عملاء العدوّ «الإسرائيلي»… سفراء ووكلاء بحماية القانون
} شوقي عواضة
ليس من الضّروري أن تحمل جوازاً ديبلوماسيّاً كي تحمي نفسك من الشّكوك التي تثار حولك! ولا داعي لأن تكون لديك حصانة ديبلوماسيّة تحميك وإنْ كنت عميلاً للعدو الصّهيونيّ! ففي لبنان يمكنك أن تكون جاسوساً برتبة أعلى من رتبة أيّ سفيرٍ ومحميّاً ومحصّناً بالقانون بحماية أكبر من أيّة حصانة ديبلوماسيّة!
في لبنان فقط بعض العملاء استقبلوا بصالون الشّرف مثل العميل عامر فاخوري (جزّار الخيام) وبعضهم كرّموا وكادت أن تعلق لهم الأوسمة التّقديرية على صدورهم! في لبنان تُمنع المحاكمة عن العملاء القتلة بموجب قانون مرور الزّمن الذي يخوّلك أن تكون عميلاً محميّاً بالقانون! ضمن حربٍ شرسةٍ مع العدوّ لم تنتهِ بانتصار المقاومة في عدوان تموز 2006 بل اتخذت أشكالاً متعدّدة من المواجهة منها الحرب الخفيّة التي تقودها الأجهزة الأمنيّة اللبنانيّة ومخابرات الجيش وفرع المعلومات وجهاز أمن المقاومة في حربٍ من أشرس الحروب التي يشنّها العدوّ ويسخر لها كلّ الإمكانيّات لتجنيد المزيد من العملاء للموساد في محاولةٍ لاختراق المقاومة.
فالعدوّ الذي نُكِّست راياته طوال سنوات المواجهة مع لبنان يحاول الدّخول إلى لبنان عبر شبكات الجواسيس وتجنيد العملاء من كافّة الاختصاصات والطّبقات الاجتماعيّة مستغلّاً الأوضاع الاقتصاديّة السّيّئة التي يمرّ بها لبنان.
وكما هُزم العدوّ في معاركه الميدانية لا يزال يراكم هزائمه في الحرب الاستخباريّة على أيدي ضبّاط وعناصر القوى الأمنيّة وأمن المقاومة الذين سجّلوا العديد من الانتصارات من خلال كشف المزيد من العملاء وتفكيك بعض الشّبكات في حربٍ عجز العدوّ الصّهيوني عن حسمها، وما كشفته وسائل الإعلام اللّبنانيّة مؤخّراً عن اعتقال عميلينِ في منطقة الجنوب وآخر من حركة حماس على أيدي رجال الأمن في لبنان ما هو إلّا دليلٌ على مدى شراسة هذه الحرب مع العدوّ الذي ما انفكّ يعمل جاهداً على توسيع إطار عمليّاته لتجنيد المزيد من العملاء وشبكات الجواسيس.
وبالرّغم من كلّ الجهد الذي تبذله الأجهزة الأمنيّة للدّفاع عن لبنان وحمايته من أطماع العدوّ تعمل أجهزة الاستخبارات الصّهيونيّة وفي مقدّمتها جهاز الموساد على إعادة تفعيل عمل العملاء السّابقين من عناصر وضبّاط العميل أنطوان لحد ضمن خطّةٍ مدروسةٍ ومحكمة عمد العدوّ إلى تنفيذها مع عودة كبير العملاء عامر فاخوري المعروف بجزّار الخيام عام 2019 حيث شهدت عودته حالة غضبٍ واستياءٍ من أهالي الشّهداء والأسرى والمعتقلين تمّ الإفراج عنه بسبب التّهديدات الأميركيّة الشّديدة وتراخي بعض المسؤولين الحريصين على مصالحهم مع الولايات المتحدة الأميركيّة التي حسمت سفارتها في بيروت الموضوع بالتّواطؤ مع بعض المسؤولين من خلال تهريبه إلى قبرص عبر طوافة عسكريّة ومنها إلى الولايات المتحدة متحدّية القضاء اللّبناني الذي أصدر قراراً بتوقيفه ينقض قرار الإفراج عنه. بالرّغم من أنّ جزّار الخيام كان مكلّفاً بمهامٍ أميركيّةٍ إسرائيليّةٍ جديدةٍ في لبنان بالتزامن مع اندلاع ما يُسمّى بثورة 17 تشرين الأول 2019، لكن وقوف هيئات الأسرى والمعتقلين وموقف أهالي الشّهداء الضّاغط الذي حوّل القضية إلى رأي عام حال دون بقائه لتنفيذ مهماته.
منذ ذلك الوقت وعملاء العدوّ الاسرائيليّ أصبحوا أكثر وقاحةً لا سيّما العملاء السّابقين من جيش العميل أنطوان لحد الذين تحوّلوا إلى سفراء ووكلاء للعدو الاسرائيليّ محميّين بالمادة 162 من قانون العقوبات اللّبناني التي تنصّ على أنّ مرور الزّمن يحول دون تنفيذ العقوبات وتدابير الاحتراز بحقّ أيّ محكومٍ بعقوبة من قبل القضاء اللّبنانيّ بموجب حكمٍ صادرٍ بحقّه. هذه المادّة التي تعطي حصانةً قويةً حتّى للعملاء الذين لم تتمّ محاكمتهم بالتعامل مع العدوّ الاسرائيليّ ولا بالجرائم التي ارتكبوها من قتلٍ وحجز حريّات واعتقال وتدمير منازل المواطنين إبّان الاحتلال لجنوب لبنان.
من أولئك العملاء العميل محمد كامل حجازي من بلدة عيترون. ذلك العميل القاتل الذي خضع لدورة أركان بإشراف هيئة الأركان في جيش العدوّ الاسرائيليّ استمرّت لسنةٍ ونصف السنة ليُعيَّن بعدها قائد فوج في جيش العميل أنطوان لحد حيث كان يقود أكبر عمليّات الاجتياح للقرى الجنوبيّة متباهياً بالتّنكيل بأبنائها واعتقالهم وقتل بعضهم، كما حصل في قريتي مركبة وبني حيان، حيث أقدم على قتل مختار بلدة بني حيان علي حسين جابر داخل منزله عام 1988 إضافةً إلى إقدامه على قتل المواطن علي محمد علي قشمر في بلدة مركبا والذي عانى لفترةٍ طويلةٍ من إصابته حتى رحيله. هذا العميل فرّ من الجنوب عام 1988 إلى الكيان الصّهيوني وعاش فترة هناك في خدمة أسياده الصّهاينة ثم سافر من مطار بن غوريون إلى أوستراليا، ليعود بعدها إلى لبنان منذ عام تقريباً دون أن يتمّ استدعاؤه من قبل الأجهزة الأمنيّة أو القضاء اللّبناني رغم عدم خضوعه لأيّة محاكمةٍ أو مساءلةٍ أو إصدار أيةّ مذكرة توقيفٍ بحقّه أو حكمٍ قضائيٍّ رغم قتله لمواطنين لبنانيين دون أيّ ذنبٍ لم يحاكم جنائيّاً بتهمة ارتكاب جرائم قتل مع ذلك يصرّ العميل محمد كامل حجازي على العودة من أوستراليا إلى لبنان محميّاً بالمادة 162 متناسياً جرائمه التي ارتكبها.
أمام ذلك لا بدّ من التذكير بأنّ مرور الزّمن لم يسقط أحزانَ الشّهداء ولا يُتْمَ أبنائهم ولا أنينَ أسراهُم المتربّصين عودة هذا العميل الخائن وعلى الأجهزة الأمنيّة والقضاء اللّبناني اتخاذ كافّة الإجراءات بحقّ ذلك الخائن والقاتل والمجرم. ولكي لا يتحوّل القانون إلى متراسٍ يحمي العملاء ويشجعهم على المضي بعمالتهم فإنّ المجلس النيابي مطالبٌ بتعديل تلك المادّة خاصّة في ما يخصّ عملاء العدوّ الاسرائيليّ. وعلى العميل محمد كامل حجازي وغيره من عملاء العدوّ أن يدركوا بأنّ عودتهم إلى لبنان لن تكون نزهةً على أنقاض الشّهداء والأسرى والجرحى، فبعد اليوم لا مكان بيننا لمن خانوا الوطن…