أولى

ابن سلمان يبتز الأميركان في لحظة تشابك المصالح واضطراب أمن الطاقة والمعلومات

‭}‬ محمد صادق الحسيني
ثمة أمر يطفو على السطح، في الآونة الأخيرة صعوداً ونزولاً، يتعلق بمدى متانة العلاقة بين مجموعة ابن سلمان الحاكمة في الرياض منذ انقلابه على السياسة التقليدية السعودية المعروفة، وبين إدارة بايدن المتذمّرة منه، لكنها التي لا تريد التفريط حتى لا تتلقفه روسيا أو الصين او كلتاهما…!
الأمر الذي يتكرّر أخيراً في الأنباء المقبلة من وراء الكواليس، بأنّ ثمة برودة في العلاقة بين ابن سلمان وإدارة بايدن، لكنهما لا يتردّدان في إبقاء التخادم المشترك بينهما، دفاعاً عن مصلحتين مشتركتين:
أمن اليهود… وأمن الطاقة…
وفي هذا السياق، تظهر دوماً وقائع ومعطيات تدفع في هذا الاتجاه مرة، وأخرى في الاتجاه الآخر.
فقد نشر موقع : Middle East Eye موضوعاً، منقولاً عن صحيفة وول ستريت جورنال / WSJ / الأميركية، بتاريخ 14/9/2023 حول عقد تسلم سعودي، مع شركة: رايثيون / Raytheon / التي تغيّر اسمها الى اسم: RTX / Raytheon Technologies Corporation /،
وأهمّ ما جاءنا من الموضوع هو التالي:
1 ـ إنّ سبب فسخ الشركة الأميركية لعقد التسلح الضخم، الذي وصلت قيمته الإجمالية الى خمسة وعشرين مليار دولار (25 مليارا)، هو وجود تعاون بين شركة: «سكوبا / Scopa / السعودية، الموقعة على العقد، وبين شركات روسية وصينية خاضعة للعقوبات».
2 ـ كان من المفترض، حسب العقد الموقع، ان يتمّ إنشاء صناعة رادارات وأنظمة دفاعية أخرى، في السعودية، قادرة على التصدي للهجمات، التي قد تتعرّض لها السعودية، بالصواريخ الباليستية والمسيّرات.
3 ـ إلا أنّ قيام صاحب الشركة السعودية، محمد العجلان، بإنشاء شركتين فرعيتين لشركته المذكورة أعلاه، وهما :
ـ شركة تال ميليتاري إندَستريز / Tal Military Industries وشركة: سيفا ميليتاري إندستريز / Sepha Military Industries /، وقام بتعيين رئيس روسي للشركه الأولى ورئيس صيني للشركة الثانية، ليتبين لاحقاً أن شركة: سيفا السعودية كانت تجري مباحثات مع شركات روسية ومن روسيا البيضاء لبحث كيفية الالتفاف على العقوبات الأميركية.
4 ـ كما تبين (للجهات الأمنية والمالية الأميركية) أن شركتي: تال إندَستريز وسيڤا إندَستريز، اللتين تشاركان شركة سكوبا، العسكرية السعودية، خوادم الكمبيوتر (الذي يتيح للشركتين الوصول إلى المعلومات الموجودة في أنظمة الكمبيوتر التابعة للشركة السعودية الأم: سكوبا، التي كانت تحاول الوصول الى معلومات (عسكرية / صناعية) حساسة، من أنظمة شركة رايثيون الأميركية… (الأمر الذي يشكل خطراً بانتقال هذه المعلومات، عبر الشركات السعودية، الى كل من الصين وروسيا ودولة روسيا البيضاء).
5 ـ كما يتضح من وثيقة (لدى الجهات الأميركية ويبدو أن صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية قد اطلعت عليها) أن شركة سيفا السعودية قد بحثت، مع شركة : Russia’s Military & Co، تسويق ذخائر روسية، إضافة الى عربات مدرعة وأنظمة استطلاع وتتبع روسية ايضاً (على ما يبدو في السعوديه وغيرها).
كما بحثت الشركة السعودية المذكورة،. مع شركات روسية، إقامة مصانع لتجميع مروحيات قتالية وصناعة عربات مدرعة روسية في السعودية… حسب صحيفة وول ستريت جورنال.
6 ـ أنّ مسؤولاً أميركياً قد أبلغ الصحيفة (وول ستريت جورنال) بأن السفارة الأميركية، في الرياض، كانت تتابع كل هذه التحركات، التي كانت تقوم بها شركات العجيلان السعودية، مع الشركات الروسية المقاطعة.
وهي خطوات، على ما يبدو، تعبر عن محاولة سعودية للتوفيق بين علاقاتها مع الغرب، وتلك العلاقات المتنامية مع الصين وروسيا.
7 ـ وأضافت الصحيفة ان شركات صناعات عسكرية غربية أخرى قد حذت حذو شركة رايثيون الأميركية، وأقلعت عن التعاون مع السعودية، وذلك مثل شركة: بيريتَّا ديفينس تيكنولوجيز /Beretta Defense Technologies الإيطالية وشركة: فين كانتييري شيب بيلدَر ْ /Fincantieri shipbuilder SpA الايطالية لصناعة السفن.
تقييم أولي :
وعليه فإنّ أيّ متتبع حصيف عارف بطبيعة اتخاذ القرارت وصناعتها في مثل هذه البلدان بأن هذه الشركات الغربية، المرتبطة عادة، بشكل وثيق جداً، بالدولة العميقة في بلدانها، لا تتخذ قراراتها إلا بإيحاء من تلك الدولة، الامر الذي يعني أن السعودية (وبالتالي ابن سلمان) ليست محل ثقة.
وعليه فإننا نعتقد بأن ما تتناقله وسائل الإعلام، حول اقتراب التطبيع بين السعودية و»إسرائيل»، قد يكون ليس سوى حملة بروباغاندا، لصالح حملة جو بايدن الانتخابية، وأنها لن تسفر عن نتائج حقيقية سريعاً، وذلك لسببين إضافيين هما:
أ ـ أن مطالب السعودية، الأخرى غير الموضوع الفلسطيني، مثل اتفاقية الحماية العسكرية الاستراتيجية والقدرة النووية، لا يمكن، لا للإدارة الاميركية الحالية ولا غيرها، الموافقة عليها، ما يجعل كل هذه الحملة ليست أكثر من حملة تسويق إعلامية محدودة المفاعيل.
ب ـ ان لا حكومة نتن ياهو الحالية ولا اية حكومة اسرائيلية قادمة، يمينية ام غير يمينية، لديها الرغبة في إيجاد حلول مستدامة للقضية الفلسطينية (انهاء الاحتلال) وانما هم يسعون لحلول ترقيعية، يحافظون من خلالها على كيانهم وعلى استمرار الاحتلال لكل فلسطين، من خلال ما يطلقون عليه :
السلام الاقتصادي، الذي لن يكون قادراً على كسر ارادة الشعب الفلسطيني وتصميمه على تحقيق النصر الكامل بتحرير كلّ فلسطين، من النهر الى البحر.
بعدنا طيبين قولوا الله…

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى