أخيرة

آخر الكلام

أحمد شومان
و «الزمن الرديء»
‭}‬ الياس عشّي
من الأسماء التي تركت بصماتها على تجربتي الكتابية، ووضعتني أمام التحدّي والمواجهة وجهاً لوجه، هو اسم الكاتب والصحافي أحمد شومان الذي كنت انتظر افتتاحيته كلما صاح ديك «النهار».
وتمرّ السنوات، وتختفي زاوية «أحمد» من النهار، ولم أنسَه. كنت في حنين دائم إلى قلمه الذي شهَره في وجه الظلم والطغيان، غير آبه بتهديد يأتيه من هنا أو من هناك، طالما أنّ للحقيقة عنواناً واحداً هو: الحريةُ في أن تقول هي حقٌّ طبيعي مقدّس، تماماً كحق الحياة، ويستحيل أن يُسمح لـ «الآخر» بانتزاعهما من الفرد أو من الجماعة.
كتب يوسف الأشقر يقول:
«الزمن الرديء يطاردنا حتى الساعة. من قال إنّ الزمن الرديء مات؟ إنه حيٌّ يُرزق!
«الزمن الرديء، بطبيعته، يطارد من لا يسلّم بالرداءة ولها. فالرداءة اعتداء. كان أحمد شومان ضحية لاعتداءات الزمن الرديء ورجالاته».
«هذا وجه في القضية، حيث يبدو أحمد شومان ضحية بريئة. أما الوجه الآخر الحقيقي، فهو أنّ أحمد شومان لم يكن بريئاً، ولم يكن، في الغالب، ضحية».
«كان جلّاداً للزمن الرديء ورجالاته، طاردهم، وجلدهم مع كلّ طلعة شمس».
وماذا يمكن أن تضيف على ما قاله المفكّر والكاتب يوسف الأشقر في صيغة بلاغية بديعة هي صيغة «المدح في معرض الذمّ؟»
وينهي يوسف الأشقر كلامه عن أحمد شومان واضعاً النقاط على الحروف، بهذه الشهادة، إذ يقول:
«شرف الصحافة أن تكشف عن الحاضر بأمانة وشجاعة. وشرف أحمد شومان وفضله أنه، إلى أمانته وشجاعته، استطاع أن يستشرف. ولعلّ رؤيته الناقدة تعود إلى ثوابت المدرسة الفكرية والأخلاقية التي هي دليله منذ نصف قرن».
اليوم، وقد مرّت السنوات على غياب الصحافي الشجاع أحمد شومان، وغابت الكلمة النظيفة، وتآكلت في زواريب السفارات، أتمنّى أن نعود إلى زمن كان الناس ينتظرون بائع الصحف على شرفاتهم ليقرأوا أحمد شومان، وغيره ممن صنعوا مجد الحرية الورقية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى