذكير بما يلي…
أولاً، لقد تمّ التنبُّه والتنبيه لخطورة «إدارة» مسألة المخيمات منذ اتفاقية اوسلو المشؤومة، وأُعيد التأكيد منذ ذلك الحين انّ حقّ العودة يقع في صلب الدفاع عن القضية الفلسطينية، وانّ العدو الإسرائيلي
سيعمل قبل ايّ شيء آخر على إزالة المخيمات من الوجود لما تمثله في جوهر القضية، ايّ في مسألة الاحتلال الاستعماري للأرض الفلسطينية، وطرد شعبها (مع جميع ممارسات الإنكار المعروفة)، واستبدال الشعب الفلسطيني بكتل بشرية تمّ تجميعها من أصقاع المعمورة (بألف ذريعة وحجة؛ نذكر منها لفظاعتها اللااخلاقية اتفاقية – هاعفاراه – بين النازيين في ألمانيا والحركة الصهيونية)، و»ادْلَجَة» هذه الكتل المجَمّعة، من خلال تربيتها، و»تثقيفها» و»قولبتها» بالارتكاز الى اختراع رواية خرافية لـ «تأريخ» مزيّف ومزوّر عابر للزمن، وخارج ايّ منطق وعقل، تحت مقولة «شعب (أيّ شعب؟) بلا أرض لأرض بلا شعب».
وتخصّص المؤسسات الصهيونية شهر نيسان من كلّ سنة لهذا الاعداد ولهذه «القولبة الذهنية» والايديولوجية لتلقين الخرافة المذكورة المبنية على خط بياني «مستقيم» ينطلق مما يسمّى «خروج موسى من مصر وصولا الى الدولة اليهودية»…
نذكّر أيضاً باختصار بما قاله يومها بوقاحة شيمون بيريس «من أنهم (الصهاينة) على استعداد «للمساعدة» على إنهاء وجود المخيمات على أساس «أننا أصحاب خبرة واسعة في عمليات الترانسفير أيّ الإجلاء والتبديل البشري والديمغرافي (كذا!).
نذكر أيضاً، وبالمناسبة، بالتناغم والتخادم بين «الايديولوجيا الأميركية» المؤسَّسَة، والمؤسِّسَة، على إبادة الشعوب الأصلية، تناغمها والايديولوجيا الصهيونية.
ثانياً، أما الأهمّ، وفي هذا الظرف بالذات، فهو ان نعي انّ مُجمل حركة الولايات المتحدة في لبنان والمنطقة يدور، أولاً وأخيراً، حول حماية الكيان الصهيوني ودوره في الهيمنة والتسلط.
تستكمل الحركة الأميركية الدينامية التي أطلقتها الكتلة الانكلوسكسونية منذ قرار إنشاء الكيان، وقبل الإعلان عنه بلسان (وعد) لورد بلفور، على يد وتخطيط لورد هالفورد ماك كندر، مؤسّس مدرسة الجغرافيا السياسية البريطانية، وتثبيت المشروع الصهيوني خلال مؤتمر المحكوميات الانكلوسكسونية (دومينيونز) الذي نظمه رئيس وزراء بريطانيا آنذاك، هنري كاَمبل بانيرمان، سنة 1907. وقد عاد ماك كندر وفسّر الهدف الفعلي لإنشاء الكيان في رسالة لاحقة الى صديقه بلفور قائلاً انّ من «يتحكم بالتلّة» (ايّ بالقدس) يتحكم بمفاصل الطرقات بين آسيا وأفريقيا وأوروبا.
أما خرافة «مشروع ابراهام»، المستحدثة، فتقع في نفس الخانة والسياق.
ثالثاً، والأهمّ الأهمّ، ان نعي، وباختصار، انّ في موضوع هذه المشاريع التدميرية بالذات، لا مجال لأيّ أحد اعتماد سياسة الضبابية والالتباس على طريقة «إجر بالبور وإجر بالفلاحة»،
وان لا مجال للتذاكي، لأنّ *صراعنا مع الكيان الصهيومي وجودي* (نعم) وليس ايديولوجياً، وانّ الحدّ الأدنى المطلوب في الموقف الراسخ، ومنعاً لأيّ اتهام سخيف بالعنصرية من قبل المأجورين على أنواعهم والسُّذّج على أشكالهم،
هو الإعلان وبكلّ وضوح عن التمسك بحق العودة والقرار 194 وبكلّ القرارات ذات الصلة الخاصة بالقضية الفلسطينية،
كما التمسك بالقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة كمرجعية (أقول الميثاق، بصرف النظر عن ممارسات المنظمة الأممية وأطقمها)، والعمل على أن يكون هذا الموقف، وبكلّ وضوح، الموقف الرسمي للدولة اللبنانية مع إخراج المسألة من البازار السياسي الداخلي، بسبب التهديد الوجودي الذي يمثله الكيان على لبنان، وعلى دول المنطقة الشقيقة تحديداً.
الموقف الواضح والثابت هذا، هو الذي يحمي لبنان ويحمي فلسطين في آن.
أما قاعدة هذا الموقف وركيزته الأساسية ومصدر قوته فلن نكلّ أو نملّ في القول إنها تكمن، في جوهرها، في ما اصبح معتمداً تحت اسم *الثلاثية الذهبية* ايّ اللُّحمة بين الجيش والشعب والمقاومة.
هنا تكمُن الترجمة العملية لمفاهيم السيادة والاستقلال والكرامة، والشرف والتضحية والوفاء.
وقد رأينا مفاعيل هذه اللحمة في الأسابيع والأشهر الماضية على الحدود مع فلسطين المحتلة،
والمهمة، والواجب الوطني هو العمل على توطيد هذه اللحمة وترجمتها على كافة الصُعُد.