ماذا يحصل مع الأونروا؟
} أحمد سخنيني*
بعد أقلّ من شهرين على إعلان الأونروا البدء بتطبيق عملية التحقيق الأمني الفردي الرقمي على اللاجئين الفلسطينيين من سورية في لبنان، وعلى أن تشمل كافة اللاجئين الفلسطينيين في مراحل لاحقة، ضاربةً بعرض الحائط كل الاحتجاجات والاعتصامات المعترضة على العملية، والتي سلّمت إدارتها مذكرات رافضة حملت تواقيع مئات العائلات التي استشعرت الخطر والمخاوف من هذا المشروع الأمني.
وبعد أن تخلت المرجعيات الفلسطينية في لبنان عن رفض هذا المشروع ولم تعمل على إيقافه، واستغلت الأونروا الواقع الاقتصادي والمعيشي الهش وحاجة اللاجئين للمساعدة، فربطت إتمام عملية التحقق الفردي الرقمي ونجاحها باستلام المساعدة النقدية الزهيدة.
جاء إعلان الأونروا بتاريخ 18 أيلول 2023 ليغرس أنياب الحرمان ومخالب الفاقة في أجساد المئات من الأفراد غالبيتهم من الأطفال المشطوبين من قوائم المستفيدين، فحرمتهم بدلات الإيواء والغذاء في عقاب جماعي من منظمة أممية مفوضة دولياً للإغاثة والتشغيل، مفترضةً استفادتهم من منظمة دولية أخرى، دون التحقق من ذلك.
إنّ إدارة القصر العاجي للأونروا في بيروت، مفصولة عن واقع المخيمات وحياة الناس، تُعمّم افتراضات على اللاجئين وترتجل قرارات غير محسوبة العواقب فتكشف مدى ابتعادها عنهم وعن أوضاعهم ومعاناتهم، ولتستجيب بشكل هستيري للإملاءات والضغوط السياسية والمالية، فلا تلحظ ما تجرّه قراراتها من مصائب وويلات على عائلات وأطفال لا يوازي مصروفهم الشهري راتب ساعة واحدة لموظف دولي لدى الأونروا.
هذا ما حذرنا منه ورفعنا الصوت عالياً أمام كافة المرجعيات للعمل على رفض عملية التحقق الرقمي باعتبارها مشروعاً أمنياً يهدف للمزيد من العبث بالمكانة القانونية للاجئ وتعريفه، ولمزيد من التقليص في الخدمات وأعداد المستفيدين.
وهنا نسأل إدارة الأونروا في لبنان وننتظر من يُجيب:
أولاً: أليس من حقّ كل لاجئ مُسجل على قيود الأونروا الاستفادة من خدماتها وتقديماتها؟
ثانياً: على أيّ أساس اعتبرت الأونروا أنّ حمَلة الجنسية السورية جميعهم يستفيدون من تقديمات وكالة أخرى تابعة للأمم المتحدة؟ وهل تمّ اعتماد هذا الإجراء في كافة أقاليم عملها؟ ولمصلحة من هذا الشطب والخلط والعبث؟ وهل الحرمان من المساعدة النقدية مُقدّمة للحرمان المطلق من كافة الخدمات؟ وهل هذا الحرمان نتيجة من نتائج التحقيق الأمني الفردي الرقمي الذي أُجري بمقايضة بخسة مع استحقاق المساعدة؟ وهل قامت الأونروا بالتدقيق في استفادة المحرومين من مساعدتها النقدية مع المفوضية؟ مع العلم أنّ المفوضية لا تقدّم مساعدة مُستدامة لجميع السوريين، خاصة في حال عدم تواجد الأب الحامل للجنسية السورية في لبنان، فما ذنب حرمان مئات الأطفال غير المسجلين؟
ثالثاً: أليس من المُهين بعد هذا التقليص الواسع زيادة قيمة 10$ للعائلة؟ وهل من الإنسانية بمكان توفير مبالغ على حساب حرمان مستفيدين آخرين في هذه الظروف السوداوية؟
رابعاً: بأيّ حقّ تَحرم الأونروا الأمّ الفلسطينية المتزوجة من جنسية أخرى من حقها في شمول أسرتها بالمساعدة؟ أليس هذا انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية؟
خامساً: أليس من العار ربط المساعدة النقدية الزهيدة بإتمام عملية التحقق الرقمي؟
سادساً: بأيّ حق حرمت الأونروا المئات من الأفراد الذين فشلوا في إتمام عملية التحقيق الأمني الفردي الرقمي لأسباب لوجستية عديدة أو غير لوجستية عديدة.
لماذا الضغط النفسي والاجتماعي يأخذ مداه لأهداف أمنية. وبأيّ حق ينتظر هؤلاء المحرومون إجراء اتصال بهم من رئاسة الأونروا في عمّان لإعادتهم على قوائم المستفيدين مع العلم أنّ غالبيتهم العظمى من كبار السن وأصحاب الأمراض المُستعصية والذين لاحول لهم ولاقوة في إتمام اشتراطات وترتيبات التحقيق الأمني الفردي الرقمي المعقدة!
وأين إدارة الأونروا من إعلانها بتاريخ 27-8-2023 والمهلة الزمنية المعطاة لمدة أسبوعين من تاريخ 15 حتى 29 أيلول لمن لم يتمكن من إتمام التحقيق؟
سابعاً: بأيّ حقّ تحرم الأونروا وبشكل مُطلق لاجئين فلسطينيين مسجلين لديها دخلوا الأراضي اللبنانية بعد تاريخ 1 آب 2022؟
ما هذا التخبّط والخلط والاستقواء والتجرّؤ على أبسط حقوق اللاجئين وكرامتهم الإنسانية؟
في الختام لم يُكشف سر، ولم يُعلم غيب حين استشعر اللاجئون مخاطر المشروع الأمني المُحاك ضدهم، وكلنا ثقة أنّ الشعب الفلسطيني لن يرضى الإهانة بهذا الشكل، ولن يعدم الوسائل في ابتكار أشكال النضال لمواجهة المشاريع التصفوية وليحفظ حقوقه الوطنية كريماً أبياً عزيزاً منتصراً…
*قيادي في الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين